24-05-2016 01:58 PM
بقلم : زيد فهيم العطاري
تعود فرنسا ملوحةً بمبادرة جديدة لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولكن هذه العودة لا تبدو ذات جدوى فظروف أطراف الصراع وكذلك الظروف الأقليمية والدولية تجعل طريق نجاح هذه المبادرة وعراً وأقرب إلى المسدود.
عند مراجعة مؤتمرات وجهود السلام السابقة نجد أن البيئة المحيطة بها كانت أكثر ملاءمة لنجاحها ومع ذلك لم تنجح، لم تنجح لأن الوسطاء لم يكونوا على مسافة واحدة من أطراف الصراع، ولأن الجانب الإسرائيلي كان باستمرار يمعن في ممارساته على الأرض بهدف فرص الوقائع وذلك لم يتغير، لم تنجح لأن التوافق على خارطة طريق تمهيدية يفي بها الجميع بالتزاماته لم يحدث
بالأمس كانت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل للمجتمع الدولي ولم تكن أجندة القوى العالمية مزدحمة بالملفات كما هي اليوم،ومع ذلك كانت الجهود الدولية دائماً تصطدم بالمصالح المتضاربة والمحاباة للجانب الإسرائيلي.
اليوم وعند مطالعة واقع الحال لمختلف الأطراف نجد أن الأفق يكاد يكون مسدوداً، فالجانب الفلسطيني ما زال يبحث عن ضالته في ظل الانقسام الذي يأبى أن ينتهي، والسلطة الفلسطينية بمن يقوم عليها تتمسك بشرعيتها المستمدة من الوضع القائم ليس إلا، فلا انتخابات تشريعية ولا رئاسية في ظل الانقسام الذي يحول دون تنظيمها،إضافة إلى تراشق الاتهامات الذي ما زال مستمراً. بصورة عامة فالبيت الفلسطيني يعيش حالة من الفوضى بانتظار توافق ساكنيه على ترتيبه.
أما الجانب الإسرائيلي فموقفه واضحٌ وضوح الشمس، رفضٌ للمبادرة الفرنسية وإمعان في الانتهاكات في القدس والضفة واستمرار للحصار المفروض على قطاع غزة، وكذلك حكومة يمينية يرأسها نتنياهو، ورموزٌ يمينية داخل اسرائيل يسطع نجمها وعلى رأسها زعيم حزب اسرائيل بيتنا إفغدور ليبرمان،
إذن لا الكيان الفلسطيني بصحة جيدة ولا الجانب الإسرائيلي بجانح نحو السلام، ولا حتى ملفات القضية الفلسطينية بقابلة للفتح فالاستيطان سبب توقف المفاوضات ينتشر كالسرطان الخبيث في جسم القدس والضفة والاعتداءعلى المقدسات والقدس تستمر والاعتقالات تتواصل والحصار على غزة يبقى محكماً.
أقليمياً نرى دول المنطقة منشغلةً بتحدياتها فمصر اللاعب رقم 10 عربياً في عملية السلام طيلة السنوات الماضية يدخل في حالة من الشك في ظل موقفه المتطور من اسرائيل وحماس وكذلك في ظل تحدياته الأمنية في الأرض والجو.
اما الجانب الأردني فجهوده المتكررة والستمرة من أجل وقف الانتهاكات الإسرائيلية في القدس تعطي مؤشراً سلبياً يدل على عدم وجود نية اسرائيلية للمُضي قُدماً في المفاوضات، كما أن الجانب الأردني يواجه تحديات كبيرة تتمثل بأزمة اللجوء السوري والحرب على الإرهاب وهو ما قد يؤثر على الدور الأردني في مؤتمر السلام المنوي عقده.
بصورة عامة فالمنطقة العربية تعيش حالةً من الخلط في الأوراق والذي يؤثر بدوره على مجريات الأحداث فعلى سبيل المثال اختلاف المواقف من الانقسام الفلسطيني بين مؤيد للسلطة في رام الله وأخر مؤيد لحماس في القطاع، سيُظهر الاختلال عند فتح ملف رفع الحصار وإعادة الإعمار، ويشكل التعثر الذي يشهده خير دليل على الأثر السلبي الذي تركه الانقسام والتخندق العربي.
اما المجتمع الدولي فأوراقه المختلطة أكثر تعقيداً فهناك الكثير من المتغيرات والعوامل التي يجب أخذها في عين الاعتبار ابرزها الهاجس الأمني الذي تعيشه القارة العجوز والمُضيفة فرنسا، وهنا علينا أن نتساءل هل الأخيرة قادرة على تكريس امكاناتها وجهودها لانجاح مبادرتها في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها. ؟؟.
وهل ستنحي روسيا والولايات المتحدة خلافاتها حول الأزمة في سورية جانباً بُغية المضي قُدماً في دفع عملية السلام أم أن الخلاف الروسي الإسرائيلي حول سورية سيلقي بظلاله؟؟.
ختاماً فالمُضي في عملية السلام يحتاج لضمانات وتعهدات من كافة الأطراف المباشرة للصراع والراعية لتسويته، حتى تكون هذه الضمانات بمثابة بادرة لحسن النوايا من جهة وأرضية يمكن البناء عليها وتطويرها لتصبح فيما بعد خطوة ناجحة تتبعها خطوات أخرى في المسار الصحيح.