بقلم : فرح ابراهيم العبدالات
المنصب, هو كرسي دولة حكومي يجلس عليه كل من تؤهله كفائته بذلك , آخذين بعين الاعتبار علمه و عمله و روحه و تعامله الحسن مع المرؤوسين والذي بدوره يطيل من ديمومة اعتلائه عليه, ولكن للأسف,الكثيرين ممن يعتلوه يأتيهم ذلك الشعور بامتلاك الدنيا و ما فيها,وكأنهم التهموا وجبة عائلية دسمة بعد جوع طويل, فتراه منفوخاً مغترا بنفسه, يعامل جميع العامة بفوقية تامة وكأن لا وجود لهم نهائيا, يغتر بالسيارة الفخمة ذات النمرة الحمراء , و قد وصل ذروة سعادته الكبيرة والتي تمحورت حول قيادته والتحكم بمجموعة من الناس الذين يعملون داخل نطاق هذه المؤسسة أو الشركة.
هنالك دائما فرق بين من يصنع من هذا الكرسي فخرا للوطن و للمواطن و يترك وجوده بصمة تسجل في تاريخ هذا البلد على مدى السنين , وما بين كرسي و منصب صنعا من هذا الرجل الجاهل شيئاً كبيرا مملوءا بالهواء ,و صيتا يذاع اسمه في قنوات التلفاز و الاذاعات فقط,لكن اذا أخذت لمحة سريعة عن انجازاته السابقة أم الحالية, فلا يمكنك رؤية الا تواجد له فقط,كقطعة أثاث من ديكور وضعت في زاوية من البيت وفي كل يوم تبدّل راعية هذا البيت مكانها من ناحية لأخرى.
ان تطرقنا لرؤيتنا لأصحاب المناصب الحالية لكن كشباب أمة في هذه المرة,نتيقن الى أننا وصلنا الى مرحلة اتخاذ القرار و التمييز بين الأمين و الفاسد ,أو بالاحرى بين الصّالح و الطالح ,وأنا شخصيا نادرا ما أرى في أيامنا هذه شخصاً قد خرج عن المألوف و امتاز بمصداقية عالية و أمانة في عمله وأداء واجبه تجاه هذا الوطن على أكمل وجه حسب ما تعاملت مع الكثيرين منهم بحكم العمل أو صلات قرابة أم صداقة بين عائلتين ,لكنني استطعت التمييز بين الشخص المسؤول من غيره عندما يحادثك خارج نطاق عمله, فتكشف كما يقولون "المستور و المستخبي" ,من سرقة أموال وواسطات و فصل موظفين بحكم المزاج العام في ذلك اليوم,و معاكساتهم اللفظية للسكرتيرات و موظفات الشركة بصورة دنيئة سائلا نفسك "كيف أصبح هذا الانسان الجاهل مسؤولا صاحب قرار ومنصب؟ و الذي ما ان جلس مع أصدقائه و اقربائه تعرى من اي أخلاق أو اتيكيت في تصرفاته و كلماته"؟ ان عرفتم الجواب رجاءا زودوني به.
وفي آخر قولي أرسل بتحية قد فاقت عنانها السماء و ارفع قبعتي احتراما لشخص قد زاد من رتبته التي حطت على كتفيه اعتزازا و فخرا و شرفا يوما بعد يوم ,هذا هو الرجل الذي ندر وجود أمثاله على أرض أوطاننا, رجلا كلما ارتقى بوظيفته درجة, ارتقى بتواضعه و كرمه و بعطفه و الاحساس بشعور المحتاج, رجلا لا ينام ليله ولا نهاره من تفكير أرهقه وأرهق جسده انحصر بخدمة الغريب قبل القريب حد المستطاع و ضمن الصلاحيات و القوانين المخولة له , انحصر بالاخلاص لهذا الوطن و التمسك بنزاهته التي لطالما لاصقت خطواته في كل عتبة يخطيها, رجل مهما بدر من اشخاص قول لا يمت للمنطق ولا للواقع بصلة يسامح,رجل مهما زاد من طعناتهم واشاعاتهم عنه يصبر و يتحمل و بكل تواضع يرد على الاساءة بجملة" أنا راضي, معلش", مخافة الله توسّطت عيناه قبل كل شيء وقبل كل عمل وقبل كل كلمة ينطقها, , هو بالنسبة لي رجل المواقف والتي انحنت له مواقفه مع الناس خجلا ,لا أدري هو لي أبٌ ثانٍ ؟,عمّ ؟, رجل أفخر به وبوجوده في كل يوم يُذكر اسمه فيها؟ ولكنه رجل و الرجال قليل,فعلا, وقد فخرت الكرك باقتناء هذا الرجل الذي لا يقدر بثمن, وأسأل الله ان يحفظه ذخرا للأردن و للاردنيين, وسنداً لكل ذو حاجة مكسور,و عزيزا لكل محب , وشوكة بحلق كل مكيود حسود قد غفل عن مصلحة وطنه وما أراد غرضا آخر غير فتنة القلوب و الشعوب ,فلتعطهم أيها العم الفاضل دروساً لكل من فقد النخوة و الصدق و التواضع واستبدلهم بالتكبرعلى خلق الله ,فلتعطهم دروسا في ان قلة الجواب هو جواب بحاله, فلتعطهم دروسا في أن الانسان يحاسب على عمله في يوم الاخرة وفي الموقف العظيم على كل نية ضمرها أضرت ببلده وبمواطني هذا البلد,فلتعطهم دروسا كيف يكون صاحب المنصب و بأي أخلاق يتّسم,أعطهم دروسا في أن الرجال هي من تصنع الرتبة والكراسي والمناصب وليس العكس, وأدام الله وطننا وأبقاه لنا آمنا ,سالما منعما وغانما مكرما ولتبعد عنه أي شر كاد أن يصيبه...وسلامتكم