08-05-2016 04:28 PM
بقلم :
زار احد الأصدقاء أحدى الولايات الأمريكية في زيارة عمل استمرت لعدة أيام حيث عاد يتحدث بما شاهد من نمط الحياة , وسلوك الأفراد , وطبيعة النظام الحياتي السائد في تلك البلاد في الشارع , في مكان العمل , في حركة السير, في حركة المشاة , في وقوف الناس في الأسواق , واحترام الوقت وتقديره , وطريقة الانتاج المذهلة , والنظافة الهائلة المذهلة التي ترى في كل مكان .
ولا شك أن هذا الحال الذي وصلوا إليه من التقدم لم يكن من فراغ , وإنما هو نتاج ثقافة عامة صنعت المدنية والحضارة التي جعلت العالم ينظرون إليها نظرة الإعجاب والتقدير, ونظرة التقليد , ونظرة الانبهار الحضاري بما انجزته هذه الحضارة للبشرية في جانبها المادي المدني بما يرافقه من سلوك في بلادهم يزيد من الفارق الحضاري بيننا وبينهم .
ولا بد من القول أن الثقافة العربية التي تشكل هوية الأمة بدينها ولغتها وقيمها قد أكدت على قيمة الإنسان , وقيمة النظام , وقيمة الوقت واحترام المواعيد , وقيمة النظافة والمظهر العام , وقيمة الإنتاج والعمل , وقيمة السلوك الراقي واحترام الآخرين في عاداتهم وتفكيرهم ونمط حياتهم , إلا أننا أخفقنا في الجانب التطبيقي بصورة مذهلة جعلت الفارق الحضاري بيننا وبين تلك الحضارات فارقا كبيرا قد يقدر بمئات السنين .
فالفارق الحضاري جاء نتيجة ثقافة جعلت كل فرد يدرك المسؤولية الملقاة عليه في العمل والانتاج , وفي طلب العلم والبحث العلمي المنتج بعيدا عن المظاهر والشكليات , وفي سلوك النظافة الذي يكاد يكون مفقودا لدى غالب فئات الناس في عالمنا المتخلف , وفي الامتناع عن التدخين او إزعاج الآخرين , وغالب ما لدينا من عادات وتقاليد وسلوكيات لا تصنع فارقا حضاريا بمقياس الأمم الراشدة , وإنما تصنع المزيد من التخلف والضياع , والمزيد من التقليد والتبعية , والمزيد من ضياع الوقت الذي يعد وعاء الحضارة , ومن باب الإنصاف فإن التخلف الذي نراه ونعيشه ليس من صنيعة ديننا , وديننا منه براء , ولكنه صنيعة ثقافة نسبت إلى الإسلام والعروبة زورا وبهتانا , فهل نفيق ؟ وهل نستيقظ ؟ وهل نحس بما نحن فيه من المأساة ؟ آمل ذلك .