16-06-2016 10:24 AM
بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
بداية أركان الإسلام الشهادتين منبعهما من اليقين الناتج عن قدرة العقل البشري في التفكر والتدبر والتمييز والتحليل ، لآيات الله تعالى المنظورة في الكون وتطابقها مع آياته المسطورة، تمكن الإنسان من الإقرار أن لهذا الكون رب فالإنسان لا بد أن يستدل على خالقه بنفسه، بتدبر وتفكر العقل ،فالإسلام يورث بالعقل لا بشهادة الميلاد ،منهج الله تعالى في كتابه العزيز ، وهذا المنهج يتعارض مع الإتباع الأعمى كإتباع الأبناء لكفر الآباء والإتباع بدون تفكر وتدبر (وجدنا أبائنا مسلمين)........
شهادة العقل يلزمها الحفظ والحرص والمعونة والمغفرة والعمل بها ولا يكون ذلك إلا بتزكية النفس بتطهيرها و ترويضها ومحاسبتها باركان الإسلام لتطمئن وتستسلم لإرادة العقل الذي عقل بشهادة التوحيد وبشهادته لرسول الرسالة، فتزكية النفس تمكن العقل من إلجامها وسوقها كما تساق الدابة لغاية راكبها حتى إذا ما تعودت أصبحت تسوق نفسها على الطريق الصحيح وهذه هي مرحلة النفس المطمئنة .................
إن جميع أركان الإسلام بعد الشهادتين تخالف هوى وحب النفس للمال وللكسل والطغيان والتمرد والجشع والأنانية وفي عدم حبها للتواضع والاستسلام، فالصلاة هي دعاء وصلة العقل المستمرة مع خالقه وطلب العون منه والمغفرة ، ومحاسبة النفس وتروضها ، والزكاة هي لمخالفة حب المال عند النفس البشرية التي ينتج عنها الشح والبخل والأنانية وهذه المخالفة تزكي النفس وتطهرها وتغفر الذنوب وهي معونة الخالق للعقل البشري على النفس ، والحج هو ترويض النفس بمشقة السفر وانقطاعها عن ملذات الدنيا ورفث النفس وفسوقها ،حيث يقف جميع الحجاج في عرفة شعث غبر فيغفر الله تعالى لعبادة وهذه أيضا معونة الخالق للعقل البشري في ترويض النفس البشرية ، وكذلك الحال مع الصوم حيث العطش والجوع وضبط الكلمة والفعل ( الصوم الحقيقي) ومضاعفة الأجر على أعمال الخير والرحمة والمغفرة وعتق النفس من النار لان في الصوم يتحقق الإخلاص كل ذلك لترويض النفس البشرية وهي معونة الخالق للعقل البشري الذي وعى بالتدبر والتفكر وتزكى بالشهادتين وزكى النفس بعلم الله ومعونته باركان الإسلام ...............
إن شهادة العقل بركن الشهادتين ، وتزكية النفس باركان الإسلام لبلوغ الاطمئنان والاستسلام ،تمكن الإنسان للانتقال إلى مرحلة الإيمان حيث يختزل العقل والنفس في القلوب ليصبح بصيرة للإنسان تمكنه من إدراك المعاني العميقة لأركان الإسلام والإيمان بالحب وحلاوة الإيمان وبها يرتقي الإنسان لشفافية الشعور بالخالق ومراقبته له حيث يمنح درجة الإحسان وهي درجة الأنبياء والمرسلين وهذه الدرجة تمكن الإنسان من التسامح والعغوا تمنحه أعلى درجات الرحمة على البشرية بطلب الهداية لها ،تحيي فيه الحياء من الله تعالى والتأدب بشكر النعم والتواضع........
من خلال ذلك فان الإنسان لا بد من أن يقيم إسلامه على مفهوم الإسلام الصحيح ، وكذلك الداعية لا بد من أن يقيم دعوته على درجة الإحسان بفيض من الرحمة والخلق الحسن ، ويقيم معاملاته على درجة الإيمان بفيض من الحب والإيثار ،هذا هو الإسلام بتعاليمه وهديه بتزكية العقل والنفس لرقي درجات العلو للإيمان والإحسان ، وما على الإنسان إلى الإتباع بالدعاء وطلب المغفرة من الله تعالى