16-04-2016 10:37 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
قال تعالى وجل وعلى وكرم الإنسان بالخلق وعز وأكرم وأصلح من شاء بتدبر الكون وتدبر الهدى فتعظم الخُلق بحب الله والمصطفى (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا)........
الحكمة هي مقاصد كل الأعمال والأقوال في حياة الإنسان ، فكثير من الأعمال والأقوال مقصدها واضح وفي الغالب يكون جوابها في سؤالها لهذا يعمل بها ، ولكن الأكثر والاهم منها تم العزوف عنها لان الجواب لا يتوافق مع السؤال ، لأنه تعذر على الكثير منا معرفة المقصد أو الحكمة من بعض الأعمال والأقوال {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} البقرة: 216 ، ولهذا حرم الكثير منا من فهم وتدبر أهم الأعمال والأقوال فخسر الحكمة منها وغايتها سعادة الإنسان التي تحبب الإنسان بالعمل والقول الصالح .............
إن كتاب الله تعالى حاضر بين أيدي الناس بحيث يستطيع من شاء أن يقرئه ولكن لا يستطيع أين كان أن يتدبره لان التدبر بالقلب (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )كونه مركز البصيرة في الإنسان وهذه بدايتا لا تعمل إلا بركن الشهادتين قي الإسلام شهادة بالتوحيد وشهادة بالرسالة ورسولها ليتطهر الجسد والنفس والفكر وينفتح القلب ببصيرة الإيمان وأركانه حلقة الوصل بين الخالق والإنسان ،ولهذا قرن الإيمان بالعمل الصالح فإيمان القلب وهو مصدر النية التي توجه الجوارح للعمل الصالح مما يمكن الإنسان حتى من مقابلة السيئة بالحسنة والإحسان، كما ربط اليسر من العسر كمصدر قوة ومحفز لإتباع منهج الله تعالى ({وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}.وكذلك الفراسة في الفهم (ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ) فالإيمان يتدبره القلب بينما شهادتين الإسلام ناتجة من تدبر العقل لآيات الكون المشهودة ...........
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129).إن الرسول صلى الله عليه وسلم الى يوم الدين ،قد علمنا الحكمة من كلمة التوحيد لإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد لينال الإنسان العزة ، وعلمنا الحكمة من الإيمان من مجل القول لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه حتى تصبح الأمة فردا ويصبح الفرد امة تشعر وتؤثر بعضها على بعض الأخوة في الدين ، وعلمنا الحكمة من الإسلام ،لا يسلم أحدكم حتى يسلم المسلم من لسانه ويده ، وعلمنا المقصود أو الحكمة من العبادة حتى تصلح الحياة ليعيش الإنسان كريما ،علمنا كل أمور الحياة من الجهاد إلى النظافة الفطرية ،والقسط في الطعام ،حتى دخول الحمام لننال الحكمة والانتفاع بها من خلال الاتصال الدائم بين القلب والرب ،وذلك بإتباع منهج السمع والطاعة في حياتنا ،التي قد يتوصل إليها الإنسان في البحث والتجربة بعد قرون من الزمن لهذا فان العلم علم الدين ينال بتواضع القلوب بالخشوع والتواصل مع خالقها (وقل ربي زدني علما ) كما أن الجهل بتكبر الأنفس بالباطل ، فتحرم بدايتا من نطق شهادتي الحق فتحرم من بصيرة القلب مركز الاتصال مع خالقها ليعيش الإنسان في جهالة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ (7)................
من خلال ما تم ذكره فان الحكمة من الإسلام والإيمان والعبادة هي من اجل سلامة الإنسان وعزته وكرامته وهذه أسس السعادة التي تحبب الإنسان بالإيمان ومصدره الكتاب والسنة ،ليصل إلى كنوز الخير الكامن بمعاني فضائل الرضي والقناعة والشكر والصبر والرجوع إلى الله تعالى والاحتساب والتوكل ...........
إن من يقراء أقوال حكماء (فلاسفة) الغرب في الوجود الذي مكنهم من قول الحكمة التي أبهرت وتبهر العقول ،وهذه من فضائل التفكر حيث تمكن الإنسان من نسب هذا الكون لخالقه والإيمان به ، ولعدم ذلك بقيت الحكمة كلمات لعدم معرفة سبل الوصول إليها وغياب الاتصال بمصدرها ،لهذا أصبحت الفلسفة روح بدون جسد يعمل بها إي ميتة ، ولهذا أصبح مفهوم الفلسفة ولقبها كمن يخوض بالماء ويفسر الماء بالماء،لهذا فان الحكمة للمؤمن وهي ضالته فأينما وجدها أخذها..........