05-04-2016 10:24 AM
سرايا - سرايا - ثمة تشابه بين حكاية فاجعة غرق السفينة البريطانية التايتنيك مطلع القرن العشرين والميدوسا الفرنسية التي التي غرقت مطلع القرن التاسع عشر، وربما يكون مخرج التايتنيك أخذ بعض الحكايات من «ميدوسا» وخصوصاً في جوانبها الإنسانية والمواقف الوجودية ولصراع البشري، وقضايا الموت والحياة.
يستمد الفنان ثيودور إل جيريكو موضوع اللوحة من حادثة مأساوية تصوّر غرق السفينة الفرنسية «ميدوسا» وصراع ركّابها اليائس من اجل البقاء عندما أبحرت عام 1816 باتجاه ساحل أفريقيا وعلى متنها نحو 400 راكب.
السفينة غرقت بسبب ضعف قيادة طاقمها وثقل وزنها، والمأساة الأخرى أن ربانها بادر إلى الفرار والتماس النجاة لنفسه، بينما وفر الطاقم قوارب النجاة للأغنياء وذوي الحظوة.
ما حدث بعد ذلك كان كابوسا دام أسبوعين من العواصف العاتية والصراع الدامي والجنون، و اضطرّ الركّاب مدفوعين بغريزة حبّ البقاء إلى قتل بعضهم البعض بوحشية، كما دفع الجوع بعضهم إلى أكل لحم من مات من رفاقهم. ولم ينجُ سوى 15 رجلاً توفي منهم خمسة بعد وقت قصير من انتشالهم.
اعتبرت الحادثة فضيحة مدوّية في وقتها، ورأى فيها البعض مثالا على التمييز العنصري المتمثل في تخلّي المجتمع عن مسؤوليته تجاه الإنسانية، وتنطوي اللوحة على رسالة سياسية واجتماعية قويّة تنتقد الظلم وتدين غياب العدالة وتحمّل المؤسّسة السياسية والنخب الفاسدة المسؤولية الأخلاقية عمّا حدث.
اختار الرسّام من دراما السفينة اللحظة التي رأى فيها الناجون سفينة الإنقاذ وهي تقترب منهم. واعتمد في التفاصيل على ما رواه شهود العيان عن الكارثة.
ويلفت الانتباه في اللوحة منظر الرجل الأسمر ذو القوام الفارع، يقف بمواجهة الأفق ملوّحا بالعلم في محاولة للفت اهتمام السفينة العابرة من بعيد. وحرص جريكو على تضمين لوحته صورة لرجل أفريقي، يجعله رمزا لوحدة البشر على اختلاف ألوانهم وخلفياتهم.
كما يظهر رجل عجوز إلى يسار اللوحة محتضنا ولده الميّت. و صور لموتى ومحتضرين وأفراد آخرين لا يشغلهم سوى أن يستمرّوا في مقاومة الأمواج، ومما يلفت في اللوحة مهارة الرسّام في تصوير مناظر التدافع والعراك على سطح السفينة الذي أضفى حالة الإحساس بالرعب والألم واليأس والتوتر على ملامح الأشخاص.