03-07-2016 02:19 AM
سرايا - سرايا- تؤكد مصادر متطابقة، ان المصالحة التركية الروسية بدأت تنعكس على قواعد الصراع في سورية، مؤكدة ان ما يمكن وصفه بـ"استدارة" انقرة، جاءت مدفوعة بضخامة الخسائر التي تتعرض لها البلاد من الارهاب الذي يقوده خصوصا تنظيم "داعش".
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، ان حدوث تغيير على موقف تركيا أبرز المؤيدين للمجموعات المسلحة في سورية، إن أنقرة مستعدة لاتخاذ خطوات من شأنها أن تغير مسار "الحرب الأهلية" في سورية.
وتشير الصحيفة إلى أن تركيا منذ نشوب الصراع في سورية عرفت بموقفها المؤيد "للمتمردين" الذي يقاتلون ضد الجيش السوري، ولكن المشاكل الداخلية في البيت التركي تحث أنقرة على البحث عن حل وسط، مع لاعبين آخرين في الأزمة السورية مثل روسيا، التي تدعم "الرئيس السوري بشار الأسد".
ويعتقد هارون شتاين، الباحث البارز في المجلس الأطلسي أن تركيا تنوي "تضييق أهدافها في سورية"، لافتا إلى أن أولويتها ستكون محاربة الأكراد ومحاولة إضعاف تنظيم "داعش".
ولتحقيق هذين الهدفين فإن أنقرة بحاجة إلى دعم موسكو، ما يعني أن الجانب التركي على استعداد للتخلي عن مطالبه بـ "تغيير النظام في سورية"، والدليل على ذلك بحسب بعض الخبراء رسالة الاعتذار التي وجهها الرئيس التركي، رجب طيب أوردغان، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن حادثة إسقاط القاذفة الروسية "سو 24". وفسرت هذه الرسالة على أن أنقرة تعطي إشارة إلى أنها قد تغير موقفها في سورية.
وكدليل على أن موقف أنقرة قد يلين في سورية قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" إن تركيا قد بدأت بالبحث عن تسوية قبل اعتذار أردوغان الرسمي، حيث ذكرت مصادر "فاينانشال تايمز" الدبلوماسية أن أنقرة تناقش القضية الكردية مع "النظام السوري" عبر قنوات اتصال سرية، منوهة إلى أن المباحثات تتم عبر الجزائر. إلى جانب ذلك فإن تركيا حسب الصحيفة البريطانية نظمت قبل أسبوع اجتماعا حضره ممثلون عن المعارضة السورية ومبعوثون من روسيا.
من جهته، توقع عز الدين سلامة قائد تجمع "فاستقم كما أمرت"، أحد الفصائل السورية المعارضة المسلحة، أن تقدم أنقرة بعض التنازلات في الأزمة السورية، قائلا: "ستكون هناك تسويات وتنازلات فيما يتعلق بالأكراد والثوار، لكن الأتراك لن يتخلوا بشكل كامل عن المعارضة (في سورية) هذه الأمر لا يصب في مصالحها".
في حين يثق قادة آخرون في المعارضة السورية أن أي تغيير في سياسة تركيا فيما يخص الأزمة السورية، سينعكس بشكل أساسي على التنظيمات الإسلامية الراديكالية.
وفسّر عزل أنقرة مؤخرا لممثل الأجهزة الأمنية المسؤول عن سورية من منصبه، كمؤشر على إمكانية تخلي تركيا عن المعارضة المتشددة في سورية، والتي ترفض تأييد أي صفقة مع بشار الأسد، وأن الجانب التركي مستعد للتوصل إلى حل وسط مع موسكو.
وختمت صحيفة "فاينانشال تايمز" مقالها بأقوال أحد قادة المعارضة المعتدلة السورية، إذ قال: "الآن أنا سعيد لهذا... ربما سيبقى الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية، ولكنه قد يعني أيضا أن تركيا ستعود (للمعارضة) المعتدلة".
