حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,24 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 18995

الزيتون والأشغال الشاقة

الزيتون والأشغال الشاقة

الزيتون والأشغال الشاقة

08-11-2010 01:45 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 نحضّر السلالم والمفارش وشولات الخيش والخيط والمسلة ولا ننسى إبريق الشاي (بنص عمره) وحبات الرمان المجففة لهذه الغاية، ومغالاةً منّا في التبذير نحزم (حبة دقة وريحة زيت) وطوق قطين كان مصلوبا على باب البيت بجانب (حُق) السمن البلدي المقشّد بزهر النبق والفيجن وباقة الجميد في المعصبة المنبعث منها رائحة الحندقوق وجعدة الصبيان والشيح.

ثم نُحرمُ بنية الحاج المقرن ملبينا لهاث شجرات الزيتون المثقلة بحباتها حرصا منها على (قفرتنا) .وحرصا منا عليها وإيمانا بمقولة دوستويفسكي ( لا يليق برجل يحترم نفسه أن يعيش أكثر من خمسين سنة) (نجلخ الطبر) عند نافخ ( الكور) لكي لا تتألم أغصانها الشائخة؛ فإذا أردت أن تريح ذبيحتك اشحذ سكينك جيداً.

ويطفأ القنديل مبكراً تكتيكاً لانطلاق القافلة مبكرً.

وما أن تستكمل تفكيك جسدك فوق الحصيرة الرطبة يتناها إلى مسامعك عزف أباريق الوضوء استعداداً للفجر صفر الانطلاق، نسير مع النسيم في الوادي ونتسلق الجبل نسابق طلوع الشمس، فنوقظ أشجار الزيتون بتذمرنا وتأوهات وخز الأشواك المتعطشة للبطش.

فتنتصب السلالم منتشيةً باقتحام برأة الأغصان وتستعد المفارش راصدةً الصيد ( كدربزان نيص ) وما نكاد أن نهزم الشجرة الأولى ليختلط دخان الحطب مع (هيشي) جدي و(نقعة) الميرمية في القدر لذي لا يركب إلا على ثلاث.

تحتار جدتي في التفكير: تجعل صحن (الدّقة) يميناً وصحن الزيت يساراً ؟ أم أنها تضع الزيت يميناً والدقة يسارا ؟!.

هل قرأت جدتي مقولة ديكارت( أنا أفكر إذاً أنا موجود) ؟.

ليتها مزجتهما في صحن واحد وخلصت من نظرات جدي المتهمة بعدم الإتكيت.

ويبدأ شوال الخيش(أبو خط أحمر) بالانتفاخ أولا بأول إلى أن يفتح شوال آخر فيتنفس جدي الصعداء كونه أصبح في مأمن من هزل صاحب الكرم المجاور ويبدأ بلظم الخيط في مسلته متنحنحاً إعلاناً بالنصر مازجاً مع كل نُفذة تنهيدة تصلح أن تكون عنوانا لملحمة تاريخية تطربنا مع وشيش (الراديو) الذي لا يكاد ينطق وإذا نطق لايُسمع مذيعه.

يفاجئنا حدي بإبريق الشاي (كركم عجم) في نقع الميرمية يعتصر عروقك ثم يلوّح بيده للحاج المنهك بجوارنا داعيه ظاهرياً لشرب الشاي ( طبعاً الهدف من الدعوة عرض شوالين الزيتون) فقط. وهنا تبدأ معاناتي...

فكم تمنيت أنَّ وزيراً للأشغال العامة والإسكان صاحب للكرم الآخر المجاور لنا، ليس من أجل أن أرى وزيراً رغم أنها بالنسبة للفلاح طموح... بل لعله يعيرنا حماره لنقل الشوالين في طريقنا العثرة إلى (قطع) جدي الآمن.








طباعة
  • المشاهدات: 18995
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-11-2010 01:45 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم