02-02-2008 04:00 PM
تعود علاقتي بالنقي والطيب هاشم الخالدي الى سنين للوراء لكنها تعمقت على نحو مفاجئ فوق السحاب حين كانت الطائرة التي تقلنا في مهمة خارجية تتهادى في الأجواء الدولية، بدت على وجه الرجل وقتذاك مئات الأسئلة حول "الإعلام الإلكتروني" على اعتبار انني من أبرز صناع "إيلاف" أول جريدة عربية إلكترونية، صارحني فجأة برغبته في استزراع التجربة في الأردن ومن دون شعور قلت له "اعتبرني معك" ايمانا مني أهمية ان يكون للأردن منابر اعلامية تحاكي روح ولغة العصر "التكنولوجيا" في وقت أصبح فيه الأنترنت ذلك الساحر المجنون الذي يدخل كل مكان من دون استئذان.. خضنا في المعوقات والتكاليف لكن كنت أشعر ان وراء شرود ذهنه ماوراءه كان الرجل يشعر بالظلم.. ارتاح قليلا من طرح الأسئلة وغاص في شرود عجيب سألته عن السبب إلا أنه حاول تحاشي الموضوع بالعودة الى "الإعلام الإلكتروني" مجسدا "فضول الصحافي" حين يصبح كائنا لحوحا.. لكنه بإستمرار كان يطلق ابتسامة صفراوية مع كل اجابة لي وكنت أعرف أنه كان يشكك في داخله من اللازمة التي أختم بها أجوبتي "ترى الصحيفة الإلكترونية مابدها شي بس بدها نفس طويل".
في المهمة الصحافية تلك خارج الأردن واصل أستاذي الخالدي تبرمه واعتزل الناس هاتفه الخلوي لايفارق أذنه ومن خلال مروره المتكرر الى جواري عرفت السبب وقد بطل العجب عندي فالرجل يخوض صراعا ضد حكومة لاتريد ان تمنحه رخصة اصدار مجلة رغم استيفائه الشروط واستعداده للصدور.. أعترف أمام الله أن الرجل لم يتطاول بكلمة مسيئة بحق الأردن خلافا لكثيرين يشتمون الأردن اذا خالفهم شرطي سير بسبب تجاهلهم للإشارة الحمراء.
سجن الرجل مرات وفي احدى الزنانزين كان لابد من مخاض "المحور" فكانت وكان لابد أيضا من مخاضات عدة جسدها الصحافي الخالدي بروح المسؤولية الوطنية دون ابتغاء المناصب والمال الحرام على كثرته، تصدى الرجل أكثر من مرة لحالات فساد غذائي.. وفي سبيل ذلك رأيته مرارا في أروقة المحاكم ساعيا الى تسديد فواتير ضريبة ان تكون صحافيا حرا.
على صعيد شخصي عندي جلالة الملك عبدالله الثاني أهم بمليون مرة من صدام حسين لأن جلالته يحفظه الله عمل في انكار واضح للذات على منع ضرب دول عربية من قبل الولايات المتحدة وحتى لانتحدث بالألغاز كانت زيارته الأخيرة الى سوريا سببا في منع ضربة أميركية واسرائيلية دمشق، مشكلة الإنسان الأردني أنه لايتحدث عن أصحاب الفضل عليه بل يذهب الى عملقة الأقزام.
وعندي أيضا رجل أمن لاترهبه العواصف الثلجية أو الأمطار وهو واقفا كالطود يحمي مؤسسة أو حارة أهم بمليون مرة من صدام حسين.. صدام حسين لم يقدم لنا إلا الكلام.. هذا الشخص صدم الإقتصاد الأردني متعمدا عام 1992 حين لجأ الى تغيير عملته وهو يعرف ان السواد الأعظم من الأردنيين يتعاملون فيها معرضا كثيرا من الأشخاص للإفلاس.
أقول ذلك ردا على الجرح الذي ناله هاشم حين تطاول أحد المعلقين على مقالة "جيف .. وحقائق" بالقول ان "سرايا" تنشر لعامر الحنتولي لأنه عامر الحنتولي "بدفع منيح" وبكل صدق أقول ان الجرح قد سبق الى قلبي لمعرفتي التامة بهاشم وأنه ليس من هؤلاء اللذين يفتحون جيوبهم ولو أراد لكانت لفظة "المليونير" تسبق اسمه بإستمرار لكنه فضل دائما ان يعيش رافعا الرأس وينام وهو مطمئنا بأن أحدا لن يكسر عينه في يوم من الأيام.
لماذا أكتب اليوم ؟!