في غضون ذلك، تحدثت تقارير عن خطة أميركية للتنسيق مع روسيا لمحاربة جبهة النصرة وتنظيم "داعش"، اذ يُعتقد بأن مسلحي جبهة النصرة يلقون دعما من جانب بعض الدول العربية رغم تصنيف الجبهة في الغرب منظمة إرهابية.
وتبحث الإدارة الأميركية خطة للتنسيق مع روسيا بشأن محاربة جبهة النصرة وتنظيم داعش في سوريا، حسبما تقول تقارير.
وتشترط خطة التنسيق أن يوقف الجيش السوري هجماته على فصائل المعارضة المسلحة التي تعتبرها واشنطن معتدلة، وفقا لم نقلته وكالة رويترز للأنباء عن مسؤولين أميركيين.
ويشير المسؤولون إلى أن الخطة تتطلب أن تفصل فصائل المعارضة "المعتدلة" نفسها عن جبهة النصرة وتنتقل إلى مناطق أخرى حتى لا تتعرض لضربات جوية.
وفضلا عن جبهة النصرة، تقاتل فصائل إسلامية أخرى من أجل إسقاط نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد منذ أكثر من 5 سنوات.
ويرى أحد التقارير انه إذا فصل المعتدلون أنفسهم عن النصرة، فسيتحرك الروس والأسد على الفور لقتلهم، معتبرا ان فكرة أن تفصل المعارضة المعتدلة نفسها عن النصرة لن تحدث. وقال التقرير إنها (خطة الإدارة) الى طريق طويل مسدود في نهايته.
ويرى كريس هارمر المحلل في معهد دراسات الحرب الأميركي، ان الولايات المتحدة لا تخفي دعمها لما توصف بفصائل المعارضة المسلحة المعتدلة التي تتعرض لهجمات من جانب تنظيم "داعش" والجيش السوري.
ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن الخطة التي تبحثها إدارة باراك أوباما تتوقف جزئيا على ما إذا كانت روسيا مستعدة للضغط على حليفها الرئيس الأسد لوقف قصف المعارضة "المعتدلة".
وشكك خبراء في استعداد موسكو للاستجابة لطلب الضغط على الأسد.
ونقلت رويترز عن هارمر قوله "يدهشني أن يعتقد أحد في العام الخامس من هذه الحرب الأهلية أن هذه ستكون فكرة جيدة."
وتؤكد موسكو دائما أنها تستهدف بضرباتها الجوية مسلحي تنظيم "داعش" والجماعات الإرهابية في سورية.
غير أنها تتعرض لاتهامات غربية وعربية بأنها تستهدف المعارضة المسلحة "المعتدلة" المدعومة من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها في المنطقة.
وكانت صحيفة واشنطن بوست قد قالت إن إدارة أوباما قدمت اقتراحا مكتوبا بشأن الخطة إلى موسكو.
غير أن مسؤولين أميركيين أكدوا أنه رغم أن الخطة قيد النقاش داخل الإدارة، فإنه لم يُتخذ بعد قرار بشأنها.
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، دعا إلى اتصالات عسكرية بين بلاده وتركيا، عقب اجتماع جمعه مع نظيرة التركي، مولود جاويش أوغلو أول من أمس.
والتقى الوزيران الروسي والتركي لأول مرة منذ تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة، التي تدهورت بعد حادث إسقاط المقاتلة الروسية العام الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن لافروف قوله، في بداية الاجتماع بمنتجع سوتشي الروسي: "نتمنى أن يضع هذا الاجتماع الإطار المناسب لتطبيع العلاقات".
ونقلت وكالة أنباء ريا الروسية عن الوزير التركي قوله: "ينبغي على تركيا وروسيا العمل معا من أجل حل سياسي في سورية".
وقال وزير الخارجية الروسي بعد الاجتماع إن يتمنى أن تجري اتصالات عسكرية بين روسيا وتركيا، وإنه أكد في محادثاته مع نظيره التركي على أهمية ألا يعبر الإرهابيون إلى سورية من الأراضي التركية.(وكالات)