09-04-2016 09:56 AM
بقلم : عمر ضمرة
يبدو ان التردي في حياتنا انسحب على أشياء كثيرة ، فالمواطن العربي يحتل الدرجات الأخيرة في قائمة الاقبال على القراءة ، فحينما يقرأ الفرنسي مثلا ما بين 40 الى 45 كتابا في السنة ، فان العربي لا يخصص من وقته أكثر من عشرين دقيقة لقراءة الكتب الفكرية أو الأدبية .
وبعد ذلك نتساءل عن سبب الأزمات والظواهر الاجتماعية الغريبة التي تظهر تباعا في مجتمعاتنا المتهالكة والتي أصابها النخر ، ناهيك عن الفساد الذي أصبح يتغلغل في كل شيء ، رغم ادعاءاتنا الفارغة والتي يكذبها الواقع المر الذي نعاينه في كثير من جوانب الحياة .
آخر تلك الظواهر الغريبة والتي لا تنفصل عن منظومة الفساد الاجتماعي والفكري، هو سعي بعض الشباب الى دراسة الثانوية العامة في السودان من أجل الحصول على شهادة التوجيهي لينتظموا بعد ذلك في احدى جامعاتها أيضا وامتلاك شهادة جامعية تؤهلهم للتوظيف والولوج الى سوق العمل .
ويعد قرار وزير التربية والتعليم بعدم الاعتراف بشهادة الثانوية العامة التي تصدر عن بعض تلك الدول ومن بينها السودان ، صائبا تماما ، وذلك لعدم توافر المعايير التعليمية الضرورية التي تؤهل الشاب أو الفتاة فعليا للانتظام بالجامعة واستيعاب المقررات الجامعية ،الا أننا يجب ان ننظر الى هذه الظاهرة بوصفها مرضا خطيرا ونخرا رئيسيا يقوض أركان المجتمع بشكل كامل .
ولا ننسى في السنوات الماضية ، كيف انتظمت جموع من خريجي كليات المجتمع من الجنسين ، وانتسبت لاحدى الجامعات السودانية بداعي التجسير وحيازة شهادة البكالوريوس ، لنستيقظ بعد ذلك على قرار وزارة التعليم العالي بعدم الاعتراف بالشهادات التي تصدرها الجامعة للمنتسبين الجدد بعد تاريخ معين ، بينما تم الاعتراف بشهادات الكثيرين قبل صدور القرار ، رغم المستوى المتدني للتحصيل العلمي ، فهم بحسب أحد الحاصلين على تلك الشهادة دفعوا أموالا مقابل الشهادة ولم يدرسوا بشكل حقيقي .
الا ان المفجع حقا والذي يدعو الى التوقف عنده مليا هو سعي بعض من حصل على البكالوريوس من تلك الجامعة السودانية، غير المعترف بها لاحقا ، الى متابعة الدارسة العليا في الجامعات الأردنية ، واعتبار بعض الجامعات الأردنية ان تلك الشهادة تؤهل حاملها لمتابعة الدراسات العليا !!!!.
لا ندعو وزارة التعليم العالي الى سحب شهادات البكالوريوس ممن حصلوا عليها من الجامعة السودانية غير المعترف بها ، الا أننا ندعوها أن توقف بشكل حاسم التحاق هؤلاء بالدراسات العليا ، اذ كيف يلتحق من حصل على شهادة بكالوريوس من جامعة أصبحت من الجامعات غير المعترف بالشهادات الصادرة عنها لتدني مستوى التعليم وعدم تطبيق المعايير العلمية الصحيحة على منتسبيها ،بالدراسات العليا في الجامعات الأردنية .؟!
يتعين على المعنيين ايقاف " موسم الهجرة الى السودان " ممن يستسهلون الدراسة في مدارسها أو بعض جامعاتها وغيرها من الدول التي لا تلتزم بالمبادىء العلمية والتعليمية الواجب توفرها، والعمل على تعزيز المنظومة الأخلاقية التي تصدعت في مجتمعنا.
• موسم الهجرة الى الشمال ....رواية للكاتب السوداني الطيب صالح