04-04-2016 03:36 PM
سرايا - سرايا - نشر راديو البلد تقريراً استقصائياً مثيراً حول قضايا و تفاصيل تورط بها خالد شاهين و شركات وهمية بالإضافة الى علاقة نجل رئيس الوزراء الاسبق نادر الذهبي بهذه القضايا، وفيما يلي التقرير مفصلاً :
تسلّلَت شركة سيكوير أند ساندرس (مكتب محاماة بريطاني) في مطلع شباط 2009 إلى مكتب رئيس الوزراء نادر الذهبي آنذاك، تُبدي فيها اهتِمام ائتلاف شركات أجنبية لم تُسَمّيها، بالدخول كشريك استراتيجي في مشروع التوسعة الرابع لمصفاة البترول الأردنية، المقدرة كلفته بحوالي ملياري دولار.
المصفاة
شركة مساهمة عامة محدودة ذات امتياز، تأسست سنة 1956بمساهمة حكومية بلغت ربع مليون دينار أردني من أصل رأسمال الشركة البالغ أربعة ملايين دينار.
بدأت عمليات انتاج المشتقات النفطية المختلفة وتأمينها لكافة أنحاء المملكة في عام 1961.
المصفاة الشركة الوحيدة في الاردن، التي تزويد السوق المحلي بكافة احتياجاته من المشتقات النفطية المختلف.
تبلغ طاقتها التخزينية بالمملكة إلى(1,628,884) طناً عام2013.
انتهت فترة امتيازها في 2008.
قبل مغيب شمس ذلك اليوم، حَطّت تلك الرسالة على مكتب رئيس مجلس إدارة شركة المصفاة في حينه عادل القضاة، قادمةً من الرئيس الذهبي، ومرفقة بكتاب – نحتفظ بنسخة منه -موسوم بكلمة “عاجل” يَطلبُ فيهِ الأخير إجراء الاتصال بالمعنيين وبيان جدِّيّتهم، وإعلامه.
صبيحة اليوم التالي، أرسل مدير عام شركة المصفاة آنئذٍ أحمد الرفاعي، رسالة لمكتب المحاماة البريطاني تستفسر عن هوية الائتلاف وجدِّيّته.
ردَّ مكتب المحاماة بأنه سَيكشف هوية ائتلاف الشركات الأجنبية في الوقت المناسب.
ظَهر اِئتِلاَف الشركات باسمِ شركة “انفرامينا ليمتد بارتنرشيب” (INFRA MENA LIMITED PARTNERSHIP) وهي شركة “أوف شور” (Offshore) مسجلة في جرسي، الملاذ الضريبي الآمن.
شركات الأوف شور هي شركات تتمتع بسرية كبيرة، مسجلة في مناطق معفاة من الضريبة، أو تدفع ضريبة بشكل قليل، وهي خارج الاختصاصات القضائية لبلدانها.
يأتي هذا التحقيق كجزء من مشروع مشترك لأكثر من 330 صحفياً استقصائياً حول العالم بقيادة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ومقره في العاصمة الاميركية واشنطن. وبالاستناد إلى وثائق وسجلات رسمية ورسائل إلكترونية مسربة لشركات أوف شور موزعة على أكثر من 12 ملاذاً ضريبياً آمناً حول العالم تعود للفترة بين 1979-2015.
شركات الأوف شور (offshore)
هي شركات تسجل في خارج بلدانها، وبالتحديد في ملاذات ضريبية آمنة، مناطق معفاة من الضريبة، مثل جيرسي، بنما، سيشيل، جزر العذراء البريطانية، تتميز هذه المناطق بالحفاظ على السرية التامة للمساهمين في هذه الشركات، ورأس مالها، يضاف إلى ذلك سهولة تسجيلها عبر الهاتف أو البريد الالكتروني، وبتكلفة لا تتجاوز 100 دولار.
كما انها خارج الاختصاصات القضائية لبلدانها. يستخدمها في الاغلب رجال الأعمال، وأخرون في السلطة لإخفاء ثرواتهم، وإدارتها عبر مكاتب قانونية ومهنية. تخفيّ هويتهم.
لمن المُلكُ اليوم؟
بعد 60 يوماً من رسالة الذهبي، وَقَّع المحامي البريطاني بريان ماكليود مفوضاً عن انفرامينا مع شركة مصفاة البترول مذكرة التفاهم (اتفاقية السرية والحصرية)للدخول كشريك استراتيجي.
