01-06-2016 10:40 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
لا شكّ ان الإعلام الحكومي يلعب دورا هامّا في توجيه دفّة الأمور نحو الشاطئ التي ترتأيه الحكومة أنّه الأفضل للدولة لنظامها الإداري والمالي بغض النظر عن الوضع الإقتصادي والإجتماعي للمواطنين وذلك حسب منظور الحكومة للأوضاع الأمنيّة اولا ولإرتباطات الدولة مع الجهات الخارجيّة الدبلوماسيّة والأمنيّة والماليّة .
تلك هي المعادلة التي تعمل بها الأجهزة الإعلاميّة الحكوميّة في عالمنا الثالث وفي الغالب في الدول التي تفتقر الى الديموقراطيّة والتي لم تنضج لدى شعوبها ثقافة التعدُّدية الحزبيّة او الحكومات البرلمانيّة او الخاضعة للأجهزة الأمنيّة فيها مع ما يرافق تلك الحكومات من غياب العدالة والمساواة والشفافيّة وسيادة الشللية والفساد والرشوة وتبادل المنافع والمصالح الشخصيّة وبذلك تسود في هذه المجتمعات تصنيف المجتمع الى طبقتين رئيستين هما طبقة الأغنياء والأثرياء وطبقة المسحوقين والفقراء وغالبا ما تتميّزطبقة المسحوقين بالضعف والإنجرار لتبعيّة طبقة الأغنياء والقبول بالظروف المفروضة عليهم لأنهم يلتقطون الفتات منهم وينتفعون من بعض الهبات والخدمات وتسهيل استفادتهم للإقتراض من البنوك وبالتالي تزداد ظروفهم سوءا وتزداد مديونيتهم من البنوك والمتعاملين بالربا حتى يدوسهم القدر او تتفشّى لديهم مظاهر الإجرام المختلفة وينتج عن هذه الطبقة فئة تشوّه صورة المجتمع مستقبلا وقد تكون هذه الطبقة اصيلة في المجتمع ام دخيلة على المجتمع من اللآجئين او وافدين لأغراض تخريب المجتمع في تلك الدولة .
وإذا جاعت تلك الطبقة الكادحة فقد تلجأ لقبول الرشوة وقبول المال السياسي لتبيع ذمّتها في اي نوع من الإنتخابات او المشاركة في اعمال مخالفة للقانون والإحتماء تحت عباءة الفاسدين والمقرّبين من السلطة ممّا يضعف الجهاز الأمني كما يعيق عمل الجهاز القضائي كما يولّد منتخبين ممثلين لهم ليسوا على درجة من الإنتماء والكفاءة لخدمة الوطن والمواطن ويلبّي مصالح السيادة الوطنيّة وهكذا بينما تسير المركبة الى طريق الهلاك يكون البعض حالمون بانتظار الفرج بينما ممثلوهم نائمون وفي غياب السلطة الحقيقيّة للأمن والقضاء العادل السريع تستشرس الحكومة في استعمال كافّة الوسائل للإستمرار في تفكيك المجتمع وتكريس تقسيمه الى الفئتين التي سبق ذكرهما وهما المسحوقين والأغنياء .
وما سبق هو الفرق بين المجتمعات في الدول النامية والمجتمعات في العالم الثالث وفي اسوأ تلك المجتمعات تتفشّى الأوبئة دون قدرة على العلاج كما تشتعل حروب الإبادة دون القدرة على السيطرة وذلك لغياب الحكمة والتدبير والثقافة المجتمعيّة في العالم الثالث , بينما المجتمعات في الدول المتقدِّمة تجاوزوا كل ذلك منذ عقود طويلة بعد ان فقدوا الآلاف من البشر وذاقوا سنين الفقر والحرمان وعانوا من الهزائم والتقسيم والفقر والبطالة ولكنّهم تعلموا دروسا من ذلك ولعلّ اوضح مثالين على عودة الروح كانت لليابان والمانيا حيث كان الإنسان وإدارة الوقت هما طريق النجاح لليابانيّين كما ان الفكر النيِّر وثقافة التصالح من اجل التقدُّم وتوحيد الشعب الألماني جعلت من المانيا قلعة صناعيّة عريقة وكلا البلدين لم يعتمدا على الجيش أو الدين لبناء صرح بلديهما وإنما إعتمدا على رجاحة العقل ومحاولة فعليّة لإجتثاث الفساد والفقر من المجتمع ونجحا بذلك .
وعندما يردِّد المسؤولون والشعوب حلم ورغبة الحكومات بتطبيق الديموقراطيّة بينما يعشعش في عقولنا ممارسة الرشوة والفساد فكيف يكون الحلم حقيقة , كما ان ما يردِّده صنّاع القرار بانهم يهدفون للوصول الى تشكيل حكومات برلمانيّة بينما لا يؤمن المجتمع بالتعدّدية الحزبية ولا يُقبل على الإنضمام للأحزاب وان معظم تلك الأحزاب هزيلة وتدور في فلك واحد وهو السعي الفردي للسلطة او المكاسب ولا تضم الكثير من الأعضاء ولا يجد لها برنامج سياسي ولا يوجد دعم مالي لتقوية عملها كما ان الكتل النيابيّة تكون لمصالح فرديّة من السهل تفكِّكها وتغيير افرادها فكيف من الممكن تشكيل حكومة برلمانيّة قبل ان تتولّد لدى المجتمع ثقافة الأحزاب ذات اتجاهات سياسية واجتماعية وثقافيّة متعدِّدة .
وعادة تتشكّل الحكومات في الدول المتقدِّمة من افراد لهم اطياف مختلفة تؤدّي في مجموعها الى حماية البلد وخدمة المجتمع وإضافة نوعية جديدة لحياته ووجوده في وطنه لا ان يأتي أعضاء تلك الحكومة نتيجة قرابة او وراثة او لتحقيق منفعة شخصيّة او لتيسير وتسهيل جزئيِّة حكوميّة معيّنة او لتسديد دين عن معروف سابق او لإقصاء فئة ما او لإرضاء جهة ما خارجيّة ام داخليّة او لعلاقة طرف قرابة او نسب او غير ذلك من علاقة ليس لها علاقة بمصلحة الوطن والمواطن ويجب ان يكون اختيار الوزير حسب كفائته وانتمائه وتاريخه المهني وبذلك تستطيع دول العالم الثالث بالتقدّم نحو العالم النامي لتسطِّر اسمها بين الدول النامية ومهما كانت في ظلام وتأخُّر فإنّ الروح تعود اليها ويعود التصنيف الطبقي للمجتمع متوازنا لا يعاني من الإنحسار بطبقتين فقط .
اللهم احمي الأردن ارضا وشعبا وجيشا وقيادة ويسِّر له حكومة يعمل افرادها بإخلاص وانتماء لمصلحة الوطن والمواطن وبمزيد من العزم والإيمان .
ambanr@hotmail.com