04-07-2016 10:01 AM
بقلم : زيد فهيم العطاري
لست هنا في طور الدفاع عن الإسلام وأدوات تعليمه وتثقيف الناس به، فعندما أمتطي صهوة هذا الدور إذن فأنا سأكون في موضع الدفاع عن متهم، والإسلام ليس بمتهمٍ لأدافع عنه.
تعالت في الأونة الأخيرة العديد من الأصوات وتزاحمت المقالات وعجت منتديات الحوار والفكر، بعناوين ومحاور تتلخص بأسباب وطرق علاج التطرف والذي رُدّ إلى التنشئة والدين في الدرجة الأولى، وكأن هناك نسيانٌ أو تناسي، أو حتى تعالٍ بالتفكير يجعل المنظرين بهذا الاتجاه يتجاهلون الاضطهاد والاحتلال والظلم والتي هي كانت أرضاً خصبةً لبزوغ وانتشار التنظيمات المتطرفة في العراق وسورية وليبيا وغيرها من دول المنطقة والعالم وإدراك هذه الحقيقة والتركيز عليها لا يتطلب العودة في الزمن كثيراً هي فقط عقدٌ أو أكثر من الزمن، وليس التفكير بالنصوص الدينية التي مر عليها قرونٌ عدة.
من جهة أخرى إن الحديث عن مراكز تحفيظ القرأن و وتشبيهها بحاضنات النازية والفاشية والصهيونية هو ضربٌ من ضعف الادراك بحقيقة الأشياء فلا يُعقل أن تُشبه الأديان السماوية وهنا اتعمد الجمع بينها لأنني وكما اسلفت لا أدافع عن الإسلام فهو فوق مستوى الشبهات،بالأفكار البشرية التي اوجدها من أراد الهيمنة والسطوة والنفوذ وفعلوا ما فعلوا، وهنا يستوقفني تساؤل لماذا لم ينشغل المنشغلون بدراسة المسيحية واليهودية رغم أن إرهاب اسرائيل ما زال مستمراً ومجازر العصابات اليهودية ما زالت حاضرة بالاذهان كما ان ما فعله الاستعمار الغربي يحفظه التاريخ البشري بين سطوره؟؟.
إن التاريخ العالمي حافلً بالأحداث الارهابية المروعة وحروب اوروبا في القرون الماضية جزءٌ من هذه الأحداث ولعل تلك الحروب هي من انجبت أجيال الاستعمار الغربي الذي فعل ما فعل في الدول العربية عقب سايكس بيكو كما أن اضطهاد الغرب لليهود هو من اوجد الصهيونية والصهاينة، فلماذا عندما تصل السلسلة إلى المنطقة العربية والإسلامية ويظهر فيها الارهاب نتيجة الاضطهاد والظلم المتراكم وهنا لست بصدد تبرير التطرف والارهاب نقول أن مرد ذلك هو التنشئة الأسرية ومراكز تحفيظ القرأن وكتب المدارس مُغفلين أي شيءٍ أخر.
وفي ذات السياق لابد من التذكير أن الاجيال الناشئة في اوروبا والعالم الغربي اليوم والتي تنادي بالحرية ونبذ الارهاب والتطرف والتسامح والتعايش هي أجيال نشأت في مناخ النهضة والرخاء في اوروبا لذلك جاءت مختلفة عن سابقها.
ختاماً فإن الحديث بأدوات مكافحة التطرف والاجتهاد والتنظير ورد التطرف إلى الاديان والتنشئة ليست سوى بضاعة رائجة يتحدث الجميع فيها دونما مراجعة للتاريخ الذي يوضح كل شيء ويفند كل شيء دون الحاجة لاجتهاداتٍ تكرس التطرف وتخلق مساحاتٍ اوسع للخلاف بل وتشغل عن وقف نفوذ التطرف والارهاب بكل أشكاله.