بَقِيت هوية انفرامينا مجهولة، مَنْ يملكها؟ مَنْ يُديرها؟ مَنْ البنك الممول؟ “تلك هي إحدى غايات تسجيل شركات الأوف شور في الملاذات الضريبية الآمنة” بحسب عضو هيئة مكافحة الفساد السابق د. فياض القضاة.
“الشركة -انفرامينا- مُبَهمة بالنسبة لي” بحسب شهادة عضو مجلس إدارة المصفاة في حينه سليمان الداود أمام المدعي العام.
شُكوكٌ تَسَرّبت إلى قلب النائب، وعضو مجلس إدارة المصفاة آنذاك عبد الرحيم البقاعي بأن مالك الشركة إسرائيلي، لكن ماكليود نفى أن يكون إسرائيلياً، واكتفى قائلاً “أنه من الأشخاص المُهمين في المنطقة”، بحسب البقاعي.
” أصبح لدينا اعتقاد أن أشخاصاً متنفذين وراء هذه الشركة” هذا ما قاله عضو مجلس إدارة المصفاة وقتئذٍ، والوزير السابق للصناعة والتجارة واصف عازر بحسب شهادته المحفوظة في ملف قضية مصفاة البترول الشهيرة، والتي نظرتها محكمة أمن الدولة.
في أواخر أيلول/ سبتمبر 2009، وفي زحمة الجدل حول هوية شركة انفرامينا ومن يَقفُ وراءها، أُرسلت انفرامينا رسالة حول عرضها المقدم لمجلس إدارة المصفاة، مُذَيّلة بتوقيع خالد شاهين-رجل الأعمال الأردني-، دون أن توضح منصبه فيها.
يقول أحمد الرفاعي الرئيس التنفيذي لشركة المصفاة حينئذٍ” لقد شَعرتُ أنّ خالد شاهين مدعوم من جهاتٍ عليا، منذ 5 سنوات أو أكثر، والمصفاة تطالب بالحصرية دون أن تحصل عليها إلا على عهد خالد شاهين-ولمدة 15 سنة-عندما قَدِمَ بعرض انفرامينا”. بحسب شهادته لدى مدعي عام هيئة مكافحة الفساد، بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير2010 .
انفرامينا، واحدة من 26 شركة أوف شور على الأقل يساهم فيها بحصة الأسد خالد شاهين، مسجلة في ثلاثة ملاذات ضريبية آمنة، جيرسي، جزر العذراء البريطانية، ولوكسمبورغ.
شركتان من هذه الشركات (SBIG. SA) (Ole holdings limited) تمتلكان أكثر من 95% من أسهم تسع شركات أردنية ،يساهم خالد شاهين في حصة الأسد في 34 شركة أردنية.
هذا ما ساعده بشكلٍ قانوني من تجنب دفع الضريبة عن الأرباح الموزعة والمقدرة على حصة الشركتين الأجنبيتين (SBIG. SA) (Ole holdings limited) المساهمتين في12شركة أجنبية، وهذا ما سنعرضه في الجزء الثاني من هذا التحقيق.
شاهين الذهبي
“أنا بعرف أن ابن رئيس الوزراء -يقصد الذهبي-كان له علاقة بالشركة، الرئاسة دافشيته ورئيس الوزراء دافشه”. بحسب ما قاله عضو مجلس إدارة المصفاة ساعتئذٍ واصف عازر في مقابلة مع راديو البلد.
ينفي الذهبي لراديو البلد أي علاقة له بشركة انفرامينا قائلاً “غير صحيح أنني دعمتها للحصول على العطاء، والمصفاة شركة مساهمة عامة، حرة ومسؤولة، وهي من تُقرّر، ومجلس الوزراء ينحصر دوره في الحصرية”.
كان ” شاهين على اتصالٍ دائم، ولقاء مستمر مع رئيس الوزراء الذهبي في دار رئاسة الوزراء، حيث كان يَحضرُ مرة إلى مرتين أسبوعياً، الذهبي كان يسعى إلى حصول شركة انفرامينا على عطاء المصفاة، لأنه الوحيد الذي تقدم إليها، وسعى له الرئيس في أن يحصل على الحصرية” وفقا لمحمد الرواشدة المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الذهبي في شهادته أمام المدعي العام، والموثقة بتاريخ 31كانون أول/ ديسمبر2009.
