13-04-2016 10:01 AM
سرايا - سرايا - قدم نائب رئيس مجلس النواب التونسي المفكر الإسلامي عبد الفتاح مورو، مرافعة شاملة عن العقل الإسلامي الذي يستطيع أن يبدع وأن يقدم للبشرية نتاجا راقيا، لافتا إلى أن الخلل اليوم ليس في العقل نفسه، بل في المسارات التي سلكها وأبعدته عن سياقات التطور والحضارة والرقي.
واستعرض مورو، خلال محاضرة له في منتدى عبد الحميد شومان أول من أمس، حول الإسلام وتحديات العصر، قدمه فيها وأدار الحوار د. كامل أبو جابر، مظاهر التخلف العديدة التي تسود العالم الإسلامي اليوم، وضيق الأفق الذي بات يحكم نظرته للأمور، خصوصا في مجالات التنوع الإثني وقبول الآخر.
ووسط مئات الحضور الذين غصت بهم قاعتا المنتدى والسينما وردهات مبنى مؤسسة شومان؛ جلوسا على الكراسي وعلى الأرض ووقوفا في الممرات، ومتابعين على الشاشات، اختار مورو إلقاء محاضرته وقوفا مواجها للجمهور، مطالبا إياه بإعمال العقل في جميع شؤون الحياة، ما سوف يقودنا من جديد إلى سلم الرقي والحضارة.
وأكد مورو أن الإسلام في عصوره الذهبية، شمل الجميع برعايته؛ مسلمين ومسيحيين ويهودا، وأن الجميع عاشوا تحت حمايته وفي ظله، لأنه أراد هذا التنوع الذي يمنحه قوة على قوة.
وانتقد المحاضر ما يجري من تقتيل وتشريد واغتصاب على يد من يتسمون باسم الإسلام، وبدعوى إقامة الدولة أو الخلافة الإسلامية، مؤكدا أن «الإسلام لم يأت ليقتل أحدا»، ورافضا في الوقت نفسه مقولات إن الإسلام استقر وانتشر بالسيف والقتل، بل تسنّى له ذلك من خلال نشر العلم والمعرفة.وقال «الإسلام لم يستقر بالقتل، وهؤلاء لا يمثلون ديننا، والناس لا تخضع إلى عقائدها بالقوة»، مؤكدا أن «الدولة الأولى التي استقر بها الإسلام هي المدينة المنورة، وقد كان ذلك من خلال العطاء والفرح والدفوف والتسامح»، وأن ذلك ما فهمه المسلمون الأوائل، لذلك «أبقى الدين الأسلامي على جميع الديانات كمظهر من مظاهر التنوع ولم يؤثر على إرادة وحرية الناس في اختيار دينهم».
وفي سياق مظاهر التأخر الذي تعاني منها المجتمعات الإسلامية اليوم، بين المحاضر أننا نحمل إرثا كبيرا من تراث «خير أمة أخرجت للناس»، غير أنه تعطل اليوم، لأسباب عديدة، أهمها « اننا قائمون اليوم على بناء تضافرت جهود الإنسان على بنائه منذ فجر التاريخ»، غير أننا توقفنا عن الإسهام في هذا البناء، «فنحن لا نأكل مما نزرع، ولا نلبس مما نصنع، مبررين هذا التخلف بأن الله سخّر لنا من يقومون بالعمل عنا».
وقال مورو إن حالة الازدهار الأولى للإسلام، شهدت فعلا كبيرا أحدثه الدين في الإنسان باعتباره سببا رئيسيا للخلق، وهو الأمين على خلافة الخالق على الأرض، لافتا إلى أن هذا الإنسان منح حرية الاختيار، كما تم التأكيد له أن الخطأ في الاختيار لا يكون سببا في إبعاده عن خالقه.
ولفت إلى أن المسلمين هم ثاني أكبر مجموعة عددا في العالم بعد المسيحية، ومن حيث الثروات فإنهم غالبية الثروات، أما من حيث الموقع الجغرافي، فهم موجودون في أعز بقعة في العالم، تلك التي تكالبت عليها الحضارات منذ فجر التاريخ.
وفي سياق نقده للواقع الذي يعيشه المسلمون، بين أن العقل الإسلامي رهن نفسه اليوم للتفكير في الهوامش، وانخرط في الغيبيات التي أبعدته عن الواقع، لافتا إلى أكوام البرامج على الفضائيات المختلفة التي تناقش تفاسير الأحلام ورقى إخراج الجن وفتاوى على هامش الحياة.
ودعا مورو الشباب إلى أن يلوثوا عقولهم بالنقمة على الواقع، كي لا يقعوا في مطب الغضب والطريق الخاطىء، وأن يحركوا فكرهم وينطلقوا من واقعهم في التفكير بما يناسب مجتمعاته، لكي يستطيعوا المساهمة في بناء إعمار الكون يحتاج إلى عيون كثيرة، وليست عينا واحدة فقط.وفي ختام المحاضرة دار حوار بين الشيخ مورو والحضور أجاب خلاله المحاضر عن الأسئلة.