14-05-2016 04:12 PM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
تاريخ الهاشميون منذ توليهم السلطة في الأردن إلى يومنا هذا، هو تاريخ شعب وملك حيث دائما ما يكونوا في صف وإرادة واحدة حتى في أصعب المراحل والقرارات سواء الخارجية منها مثال موقف الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه من التحالف ضد العراق ،والداخلية منها التي مر بها الأردن ،حيث يتم تغيير الحكومات عندما تتغول على الشعب أو التي يرفضها الشعب لأي سبب كان ،مما جعل العلاقة بين الشعب والملك علاقة روحانية نادرا ما تجد مثيلها في بلدان العالم حيث أن الملك يصبح جنديا أو مواطن عاديا يدفع مركبة مواطن آخر عطلها الثلوج ، ملك تحلى بفطنة صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتخفى لتحري إخلاص من ولاهم في حمل الأمانة في رعاية أبناء شعبه ، ملك يسهر لينام أبناء شعبه......
مع بداية ما يسمى بالربيع العربي الذي كان من أسباب قيامه انتشار ظاهرة الفساد، وكالعادة كان الملك من أوائل مواطنين الشعب الذي أعلن الثورة البيضاء ،ثورة إصلاح لتنزع فساد المفسدين من جذوره ،فساد محتكرين الاقتصاد ومحتكرين السلطة الذين سعوا كما هم ألان في خلخلة العلاقة الروحانية بين الملك والشعب إلا أن الشعب كما أراه واسمعه في الأبواب المفتوحة والمغلقة يعتبر هذه العلاقة هي أثمن واغلي ما يحرص الإنسان عليها كما يحرص الإنسان على روحه وهذه تمثل أعلى وأغلى سلطة يملكها الشعب ويراهن عليها
.......
في أخر حكومتين وذلك بعد حكومة دولة الخصاونة لوحظ من خلال الممارسات الفعلية لها أن لهذه الحكومات مخطط سياسي مدروس بدايته تكميم الأفواه التي ظهرت والتي أصبحت تشير على مواقع الفساد والمفسدين وتلاحق بضائعهم الفاسدة ، وذلك بحجة إطالة اللسان علما أننا لم نسمع منهم إلا حبهم وغيرتهم على العلاقة الروحانية الحميمة بين الشعب والملك ، ثم أصبحت تمارس سياسة المراهنة على غياب المواطنة والانتماء من خلال العمل عليها وذلك بمخالفة إرادة الشعب وتحديه في كل أمر حتى في ابسط الأمور، مثال تغيير التوقيت الشتوي وهذه السياسة من اخطر الأمور كونها تمس العلاقة الروحانية والإرادة التاريخية المتجانسة بين الشعب والملك التي يحرص عليها ويحترمها ويعمل عليها طرفي معادلة التوازن في الاستقرار ،حيث تربى الأجيال عليها حبا وقناعة، فعصا السياسة التي تستخدمها الحكومات سواء السابقة آو الحالية على الشعب مردودها عليهم لان العلاقة علاقة حب إرادي ..........
إن الملاحظ لجميع القرارات السياسية التي تم اتخاذها من قانون تكميم الأفواه ، والتعدد الكثير للأحزاب الصغيرة ،إلى إغلاق مقرات الإخوان وكل ما يتعلق بالأمور التي سترسم السياسة المستقبلية بالشكل الصحيح والنهائي ،يجد أنها تحارب جميع عوامل الإصلاح السياسي التي يمكن أن تنافس المستحوذين على السلطة وقراراتها وتوريثا للأبناء حيث يبقى احتكار الاقتصاد والاستثمار مرهون بقوانين رغباتهم .........
إن هيبة الشعب من هيبة الملك والعكس صحيح، علاقة نتج عنها الاستقرار في الأمن والأمان بكل أشكاله ،فغالبية الشعب هم من يعتمرون حبا الشعار الملكي على الرؤوس رمزا للوحدة التي قامت من اجلها الثورة العربية الكبرى ،ومن اعتمروه من المتقاعدين العسكريين سابقا واعتمروه لاحقا في القلوب كما هو باقي الشعب الذي يشكل في تركيبته نواة للوحدة ، وما تفعله القلة هو إيجاد حيز فراغ بين رأس وقاعدة هرم الإرادة المشتركة بين الشعب والملك من خلال تصريحاته وتوجيهاته السامية المستمرة التي تنسجم مع رغبات الشعب وتتناغم مع صوت مناداة الشعب في الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري .............
لقد نالت هذه الحكومة كل المقومات التي تحقق أماني الرغبة والارادة المشتركة، من حيث الوقت والولاية العامة وترشيحها من قبل ممثلين الشعب حيث كان لديها الفرصة في القدرة على إن تثبت نهجا جديدا يتبع لاحقا في تحقيق واستدامة الإصلاح السياسي الذي يصلح الاقتصاد والترهل الإداري من خلال عدم اعتماد الأسلوب المتبع في التشكيل الوزاري وهو فقط لتغيير أسماء الوزراء ومنح الألقاب في التشكيل الوزاري حيث تستمر السلطة الحقيقية بيد الشللية حيث دور الوزير منها تذييل توقيعه على قراراتها التعسفية الإدارية ،ولم يعد المواطن قادرا على التفريق بين الحكومة وبين قوى الشد العكسي للإصلاح الاقتصادي والسياسي ........
هذه الحكومة كان لديها جميع فرص النجاح لو أرادت ذلك ،ولكنها استغلت جميع الفرص في زيادة الطين بلة حيث زادة البطالة والمديونية والركود الاقتصادي حيث استقوت برضى البنك الدولي ،وظهور التغول والإرهاب الإداري بدءا من الفريق الوزاري نفسه على غير المتجانسين معه إلى ابسط المدراء حيث يرتجفون خوفا على مناصبهم من كثرة المحسوبين على المحسوبين في السلطة التنفيذية ، لقد بدئت هذه الحكومة عندما كانت محاولة الانتحار للعاطلين عن العمل بشكل فردي ومع قرب نهايتها أصبحت محاولات الانتحار ولنفس السبب بشكل جماعي، والمخفي أعظم من ما هو متوقع في تقلص إرادات الدولة من الاستثمار نتيجة السياسة الاقتصادية الخاطئة ، والتي ستظهر مع بداية اجل هذه الحكومة .