11-06-2016 10:09 AM
بقلم : صالح الحجاج
لطالما ظلت الانتخابات البرلمانية حالة، وأداة تواكب الحقوق الإنسانية والوطنية، فقد استخدمت بوعي أو دون وعي بشكل غير صحيح أحيانًا، وقد ساعد هذا الاستخدام الخاطئ السياق الثقافي للمجتمع كواقع وأداة أيضًا، لكنها حالة أكثر عمقاً وأداة أكثر خطورة من "الانتخابات" كحالة وأداة مؤقتة لكنها غنية ومهمة.
ولطالما كان همّ المواطن باختلاف دوافعه واعتقاداته وتوقعاته هو الحصول على حقوقه كإنسان ومواطن، فإنه يحلم بنائب قوي يمثله في مجلس النواب. وعلى نقيض هذا الحلم، وفي كل مرة، يذهب إلى صندوق الاقتراع بالدوافع الأساسية التي يحملها منذ مئات وربما ألوف السنين-كحالة وراثية- ويقع بالخطأ ذاته ثم يندم!!. ويظل يرفع باستعداداته للتغيير (من الداخل) وباستمرار، وفي الجولة التالية تعود الدوافع القديمة للسيطرة عليه وكأنه (مسحور).
إن الثقافة تطور أدواتها عبر التاريخ الطويل للأمة، وبالقدر الذي تطور به هذه الأدوات ينمو العقل، لذلك فإن الأحداث التاريخية محددات أساسية في صناعة (السياق الثقافي)، ومن هنا تم تركيز الكثيرين على (جغرافيا الفكر). وبربط هذه الأفكار بشكل سريع في موضوعنا الحالي فإن محاولاتك للتخلص من أثر الثقافة قضية صعبة جدًا، وأنت تمتلك مبررات نفسية قوية لتعود في كل جولة انتخابية للوقوع في ذات الخطأ وبنفس الدوافع رغم حاجتك الشديدة للحصول على أبسط وأهم حقوقك كإنسان عبر نائب يمثلك بقوة.
وفي سعينا لتجاوز هذه الحالة المتكررة واستبدال الدوافع القديمة فإننا أمام خيارات صعبة، لا سيما أن من يمتلك أدوات المحافظة على هذه الحالة وتكريسها هو أيضًا قادر على تطويرها-أي الأدوات- لتحقيق الهدف ذاته: وهو المحافظة على دوافعك القديمة. وأمام إصرارنا- الخيالي على الأقل- لا بدّ أن نبدأ، ولصعوبة تحدي السياق الثقافي –كمسلمة- فإنه يتحتم علينا أن نبدأ (بذكاء).
إن التجربة الإنسانية العميقة عبر التاريخ الطويل للبشر أكدت وتؤكد أن الاستعدادات الداخلية للأداء تبدأ عندما يعرف الفرد شيئاً عن المهمة التي سيقوم بها، وتزداد عندما يكون قادراً على أدائها، وتتعمق وتصبح جزءاً من دوافعه عندما يتمكن من أدائها، وهذا كله لا يكون إلا بوصف الإجراءات وتحديدها بشكل محكم حتى لا يحدث تعارضات في جوانب أخرى. وعليه فإن البداية (الذكية) في هذه المرحلة تكون بالمحافظة على دوافعك القديمة-كما يريد منك الآخر تمامًا- مع ضبطها وتوجيهها؛ فأولاً: تخلى عن عقلية العبد-وأنت قادر بلا شك- وركز على الأفكار لا على الأشخاص بموضوعية في إطار سياقك الاجتماعي والثقافي كإطار مرجعي لا يمكنك على الأرجح تجاوزه بسبب الضغوطات الشديدة من الداخل والخارج. ويقودنا ذلك إلى الخطوة الثانية الخاصة بالبرامج: إذ من واجبك وحقك أن تقيم البرامج الانتخابية لمرشحي منطقتك.
وحتى ننتقل إلى الحديث الإجرائي التطبيقي لفعل ذلك نحن بحاجة بالبداية لتطوير أفكارنا حول هاتين المهمتين، وهو موضوع الجزء التالي من المقال، فللحديث بقية.