03-05-2016 04:06 PM
بقلم : د. طارق زياد الناصر
من الطبيعي أن أول سؤال يتبادر إلى عقل القارئ الكريم سيكون من هو مجدي يعقوب؟! ولماذا اخترته نموذجا ؟ مجدي يعقوب هو طبيب مصري يحمل الجنسية البريطانية بالإضافة إلى لقب فارس منحته إياه الملكة إليزابيث ولقب في بريطانيا ب "ملك القلوب" ، بعيدا عن الأسباب التي دعته للهجرة إلى بريطانيا في العام 1962 وعن ضيق المكان الذي لم يتسع حينها لأفكاره وطموحه، وربما ضيق ذات اليد أيضا ، كل ذلك ليس بأمر هام مقارنة بما قدمه يعقوب لمصر عندما حقق النجاح تلو النجاح .
في العام 2009 أسس يعقوب مستشفى لجراحة القلب في محافظة أسوان من صعيد مصر يقدم كامل الخدمات لسكان تلك المنطقة ولكل المحتاجين في أم الدنيا بالمجان ، فما دافع هذا الرجل للعودة بأمواله وجهده وفكره وألقابه إلى مصر وليعمل بالمجان يعالج الفقراء من مرضى القلب وينقذ حياة المئات إذا لم يكن الآلاف ؟.
باعتقادي أن السبب الرئيس لعودة هذا الرجل إلى مصر هو كلمة واحدة " الانتماء" فلولا انه حمل في وجدانه حبا لمصر وأهلها لما عاد يُعلم طلبة العلم ويُعالج المرضى ويُنفق على الفقراء، وهنا يجدر بنا أن نسأل كيف نترجم الانتماء إلى فعل وما الذي يعنيه لنا الانتماء وكيف لنا أن نخدم ونقدم بغض الطرف عن ما قدمت لنا بلدنا وهل فينا مثل مجدي يعقوب .
لا شك أن في الأردن الكثير من الأشخاص الذين يقدمون دون انتظار مقابل وان فيها من يعمل بصمت ودون ضوضاء لكن على كل منا أن يرى نفسه مكان يعقوب ولو لمرة واحدة.
يتباكى الكثيرون على هجرة العقول والكفاءات ويندبون حظهم في أوطانهم ويغادر الكثيرون دون وداع فهل نجحوا في غربتهم ، وهل قدموا شيئا لأوطانهم وهل سنراهم يشاركون في التنمية أو غيرها مشاركة حقيقية.
ختاما مجدي يعقوب لم ينكر انتماءه إلى بريطانيا التي أعطته جنسيتها، ولم يترك حب مصر يوما قلبه ، ولا اكتفى بكل ما أنجز وأصر على أن الانجاز الأهم هو خدمة وطنه وعاد إليه ملبيا ومصليا، فأهلا بمن يعود إلى محراب الوطن منجزا، وأهلا بمن جاء ليعطي دون أن يأخذ وعذرا لمن لم يعرف يوما معنى أن يكون له وطن فالباب أمامهم مغلق وأبناء الوطن مشغولون في البناء والعطاء.