سرايا -

سرايا - وليد خليفة ـ باريس - منذ أن أطلقت نضال الأحمدية فضائية الجرس إضافة إلى مجلة تحمل نفس الاسم بدا واضحا استمرار الهوس نفسه لدى الإعلامية العريقة في نبش الفضائح والتقاط الروائح منذ أن كانت محررة رئيسية في «الموعد» التي كانت تتقاسم مع «الشبكة» قراء المجلات الفنية في لبنان وسورية والشرق الأوسط كله تقريبا خلال عقود السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حين لم يكن الخليج قد بدأ عهد الصحافة الفنية ولم يكن في سورية والعراق سوى مجلة فنية يتيمة تصدرها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تنقل أخبار المدير وصحبه مع منوعات باردة لا تشبع نهم الباحث عن أخبار الفنانين والفنانات وفضائحهم وصورهم الملونة.

الآن تبدو قناة الجرس امتدادا لـ«الموعد»، فتحرير المرأة حسب رؤية السيدة نضال هو الهاجس الذي يحرك برامج المحطة والرزق على الله والاتصالات والـ SMS فمذيعة مثل ندى التي تتكلم بلهجة خليجية وتحفل بالإثارة والجمال كانت تقدم برنامج للنساء فقط ـ وهو غير برنامج منتهى الرمحي على الجزيرة ـ تكرس الرجل عدوا لدودا للمرأة حتى أنها كانت ترفض استضافة الرجال لكنها تقبل الحوار معهم على الهاتف ولفترات طويلة   . . .

المشكلة الكبرى التي تدور وتلف حولها هي خيانة الرجل المزمنة وتنصح المتصلات بعدم الوثوق به فتمضي وقت الحلقة وهي تلف وتدور حول نفس الموضوع مع أغاني خليجية وعراقية في الغالب عن الشوق والانتظار وجحود الحبيب.

في رمضان حيث الهامش محدود أمامها لعرض الكليبات الضاربة اختارت السيدة نضال برنامجاً يحاكي ألف ليلة وليلة بثوب عصري حيث يجلس شهريار وشهرزاد في الاستديو الذي يعكس أجواء تراثية وهما يلبسان طبعا ما ينتمي إلى الحكاية لكنه أيضا ينتمي إلى هدف القناة وهو المزيد من الإثارة، والمزيد من الاتصالات والـ SMS بالدلع والإغراء الخفي لشهريار والتواصل مع حالات خارج لبنان (شهريارات وشهرزادات) تشتكي فيها شهرزاد من عنف شهريار وجموحه وعدم قبوله بالتعامل معها كإنسانة لديها رغائبها وهمومها وتعرجات حياتها وإنما كوعاء للشهوة.

البرنامج يعيد تقديم أفكار نضال عن تحرر المرأة على خلفية ألف ليلة وليلة فتارة هناك شجارات السرير ومشاكله الأخرى وتارة شجارات المشاوير والتعارف والعلاقات المباحة لشهريار والمحرمة على شهرزاد، تأتي أيضا مشاكل الحمل والولادة التي تجعل شهرزاد في إجازة من رغبات شهريار لكن أنى للأخير أن يصبر؟

كل المشاكل التي تطرحها نضال الأحمدية في القناة وفي البرنامج لها بعد واحد، التحرر الجنسي، ومع التأكيد على أهمية هذا البعد وجوهريته بالنسبة للمرأة العربية تحديدا فإن مشاكلها تتعدى ذلك إلى أمور أخرى جوهرية أيضا ومهمة وفي طليعتها مشكلة العمل والتعليم، المكونان الأساسيان والمترابطان لشخصية المرأة المستقلة والحرة، إضافة الى مشاكل القوانين والأنظمة التي تحرم المرأة من كثير من حقوقها في أكثر من بلد عربي، وللأمانة فقد أشارت حلقة 26/9 إلى مشكلة عدم منح الأم جنسيتها لأولادها فتقول إحدى الشهرزادات ان المرأة اللبنانية اذا تزوجت رجلا أجنبيا وأنجبت منه عشرة اولاد فإنهم يسجلون على جنسية الزوج حتى لو ولدوا في لبنان واذا حصل الطلاق فان المرأة التي تربي الطفل وتعلمه لا تستطيع تسجيل ابنها على جنسية بلدها بل يبقى اجنبيا وكثيرا ما يهاجر الأب إلى بلده الأصلي تاركا الأم والولد يعانيان الأمرين في الحصول على أي وثيقة يحتاجها الولد للدراسة او العمل او . . .

المرأة المحرومة من قيادة السيارة والدخول إلى البرلمان والسفر بلا محرم و . . .   في كثير من البلاد العربية والإسلامية تتحول عند المناضلة نضال إلى كائن لا يشغله سوى الحق في المزيد من «التزليط» والمزيد من ارتياد نوادي الرقص والغناء ـ وهذه حقوق لها ـ لكن مشكلة احمدية أنها مصرة على حصر القضية هنا تحديدا حتى أنها عندما خسرت قضية رفعتها ضدها نجوى كرم وحُكِمت بالسجن طلبت أن تُسجن في سجن الرجال لا سجن النساء لأنها   . . . . مع تحرر المرأة . . . وحبذا لو استجاب لها القاضي وجربت نضال حريتها في سجن الرجال فلربما عادت قليلا إلى رشدها بعد خروجها من تجربة لن تتعافى منها بسهولة.