14-05-2016 04:16 PM
بقلم : المهندس هايل العموش
في الاخبار المتواردة في الوكالات العالمية التي تتحدث عن فوز الأردنية كريمة حمارنة بعضوية مجلس بلدي مدينة «بلاك اند بيرن وذ دارون» البريطانية للمرة التاسعة على التوالي، وذلك في الانتخابات المحلية وفي الانباء العالمية ايضا وصفت انتخاب صادق خان رئيسا لبلدية لندن - ليصبح أول مسلم يشغل هذا المنصب - بأنه حدث "غير مسبوق"،مهما كانت ميولهم او انتمائتهم العقائدية فان ذلك يشكل احترام لارادة الشعوب الناخبة واذا كان هناك اي مثالب عليهم ففي بلدنا الكثير من الكثير الذين لديهم كثير من المساوى التي لا تصب في مصلحة الوطن والمواطن تفوق اي خلل لدى خان او غيره من المسلمين في الدول الاجنبية.
أسعدني، كما أسعد غيري، فوز اردنية في انتخابات بلدية في دولة عريقة كبريطانيا نتهمها نحن العرب والاردنيون بحقبة من الاستعمار والصورة الغير جميلة وفوز صادق خان، المواطن البريطاني المسلم من أصل باكستاني، في الانتخابات البلدية البريطانية الأخيرة، وتنصيبه رسمياً عمدة لواحدة من أكبر وأهم العواصم الأوروبية، ورأيت في هذا الحدث دليل حيوية ونضج لمجتمعات تؤمن بقيم التعددية والمساواة وعدم التمييز وتحترم الكفاءة والموهبة. وهي قراءة تفضي إلى نتيجة منطقية مفادها بأن الصانع الحقيقي لهذا الحدث هومجتمع الناخبين وليس المرشح الفرد. فالمجتمع، وفقاً لهذه القراءة، هو صانع النجاح الحقيقي ليس فقط للمرشح الذي عرف كيف يكتسب المهارات والخبرات التي تمكنه من التواصل مع الآخرين، وإنما أيضاً للناخب الذي عرف كيف يتغلب على نوازع التعصب الديني والعرقي الكامنة في أعماق نفسه وأصبح في وضع يمكنه من الاختيار وفقاً لضوابط وقواعد تُعلي من شأن القيم المجتمعية العليا وتكبح الأهواء الشخصية ونوازع التعصب والانحياز. ولا شك في أن هذه القراءة تعكس فكراً يؤمن بقيم التنوع والتعددية والمساواة ويعتبرها الأسس الصالحة لبناء دول ومجتمعات ونظم ومؤسسات قادرة على الإسهام بفاعلية في بناء الحضارة الإنسانية.
إن من "أهم الدروس التي يجب أن نستلهمها في الاردن ونحن نقترب من انتخابات نيابية وبلدية ومجالس مركزية ، أن الأمم لا تبنى إلا على أسس وقواعد متينة من المساواة بين أبنائها على أساس الكفاءة، بغض النظر عن آرائهم ووضعهم الاجتماعي والمالي ومشاربهم ومناطقهم ،وان الاردن حتى يستطيع الولوج الى عصر من الحداثة والتطور والخدمات المبنية على اساس من الشفافية والحقوق السليمة للمواطن باي مدينة او منطقة في الاردن يجب ان تتغير المعايير التي تحكم الناخب الاردني والخروج من العقلية المناطقية او العشائرية او من خلال ممارسة الضحك على عقول الناخبين وممارسة طقوس العهر الانتخابي والكذب واستخدام المال السياسي واستغلال المنصب العام الى عقلية متحررة ومتطورة وراقية تنظر الى مصلحة الوطن والمواطن وان تكون مقدرات الاردن في اي مكان تكون بايدي امينه لا بايدي ناس لا يهمهم الا مصالحهم الشخصية او العشائرية الضيقة يتنكرون باشكال ما عادت تخفى على الناخب الاردني الذي يجب ان يكون له كلمته بقوة وصدق ومخافة الله لا ان يباع ويشترى بابخس الوعود او الشعارات الرنانه ،وان تكون السيادة للقانون ودولة الموسئسات التي بدونها لن نتمكن من المحافظة على تطور بلدنا في كافة المجالات والخدمات التي هي حق للمواطن الاردني كفلها الدستور والقانون .
. وأن الدرس الكبير الذي يلقنه لنا الناخب البريطاني اليوم هو درس علمنا إياه ديننا الإسلامي قبل 15 قرنا أنه لا فرق بين إنسان وآخر إلا بالتقوى والصلاح، فتحية إكبار لمجتمعات تقدم مصالحها على عقدها المقيتة.
في مجتمعاتنا مشكلة حقيقية تعوّقها في الوقت الحالي عن التقدم والانطلاق على نحو يمكنها من الإسهام في الحضارة العالمية. قد تستطيع مجتمعاتنا أن تبني مدارس وجامعات ومستشفيات، وأن تشيد موانئ ومطارات، وأن ترصف طرقاً وتقيم الجسور وتحفر الأنفاق، لكنها لن تستطيع أبداً أن تحرر طاقات شعوبها من دون الإيمان بقيم المواطنة والمساواة وحقوق الإنسان
تبتديء من الاختيار السليم للمرشح المتميز عن غيره بالانتماء الصادق لتراب الوطن والمواطن وبما يحمله من فكر اصلاحي شمولي ينصب بنهاية المطاف على تطوير وتحديث اجندة الاصلاح والعدالة والشفافية الحقيقية التي يجب ان ترى النور خاصة في ظل انتخابات قادمة في الاردن على كافة المسارات النيابية والبلدية والمركزية والله اسال ان يحمي الاردن من كل فاسد ومنافق وكاذب ومنتهز للفرص.