28-03-2016 10:04 AM
سرايا - سرايا - تناوب الشعراء: محمود فضيل التل، د. حربي المصري، وحسن البوريني، مساء أول من أمس، في الأمسية التي نظمها ملتقى إربد الثقافي بالتعاون مع منتدى عنجرة وملتقى المرأة، بالوقوف على أطلال الأمكنة الأولى في حياتهم، واستجلاء العلاقة الحميمة التي افتقدوها في زمن المتغيرات، ومحاولة إحيائها من جديد، واستنساخها من ذاكرة لم تعتد على ما وقع عليها من تغيّرات في البنية المادية والنفسية.
الأمسية التي أدار فعالياتها الناقد د. عبد الرحيم مراشدة، وأقيمت وسط حضور جماهيري لافت، استهلها الشاعر التل الذي قدّم بين يديّ قراءته سردا تفاعليا لذاكرته التي أصبحت كشريط حامل لكل منازل المدينة وأزقتها ومعالمها التي اندثرت، وها هو يقف على أطلالها، فجاءت قصيدته:» ذاك المكان» لتؤكّد على سريان الماضي الذي يحمل عبقا مختلفا من مكان يفوح بالحب والشوق والذكريات، وملتقى الصغار والكبار، وفيها يقول:» أما زلت تذكر ذاك المكان، وتأتي إليه كما كنت من قبل، إذا ما أتيت سألقاك فيه، فأنت الحبيب الذي لا يغيب، وأنت الحبيب القديم الجديد، وأعشق رائحة الحب فيك، وطيب شذى الأقحوان الجميل».
كما قرأ الشاعر التل باقة من القصائد من مثل: « أغاني الشتاء التي استذكر فيها أيضا الأمكنة القديمة والأناشيد الشعبية، وقصيدة خلف المستوحاة من التراث والتي رمز فيها إلى الشهامة والبطولة، ومن آخر ما قرأ:» إنني في آخر اللحظات حتى ما أتيت، ربما ماتت أحاديثي التي رددتها، عندما كنا التقينا في طريق كنت فيها قد مشيت، عندما ناديت من شوقي إليك».
ومن جهته قرأ الشاعر المصري باقة من الأبيات الشعرية التي أهداها إلى والدته الراحلة، إضافة إلى قصيدتين، الأولى: « فوضى الغيم» التي راح فيها يحصي العمر التي حصدته البيوع، ولم يك يمتلك معجزة وهو يرى الأرض التي تكتسي بالدماء، والريح التي تدرّبت على الخضوع، وفيها يقول:» أضعت الغيم أوهتني الصدوع، سجدت السهو غادرني الخشوع، وما في جبتي إلا انكسار، وشهقة زهرة كادت تضوع، تزاحمنا على الأشواك عير، وتمضغنا على مهل شموع».
كما قرأ صاحب ديوان:» بيوت الطين» قصيدة بعنوان:» فوضى نحلة الأشعار»، وبحث فيها عن الظل الذي أخفاه الوشاح، وعن الأشعار التي تحيي سفينا، وعن البلاد التي ينشدها ترياقا له، وفيها يقول:» ها أنا يا عمر في طلعي اللقاح، فاتح الأوراق قد هبّت رياح، نحلة الأشعار مذ فكّت رموزي، أدمنت حبري وأحياها الجناح، رفرفت جذلى وعاثت في سكون، خلّفت فوضى تغذيها البطاح».
من جانبه قرأ الشاعر البوريني باقة من قصائده التي مزج فيها بين ثلاثة أجنحة، الغزل، المكان، القضايا العربية، مستندا على فضاء تجلله هيبة المكان الذي يبحث عنه، والحنين إلى مفرداته التي ذهب في النص إلى أكثرها حميمية وقربا من الذات العاشقة والباحثة عن الأصل، حيث تشكلت في هذا السياق قصيدته:» الإربدي أنا يا عمان» والتي يقول فيها:» عمان الليل فيها مختف، والوقت أخلف وقته المسفوح، من زمن القصيدة كي يفوح ، كم كنت يا عمان لهفة عاشق، وحمامة هدلت على شباك طيف، فكيف أعلنت الرحيل ؟!، وكيف أمسى الكحل في عينيك صيف ؟!، هل المغامر من بلاد الغيب، ينشد شارع «المصدار»، ويطلب قهوة الصبح التي ذخرت مشاربها لـ «كيف»، ومساح الانعال قرب «العبدلي»، وبائع الفول المحوّج بالتوابل كالحلي، أين ضاعوا وكيف صار الوعد زيف.
وختم الشاعر البوريني قراءته بقصيدة:» وحدي وأحدي يا عراق» وقف فيها على الجرح النازف في العراق الجريح»، وفيها يقول:» كيف تستجدي اللفيح ؟ وكلّ نخل البصرة العمياء، قد أضحى عقيما، يبعث المرسال من فلوجة، فتضيع في بغداد قافلة البريد، وأنا أعوم على تقرّح دجلة، فلا (أربيل) تذكر في العوابر خيبتي، و ( الكاظمية ) قد تناست خطوتي، وأنا الذي، كم جئتها بالوعد حقا صادقا، وغزلتها بالرّوح لحنا، للرصافة والرّشيد.
(الرأي)