18-04-2016 02:48 PM
بقلم : أحمد محمود سعيد
من الأفضل لمن يشعرون انهم حريصون على الوطن والمواطن بدلا من ان يشعروا بتأنيب الضمير على مافاتهم عمله خلال وجودهم بالحكم او على ما علموا به من أخطاء غيرهم ممن اتوا بعدهم ولم يصرِّحوا به فها هي الحكومة والنوّاب يشدُّون الرحال لتوقِّع رحيلهم في أيِّ لحظة يقرِّرها صاحب الأمر .
لا شكّ ان من يعمل يُخطأ وأنّ الخطأ البسيط وغير المقصود يمكن إصلاحه بأقل التكاليف ولكن إن كان الخطأ مريبا ويصب في دائرة الفساد لا سمح الله فيكون بحاجة الى تعويض وإصلاح ومن ارتكبه بحاجة الى محاسبة وإصلاح وعقاب لكي يكون درسا لغيره .
ومن يعود عن الخطأ يصبح كمن لا ذنب له والعودة عن الذنب والدال عليه يكون في رصيد حسناته عند الله والوطن وهو دلالة على حسن التربية وطيبة الأصل .
والمناكفة بين رئيسي سلطتين من السلطات الثلاث يدل على وجود خيوط خلل او فساد او إهمال أو محاباة او مداراة او عدم مبالاة هنا او هناك او في مكان ما وسواء كانت تلك المناكفة صريحة ام مستترة فإننا لا نرى محاكمة او محاسبة او كشف للمستور وخلاصة المناكفة تدور حول حقوق مواطنين تُنتهك او اموال خزينة تُهدر والأعظم من ذلك لا نجد مواطنون يحتجون بالعلن او إعلاميّون يتمردُّون على الصمت أو أقلام يسيل لعابها على الصحف أو مسؤولون عاملون او سابقون يعلوا صراخهم على المنابر او اموات يئنّون في المقابر أو عجائز تضخمت منهن الحناجر وكأن شيئا لم يكن بل وكأن المواطنون توحّدوا في حزب واحد هو حزب الصمت القاتل وكأنّ الكل بانتظار إرادة صاحب الأمر .
نحن مجتمع يتوحّد في الأفراح والأتراح فقط ونلوم بعضنا عندما لا نشارك في تلك المناسبات مهما كان المبررللغياب ولكننا شعب لا نتوحّد عندما يعترينا سوء من أنفسنا لأننا لا نحتمل لوم انفسنا او عتاب غيرنا أو حتّى مراجعة تصرفاتنا وانتقاد المسؤولين إذا قرّروا ما يلحق بنا الأذى أو يحمِّلنا ما لا طاقة لنا به بحجّة اننا نخاف من الأسوء إن كنّا ممتعضين او أن الحكومة أدرى بمصلحة الرعيّة إن كنّا موالين او منافقين .
ونحن على ابواب إنتخابات نيابيّة قادمة وسينشغل المجتمع الأردني بها وما استجد في هذه الدورة وجود قانون انتخابات جديد ودوائر جديدة وهيئة مستقلّة للإشراف على تلك الإنتخابات جديدة كما ان تكاليف الحملة الإنتخابيّة لأي مرشّح كبيرة جدا بحيث لا يستطع تحمُّل تكاليفها إلا شخص مُيسر جدّا او بتمويل من حزب منظم جيدا او جهة لها مصلحة بترشيحه ونجاحه وإذا لم ينتبه المواطنون لمحاسبة ممثليهم والحكومة على اي اخطاء ارتكبوها إن ثبت ذلك فستضيع الطاسة ويبقى الحال على ما هو عليه وتأتي حكومات ومجالس نيابيّة ونقول عفى الله عمّا سبق وخلّي المركب ساير والبلد ماشية والرب راعيها وغير ذلك من أقوال الضعفاء الذين يعتقدون ان لا حول لهم ولا قوّة ويعتقدون أن ما يُفرض عليهم هو الأنسب لهم لأنهم لا يؤمنون بالتغيير وغير مستعدّون له كما انهم للأسف لا يثقون بالتفكير التعاوني الجماعي ومتمسكون بالتفكير الخطّي او الفردي وذلك بسبب انهم فقدوا الثقة بالحكومة ومجلس النواب وبانفسهم وبحاجة لطويل زمن حتّى تعود تلك الثقة لمجاريها ويزرعوها في ابنائهم كي تُثمر بعد اجيال قادمة .
إنّ التغيير في المجتمع يبدأ من النفس ذاتها ويجب ان يكون للنفس قدوة والقدوة تكون الحكومة ومسؤوليها فكيف نرى وزيرا في دولة متقدِّمة يستقيل من الحكومة لأنه يرمي ورقة من زجاج سيارة او وزيرة تستقيل لأنها عبأت تنك وقود سيارتها على حساب الوزارة مرّة واحدة او وزيرا يستقيل من الوزارة لأن حادثا وقع في القطاع الذي هو مسؤولا عنه تلك حكومات قدوة عندما يذهب رئيس الحكومة الى مركز عمله على درّاجة هوائيّة أو عندما تحتفل الحكومة بمرور ثلاثين عاما ولم تنقطع الكهرباء لدقيقة واحدة عن بقعة في البلاد تلك هي الحكومات القدوة ومسؤوليها الذين يعتبروا قدوة لشعوبهم ومثالا لتفكيرهم التعاوني والتي تغري الشعوب على التغيير باستمرار نحو الأفضل .
ونحن الذي بين ايدينا كتاب يهدينا لسواء السبيل ويدعونا للتغيير حيث يقول بكتابه العزيز (إنّ الله لا يغيِّر ما بقوم حتّى يغيِّروا ما بأنفسهم )صدق الله العظيم , فقد استعصى علينا التغيير لأننا لا نجد قدوة في مسؤولينا حتّى الآن .
رزقنا الله القدوة الصالحة في مسؤولينا وأنار لنا درب الهدى والرشاد وحمى الله الأردن ارضا وشعبا وقيادة .
Ambanr@hotmail.com
18/4/2016