حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,18 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 24029

عبّاد القرش

عبّاد القرش

عبّاد القرش

20-06-2016 02:56 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فرح ابراهيم العبدالات
على الرغم من الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي عصفت بكثيرٍ من دول العالم، لا يزال الجدال مستمراً حول علاقة المال بالسعادةفهناك مَن يرى أن المال هو السبب المباشر للسعادة، مقابل من يؤمن بأن الطريق إلى السعادة لا يمر عبر بوابة المال..
تشير معظم الدراسات التي أجراها خبراء المال في الآونة الأخيرة حول العلاقة بين المال والسعادة، إلى التأثير القوي الذي يلعبه المال في حياة الناس, لكنها توضح أن هذه العلاقة معقدة بطبيعتها، وأن المال ليس ذا أهمية كبيرة في ما يتعلق بمفهوم السعادة, كما تؤكد تلك الدراسات أن الأثر الفعلي للمال في السعادة، هو أقل مما يعتقد البعض عادةً، وأن المال لا يشتري السعادة، حتى وإن اجتهد كثيرون في الحصول عليه.
لكنني أريد أن أخص في كلامي هنا عن "عبّاد القِرش" وهو مصطلح عامّي مقتبس من عبادة القرش أو المال, ,"عبّاد القرش" هو شخص يحب المال لدرجة قد توصله الى البخل الشديد من غير درايةٍ منه, يُقصد بالبُخل جمع المال وعدم إنفاقه، ويكون الشخص البخيل حريصاً على تخزين أمواله ولا يُنفق منها إلا القليل،كما يقول على لسانه " كلما أدخّل ايدي على جيبتي بتقرصني العقربة" ما تنلام والله .
وتختلف صفات البُخلاء فمنهم من هو كريمٌ على نفسه وبخيلٌ على أهله، ومنهم من هُو بخيل على الأصدقاء وكريم على أهل بيته, والحقيقة أن البُخل مهما كان نوعه فهو من أسوأ الصفات وأقبحها، فتراهُ يستلذّ فقط بمنظر العدد وهو يزداد تدريجياً في خزنته أم في رصيده بالبنك , ولا يفكر ولو للحظة بإنقاص دينارا واحدا منه على نفسه أو على من حوله, تراه يستخسر في نفسه حتى حذاءاً جديدا يستبدل به المهترئ والذي عاشرَ قدماه من سنين مضت,تراه يختلق الأعذار والحجج الزائفة فقط لكي يتجنب الخروج والتنزه مع أصدقائه أو العائله و يضطر بالدفع بدلا عنهم أو حتى عن نفسه,لكنه في الولائم والعزومات يكن أول الواصلين,تراه يكتنز الملايين على قلبه و أبناءه الشباب يعيشون في شقق صغيرة بالايجار وراضين بالواقع المرير والذي بمجرد ان يأخذوا رواتبهم تختفي بمصاريف المنزل والمدارس والايجار, يصل حب جمع المال عند بعضهم إلى درجة التطفل وإراقة ماء وجهه وهو من المخلصين جدا لنظرية «مس قلبي ولا تمس رغيفي»، وهو لهذا يحرم نفسه من الاستمتاع بما أفاء الله عليه من رزق وخير، ويقتر على كل من حوله ويجعلهم يعيشون في وضع المتسولين.
الغريب في الموضوع ان هؤلاء الناس وصل بهم العمى الى درجة انهم لا يستطيعون الدخول في اعماقهم والتعرف على المبعث الحقيقي والرئيسي وراء هذا الفعل المُكتسَب، او ربما انهم يعلمون، ولكنهم دائماً يحبون تغليفه بغلاف خارجي هش يكون شكله منطقي وقانوني اكثر، كالبحث عن الحقيقة، او السعي وراء مصالح الآخرين ومصالحهم والتي هي تحصيل حاصل).).
سمعت ان هناك اشخاص لايملأ عينهم الا التراب ، فهو لا يكفيه فقط امواله وممتلكاته، بل ينظر ايضاً الى ممتلكات غيره، ويأخذ بالسهر والبحث عن اي مدخل للاستيلاء على هذه الممتلكات، سواء كانت بالطرق قانونية، او بالاحتيال, بل حتى انني وجدت اشخاصاً عندما يحسبون ممتلكاتهم، يحسبون معها ماسوف يرثونه عندما يتوفى احد اقاربهم، وتجدهم يحرصون على اموال الميراث ربما اكثر من اموالهم الخاصة، ويطلبون من صاحبها (الذي لم توافه المنية بعد) ان يزيد من استثماراته وودائعه، ويقلل من مصروفاته وصدقاته، لأنهم يرون ان هذه الاموال ستذهب اليهم بعد وفاة صاحب المال (وماذا لو توفي الوارث قبل الموروث ؟
عندما نرى الوضع النفسي والصحي لهؤلاء الاشخاص، تجدهم غالباً قلقون، لا يستطيعون النوم بهدوء، وتجده يحاول تفسير كل كلمة قلتها او لم تقلها، وتجد لديهم الاستعداد الكامل للعراك معك على اتفه الاسباب، وتجد انه دائماً حذر ومضطرب، ولا يجد من يثق به، حتى زوجته واولاده، وينظر دائماً الى الناس بنظرة الشك والريبة .
اذن فما هي السعادة الحقيقية التي وجدوها بالمال؟أم ان الغاية لم تكن السعادة بمفهومها الحقيقي، وكانت سعادة سطحية لا تلبث ان تنقشع بسرعة؟لا أدري الجواب ولكنني أدري و أؤمن بأن قمة الجنون أن يعيش المرء فقيرا كي يموت ثرياً, وان البخل يقلل من رزق المرء وبركته,وأن "عباد القرش هذا "سيعيش طيلة حياته دون أن يتذوق طعم الحياة ولو لمرة, وكما قال الشاعر :لا يحمد البخل ان دان الأنام به..وحامد البخل مذموم و مدحور..وسلامتكم.
فرح العبداللات
.








طباعة
  • المشاهدات: 24029
برأيك.. هل تسعى "إسرائيل" لتقسيم سوريا إلى كانتونات بحجة ضمان أمنها من تهديدات الفصائل المسلحة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم