25-05-2016 01:56 PM
بقلم : عيسى الخزاعلة
كثيرة هي الدول التي استقلت عن دولة اخرى حكمتها وحكمت شعبها فامريكا نفسها التي تتسيد العالم كانت مستعمرة للانجليز حيث كانت هناك ثلاثة عشر مستعمرة يحكمها الانجليز على الارض الامريكية ومن ثم توحدث واستقلت لتشكل نواة للولايات المتحدة الحالية والتي تعتبر القطب الاوحد الذي يسيطر على العالم.
وفي منطقتنا - حيث كان الاستعمار الانجليزي والفرنسي والايطالي يحكم المنطقة بعد ان تم القضاء على الدولة العثمانية التي وصل حكمها الى اوروبا الغربية - قامت الدول القائمة انذاك والتي كانت في بداياتها بالمطالبة بالتحرر والاستقلال عن السيطرة الاجنبية التي كان همها فرض واقع سياسي للهيمنة على المنطقة وخيراتها التي كانت الدلائل تشير الى وجودها وخاصة البترول.
الاردن كان احدى الدول التي كافحت من اجل الاستقلال فتكاتفت جهود القائد انذاك الملك عبدالله الاول ورغبة الشعب الاردني بقبائلة اصحاب السواعد السمر من اجل الحصول على الاستقلال الحلم الذي تحقق في الخامس والعشرين من عام ست واربعون وتسعماية والف. هذا الحلم الذي اصبح حقيقة بعد هذا التاريخ بفضل الله اولا ومن ثم بالجهود الحثيثة للقيادة الهاشمية انذاك وجهود الشعب الاردني. فالاستقلال ليست صناعة قائد فقط ولا صناعة شعب فقط فأي قائد في الدنيا لا يمكن ان يصنع الخير لبلده دون وقوف الشعب بجانبه وكذلك فأن الشعب لا يمكن ان يصنع مجدا دون قيادة حكيمة ترشده الى السبيل الصحيح.
السواعد السمراء العربية لابناء الشعب الاردني في والمدن والحضر والبادية صنعت نصرا على الاستعمار البغيض الذي حاول ارجاعنا مئات السنوات الى الوراء والذي حاول ان يدمر حتى معنوياتنا ويغتصب خبزنا وقمحنا وكل خيراتنا. لذلك لبى هذا الشعب النداء وشمر ابناء الاردن عن سواعدهم ووقفوا وقفة صناديد للحفاظ على هذا الحلم الكبير الذي تحقق في وقت كانت تمر فيه الامة بظروف عصيبة.
واستمرت المسيرة وتسنم جلالة الملك الحسين رحمه الله العرش وقاد الوطن الى الطريق الصحيح فصنع وطنا كنا نحسد عليه. فتطورت البنية التحتية وفتحت المدراس وزادت اعدادها في جميع المدن والقرى الاردنية وفتحت المستشفيات في جميع مناطق الوطن وشيدت الجامعات التي نفتخر بها فاصبح الاردن محجا للاشقاء العرب من اجل نهل العلم من جامعاته وتلقي الخدمات الطبية الراقية في مستشفياته . فاصبح الأنسان الاردني هو الثروة الكبيرة التي نعتز بها كأردنيين.
والان ورغم الظروف القاسية والخطيرة التي تمر بها المنطقة العربية بشكل خاص وقف الاردن سدا منيعا امام السيل لما يسمى ب(الربيع العربي) الذي دمر دول عدة في منطقتنا العربية نتيجة لمؤامرة استعمارية غربية حاقدة تريد اعادة امجاد سايكس وبيكو في بدايات القرن الماضي. ولكن الاردن وبفضل الله اولا ومن ثم حكمة القيادة ووعي الشعب الاردني صاحب السواعد السمراء الذي نذر نفسة لحماية الاستقلال سارت المسيرة متحدية جميع الصعاب وقساوة الظروف وحسد الحاقدين . وبعون الله ستستمر المسيرة رغم شدة الاعاصير السياسية الحالية وسيبقى الاردن قلعة قوية امام كل تلك الاعاصير وهذا الامر الذي جعل الكثير من الحاسدين يستغربون كيف ان دولة صغيرة مثل الاردن المحدود الموارد يقف صامدا امام اعاصير ما يسمى بالربيع العربي ونسوا ان شعارنا في الاردن هو "تموت الحرة ولا تأكل بثدييها".
اذن الحفاظ على الاستقلال هو نتيجة للجهود الحثيثة للقيادة الممزوجة مع وعي الشعب ورغبته في البقاء. وهنا لا يسعنا الا ان نقول حمى الله الاردن وشعبة وابقاه منارة عز يهتدي بها الاخرون.