02-07-2016 10:21 AM
بقلم : عمر ضمرة
يعيش المجتمع الأردني هوسا منقطع النظير في طرح المبادرات في جميع المجالات الحياتية ، فلا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ أو نسمع عن مبادرات يتم اطلاقها من شمال الوطن وحتى جنوبه.
مع هذا الكم الهائل من المبادرات لا بد من التساؤل حول الغاية الحقيقية من المبادارت وأثرها في الفعلي في توجيه المجتمع ؟ وهل من المفترض بالدوائر والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني اطلاق المبادرات تلو المبادرات حتى يسير المجتمع بالشكل المطلوب ؟ فنحن نرى ان الحياة تسير بشكل طبيعي نحو التطور والرقي في المجتمعات المتقدمة وليست بحاجة الى مبادرات ليعرف الطبيب عمله ويبدع المعلم في التعليم ويمارس الانسان مواطنته كما ينبغي .
فيما يؤسفنا ما نشاهده من صور المجتمع الأردني الذي بات مهووسا في اطلاق المبادرات وكأن عدد المبادرات دليل صحة ، بينما الحقيقة تقول عكس ذلك تماما ، اذ أصبح الطبيب الأردني ، بهذا المنظور ضيق الأفق ، حتى يمارس عمله الطبيعي في المستشفى بحاجة الى مبادرة ، والمعلم بحاجة الى مبادرة ليرتقي بمستوى التعليم والممرضة كذلك وعامل الوطن والمهندس في المؤسسات الرسمية والبلديات بحاجة الى مبادرات.
هل من المعقول ان نختزل الحياة لدينا في اطلاق مبادرات ونصرف على الترويج لها من المال والوقت والكتابات الاعلامية ، بينما نتجاهل الأعمال الحقيقية والجوهرية ؟ كيف يمكن أن نكون مجتمعا تقدميا ولدينا مثل هذه السلوكيات التي لا تنم الا عن جهل بين وسوء تقدير .
هل يحتاج الفرد حتى يكون طبيعيا الى مبادرة ، اذا فلنطلق مبادرة لربة المنزل حتى تعد الطعام لعائلتها ، ومبادرة حتى ينام المواطن ، ومبادرة في رمضان نوضح فيها كيف يشرب المسلم كفايته من الماء حتى لايصاب بالجفاف ، ومبادرة كي يلتزم المواطنين بقوانين السير ، ومبادرة حتى لا يعتدي مواطن على آخر في دولة القانون والمؤسسات كما نظل نردد دائما !!! .
المجتمعات الحية ليست بحاجة الى مبادرات ، اذ ان كل فرد فيها يعرف ما عليه من واجبات وما له من الحقوق التي يكفلها له القانون الذي لا يحيد عن الحق وميزان العدالة ، فلكل مجتهد نصيب .