يصف شاهين علاقته بالذهبي إبان رئاسته للوزراء بـ”الممتازة” وفقاً لاعترافاته أمام المدعي العام، ويضيف “الذهبي كان يعلم بأنّ لي علاقة بشركة انفرامينا”. هذه المعلومة لم يُنكرها الذهبي في مقابلته مع راديو البلد.
وعن علاقته مع شاهين، يقول الذهبي في ذات المقابلة: “خالد شاهين كان ينوي حضور حفل تخرج نجله، وكان ممنوعاً من السفر من قبل دائرة المخابرات، وزارني في دار الرئاسة، وساعدته لكونها قضية إنسانية، ولا يوجد عليه مشاكل، لذلك ساد اعتقاد أن علاقتي به ممتازة”.
انفرامينا والمصفاة
الرئيس التنفيذي للمصفاة وقتئذٍ أحمد الرفاعي قال أمام المدعي العام “انفرامينا تَقدّمت بطلبها إلى رئيس الوزراء مباشرة، وهو أحال لنا الموضوع لدراسته”.
“لولا أن خالد شاهين مخترق الدولة، لما أتت الشركة عن طريق رئيس الوزراء، وقالت إنها مستعدة لتنفذ المشروع بمبالغ تزيد عن 300-400مليون دولار عن تقديرنا” بحسب ما قاله عازر لراديو البلد.
بتاريخ 6آب/أغسطس2009 أبْلغ رئيس الوزراء نادر الذهبي
مستشاره الاقتصادي محمد الرواشدة أن هناك عرضاً مقدماً من شركة انفرامينا، ولا بد من إعطاء المستثمر فترة حصرية. بحسب شهادة الرواشدة لدى المدعي العام.
يضيف الرواشدة في شهادته، أن خلدون قطيشات الذي ترأس لجنة الخدمات الوزارية لدراسة الحصرية بصفته وزيراً للطاقة، ” كان ضد الحصرية وينادي بفتح السوق، استدعاه الذهبي قبل الاجتماع بيوم وأبْلغه أنه يُريد الحصرية، وأبلغني الوزير بذلك”.
عَقدت اللجنة اجتماعها الثاني. قررت في نهايته منح الحصرية.
لا يستطيع عادل القضاة رئيس مجلس المصفاة آنذاك وعضو اللجنة، تفسير تبدل مواقف أعضاء اللجنة. بين الاجتماعين الخاصين بمنح الحصرية، إذ صوت بعض الأعضاء ضد الحصرية في الاجتماع الأول، وفي الاجتماع الثاني صوتوا لصالح منح الحصريّة. يضيف في شهادته لدى المدعي العام “لم يطلب الرئيس الذهبي مني بشكل شخصي الاتّجاه نحو الحصريّة”.
لكن هذا تناقضه شهادة الرواشدة أمام المدعي العام نفسه إذ قال:” كان هناك تُوجيه من رئيس الوزراء لي شخصياً ولعادل القضاة بأن نذهب نحو الحصرية”.
“عندما قرأت كتاب رئيس الوزراء الذهبي الذي يشير إلى العرض المقدم من انفرامينا فهمت أن هناك توجيهاً من الذهبي بإعادة النظر في البدائل والاتجاه نحو الحصرية ولفترة زمنية أطول لصالح هذه الشركة”. بحسب شهادة الرفاعي أمام المدعي العام.
إذ نص كتاب الذهبي -الذي حصلنا على نسخة منه-” قررت دعوة اللجنة للاجتماع ودراسة الفترة الزمنية اللازمة كحصرية لبرنامج توسعة المصفاة بناءً على العرض المقدم من المستثمر انفرامينا “.
وبنبرة لا تخلو من التحدي يرد الذهبي لراديو البلد” لم أمارس ضغطاً على اللجنة، أو أي من أعضائها فيها بما يخص الحصرية، ومن يقول غير ذلك فليواجهني”.
ويضيف “إذا كان العضو غير موافق، عليه أنّ يتحفظ ولا يوقع، فالشجاعة لا تكون بأثر رجعي”.
السجن لأرباب المصفاة
عندما رَحَلت حكومة الذهبي في 9كانون أول/ديسمبر2009، شكل سمير الرفاعي حكومته. قادماً من الرئاسة التنفيذية لشركة دبي كابيتال، التي تقدمت لعطاء توسعة المصفاة أيضاً في عهده.
وبعد يوم من أداء القسم الدستوري في /كانون أول/ديسمبر2009 شكل الرئيس الرفاعي لجنة وزارية لدراسة مشروع التوسعة الرابع للمصفاة.
بعد قرابة 10 أيام، قالت اللجنة في تقريرها “إنها توصلت إلى وجود خلل”، وفي ذات اليوم أحال الرفاعي التقرير لهيئة مكافحة الفساد.
حوّلت الحكومة القضية إلى محكمة أمن الدولة. لم يوجه اتّهام إلى الذهبي، بينما كانت تهمة الرشوة من نصيب شاهين، القضاة، الرواشدة، وأحمد الرفاعي لإخفاء الثلاثة الأواخر قرار مجلس الوزراء الثاني رقم (5954).
تضمن القرار الصادر بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر2009 الموافقة على منح الحصرية لمدة 15 سنة ومفاوضة جميع الشركات التي أبدت وتبدي اهتمامها للمشاركة وفي حد أقصى نهاية عام 2009، أرسل هذا القرار إلى إدارة شركة مصفاة البترول بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر2016.
وبعد خمسة أيام، وعلى إثر نقاش ساخن بين الذهبي ونواب في قاعة عاكف الفايز حول مالك الشركة الخفيّ في ذلك الوقت، ومنح الأولية للمستثمر الأردني، اضطرت رئاسة الوزراء لسحب قرارها، واستبدلته بقرار آخر، مؤرخ بخط اليد، خلافاً لكتب الرئاسة الأخرى، ذات التواريخ المطبوعة، غير أن القرار الجديد جاء بنفس رقم وتاريخ القرار الأول، لكن بمضمون مختلف.
تضمن القرار الجديد فتح المجال أمام جميع الشركات التي تقدمت بعروضها والتي لديها الرغبة بالشراكة، دون تحديد فترة زمنية لهذه الغاية. وفقاً لقرار اتهام النائب العام لمحكمة أمن الدولة.
ولكون القرار الثاني تضمن بندين في غير صالح انفرامينا، فقد أخفى القضاة وأحمد الرفاعي وبعلم الرواشدة هذا القرار، عن مجلس الإدارة، والمستشار المالي للشركة.
وبقيا يعملان وفق القرار الأول، الذي لم يصدر كتاب رسمي بإلغائه أيضاً.
قضت المحكمة بسجن عادل القضاة رئيس مجلس إدارة المصفاة، وأحمد الرفاعي رئيسها التنفيذي، ومحمد الرواشدة المستشار في رئاسة الوزراء، وخالد شاهين مدة ثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة المؤقتة، وعزل الثلاثة الأوائل من العمل، وفق قرار الحكم القطعي المصدق من محكمة التمييز.
رفضت المحكمة طلب سماع شهادة كل من الذهبي والرفاعي، المقدم من محاميي الدفاع.
يعلق الذهبي لراديو البلد “كان بودي أن يتم طلبي لكي أدلي بشهادتي، ما فعله الرفاعي هو تضارب للمصالح، لأن الشركة التي كان يرأسها تقدمت لعطاء توسعة المصفاة”.
يرفض مكتب سمير الرفاعي اتهامه بتعارض المصالح قائلا لراديو البلد، لم يملك الرفاعي في شركة الأردن دبي سهماً واحداً، منذ تأسيس الشركة ، وحتى آخر يوم له رئيساً للوزراء.
يضيف، لم يكن هناك قرار داخل الشركة إذا كانت سوف تشترك في عطاء المصفاة أم لا، رغم أنها تقدم بخطاب نوايا مثل أي شركة أخرى.
يستغرب مكتب الرفاعي في معرض رده على كلام الذهبي “الأردن دولة مؤسسات وقانون، وليست دولة أشخاص ومن المفترض منه كرئيس وزراء سابق، إن صدر عنه هذا الكلام، أن يكون مدركاً لهذه الحقيقة إدراكا تاماً وأكثر من أي شخص آخر”.راديو البلد