بقلم : أحمد محمود سعيد

يدور الحديث في صالونات كثيرة وفي جلسات جامعة لكل الأطياف والشرائح وكثير من الحديث لا تعلم صدقه من عدمه والسبب ان من يتحدّثون ويتشدّقون بالكلام هم من اصحاب المداخيل العالية بل والمكرّرة وقد يكفي مداخيل فرد واحد منهم لمعيشة حي من فقراء الوطن بكامله وإذا وضعت حلا يلامس جزء يسير من مداخيله يثور ويقول لك هل انا فاتح تكيّة لإطعام الفقراء ومنه تدرك انه منافق وليس به ذرّة إخلاص للوطن او مواطنيه .
وقد أثار النواب الأفاضل هذه الأيّام موضوع رواتبهم التقاعديّة التي يبدوا انهم يرغبون بفرضها وتشريعها قبل انتهاء مدّة مجلسهم الحالي والتي صرّح بعضهم ان الحكومة تحايلت بمعنى ضحكت عليهم علما ان ذلك القانون قد رفضه جلالة الملك قبل مدّة باعتبار انه غير دستوري وخاصّة بعد التفسير القانوني بأن النائب لا يشغل وظيفة عامّة يستحق عليها تقاعدا .
وقد اظهرت نتائج مؤشر الإزدهار الأردني الذي أطلقه منتدى الإستراتيجيات الأردني تحسن أداء الأردن بصورة عامّة في محور البيئة المعيشية واستقرار محور تطور رأس المال البشري مقابل تراجع محور الدخل وهذا يبعث على التساؤل كيف تتحسن المعيشة في ظل إنخفاض الدخول خاصّة في ظل ارتفاع اسعار المواد وتكاليف المعيشة وتراجع الحالة الإقتصادية في ظل ظروف المنطقة وإغلاق الحدود وتأثر كثير من القطاعات واهمها قطاع الإستثمار المحلي والأجنبي وقطاع التصدير والنقل وقطاع الصناعة والزراعة والإنشاءات وغيرها .
ومن يصدِّق ذلك المؤشِّر في ظل ارتفاع المديونية من 17,6 مليون دينار عام 2012 الى 24,87 مليون دينار عام 2015 اي ارتفاع نسبة اجمالي الدين العام من 80,2% الى 91,7% علما بان هذه النسبة يجب ان لا تزيد عن 65% كما اعتقد , كما ان الإستثمار المباشر في الأردن قد انخفض من 1,063 مليون دينار عام 2012 الى 598,7 مليون دينار عام 2015 اي بنسبة انخفاض 46.5% , كما انخفض الناتج المحلي بالأسعار الثابتة من 2,7% عام 2012 الى 2,3% عام 2015 , بينما ارتفع معدل البطالة من12,2% عام 2012 الى 13,1% عام 2015, وقد ارتفع نصيب الفرد من الدين العام من 772 دينار عام 2012 الى 1,305دينار عام 2015 .
ففي ظل هذه المؤشرات الحقيقيّة كيف تقتنع شريحة الفقراء وهي الغالبة في هذا الوطن والتي منذ عقود يزداد فقرها ويزداد عددها بينما ترى شريحة الأغنياء يزداد غنائها وثرائها , وكيف لا يكون هناك حسرة في نفوس الفقراء ومن ينبشون الحاويات بحثا عن لقمة عيش يقتاتونها هم واطفالهم .
لذلك فإن البلد بحاجة لوزير يقول كفاني ربع راتبي لأعيش به كريما محبوبا وإذا كان لديه دخلا من عمل خاص يستغني عن راتبه عونا لأخيه المواطن , كما اننا بحاجة لمدير عام وامين عام يقول كفاني نصف راتبي لأعيش معززا مكرّما محبوبا من باقي الزملاء الموظفين , ونحن بحاجة لعين او نائب مقتدر ووطني يقول ان لدي من الأعمال الخاصّة ما يكفيني لأعيش انا واهل بيتي ومن اعولهم بكرامة ويُسر كذلك البلد بحاجة لرئيس حكومة يكون مثالا في الإقتصاد والعيش الرغيد بحيث يكفيه القليل والكفاف لعيش كريم ويكون حازما بحيث يمنع كل نفقات السفر والعلاوات وبدل الإجتماعات والإسراف في النفقات بكل اشكالها عن جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية , وتكون تلك النخبة هي القدوة لشعبها والمخلصة لوطنها ومليكها والمفخرة لغيرها من الدول وعندها سيكون لدى الموازنة فائضا وستتدفق الإستثمارات على البلد وستكون الأسعار في متناول يد الجميع ونكون على الطريق السليم الذي يسير عليه ابنائنا دون خوف عليهم لأنهم سينبذون الفاسدين من بينهم وسيجتثون جذور الفساد من المجتمع الطيِّب , وعندها ستكون المؤشرات إيجابيّة ولا داعي لتزويقها امام شعبنا او امام البنك الدولي او صندوق النقد الدولي او غيرهما.
اللهم احفظ الأردن ارضا وشعبا وجيشا وقيادة من أي سوء واجعله دوما وطن الشرفاء الذين يفتدون وطنهم بالغالي والنفيس واجعلهم متضامنين متكافلين على الخير والعطاء .

ambanr@hotmail.com