أكتب اليوم كي أعتذر.. نعم كي أعتذر عن الجروح التي تسبب بها الغوغاء لجسد سرايا ولزجاج قلب هاشم الشفاف.. لكن بالطبع لاأعتذر البتة عن مضمون مقال "جيف وحقائق" لإيماني بكل ماورد فيه سطرا سطرا وكلمة كلمة بل وبكل الردود سطرا سطرا وكلمة كلمة.. هاشم أرجوك اقبل اعتذاري أيها العذب وكم بودي ان أغسل روحك بثلج عمان الأبيض كما قلبك من دنس التعليقات الحاقدة والبغيضة.
أكتب اليوم كي أتطاول لأبلغ هامة الرجال توفيق المبيضين وخالد داوود وعاطف الكيلاني والى الكثير من المعلقين اللذين وقفوا الى جانب المنطق والحق والرأي الآخر وأعتذر بشرف وبشجاعة عن أي جروح قد خدشت زجاج قلوبهم الشفاف من غوغائية وهمجية البعض.
أكتب اليوم من أجل الأردن والأردنيين اراديا ومقتنعا ان أفق الصحافة الإلكترونية المشرق يقترب وأن مراهقة بعض المعلقين لابد ستتلاشى في نهاية المطاف.
لكن لي ملاحظة أستاذي هاشم عبارة عن معلومات وردت لي.. هناك في الأردن من لاتروق له فكرة الصحافة الإلكترونية وتناسلها.. وهناك من يتصيد أخطاءها أيضا.. من حق أي انسان تعرض لإساءة في موقع إلكتروني ان يقاضي المسيء حتى لو اختبأ وراء أسماء مستعارة وحتى لو كان خارج الأردن لأن أي جهاز كومبيوتر له رقم وأي سيرفر للخدمة له رقم وأن أي هاو إلكتروني بوسعه ان يميط اللثام عن أي معلق مسيئ من خلال تلك المعلومات حال تقديمها لأجهزة الأمن.. واذا ضاقت الدولة قريبا بالصحافة الإلكترونية فإنها ستسمح للقضاء الأردني النظر بجدية الى جدوى سن تشريعات عقابية جديدة بحق الإساءة الإلكترونية.. في التعليقات على المقال الماضي هناك من اتهمني بالسرقة والسمعة والمصطلحات البذيئة وقد اتصل بي محامين يريدون التكسب والشهرة بعد نشر سرايا خبر السجال أمس لإقناعي بأهمية تحريك دعاوى قضائية مضمونة لأن التعليقات لاتندرج في اطار الرأي الآخر وينتفي عنها المبدأ القانوني المعروف بالنقد المباح أو حسن النية.. انا لا أتخيل لجوئي لأمر قضائي تكون سرايا طرفا فيه لكن اذا استمر الأمر المصاحب لكل ما أكتب سأفكر جديا بالأمر ليس لإيذاء سرايا بل لإيقاف المراهقين عند حدهم ووقتها ستبدأ التوسلات والجاهات وبوس اللحى من أجل اسقاط القضايا وسيأتي ذوي هؤلاء المراهقين وسيقولون الصلح خير وإنه جاهل برمي حجر ببير مليون عاقل مابطلعوه وستأتي أمهاتهم ناحبات لاطمات وعندها لا أكتمك انا قلبي رقيق وسأسامح.
هل انتهى كل شئ.. لا بالطبع
لقد انساق كثير من المعلقين وراء معلق... ومراهق فكرا دغدغ مشاعرهم بكلمات عن صدام أكثر من مرة وبأسماء مستعارة ومحاولا مرات عدة الإنتساب الى مدن وقبائل ودول نعتز بها في الأردن مستغلا غياب التقنيات الإلكترونية غير القضائية التي "تفرك أذنه" ولايعلموا ان هذا الشخص هو أسوأ الناس والأكثر تطاولا على الأردن ثمنا لعظمات ترمى له كمخلفات الولائم في مدينة الضباب.. قريبا جدا جدا ستكون فضيحته على كل لسان .. مسؤول أردني شريف أبلغني الشهر الماضي بأن الدولة اكتشفت متأخرة "سفالة ووضاعة هذا الشخص بعد ان صدقنا ظلمه لكثيرين".
وأنصحه مخلصا بأن يدرك ان الأمة لاتجمع على ضلال وان غدا لناظره قريب.
أستاذي هاشم لك عندي "بوستين" واحدة لجبهتك وأخرى لروحك ولكل المعلقين أقول قلت رأيي بشجاعة فقولوا آرائكم بشجاعة أيضا حتى لو كانت بالشتائم لأن هناك من لايجيد غير هذه اللغة فهم عاشوا في بيئة لاينادي فيها رب البيت على أفراده إلا بتلك اللغة فكيف نلومهم.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-02-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |