19-07-2016 09:54 AM
بقلم :
لعلّ أوّل ما تبادر لذهني عند إعلان محاولة الإنقلاب العسكري في تركيّـا هو أهمية التعديلات الدستورية التي شهدتها مملكتنا الحبيبة خِلال العامين الماضي و الحالي ، و بالأخص فيمـا يتعلق بحصر صلاحية تعيين قادة جيش و المخابرات و مؤخرا الدرك بيد صاحب الجلالة دون تنسيبات من الحكومة .
و ما هذا إلّا إنجازُ يضاف إلى جُملة الإنجازات التي تدلِّل على حصافة القيادة الهاشمية و نئيها بالوطن عن تجاذبات الصراع في المنطقة و العالم و سبقِنـا للآخرين بخطواتٍ نحو برِّ الأمـان بألّا تُسيّس الأجهزة حتى تحافظ على مسيرتها و تقوم بأدوارهـا بالموضوعيّة و الحِرفيّة و الحِياد المعهود عنها و المطلوب منــها .
ليس سِرّاً أن البعض قد نظر لتلك التعدلات بإستغراب و كأنها غير مطلوبة في إشارةٍ إلى أنّ تنسيبات التعيين كانت شكليّة بالأساس و لا تعدو أن تكون إجراءاً شكليّا ليس إلّا ، لكن هذا القول مردود في بلدٍ يُحكم بالدّستور و تُصان فيه المؤسسات من العبث أو الإعتداء على صلاحياتها ، خصوصا و نحن على أعتاب مرحلة قد يكون للحكومات البرلمانية فيهـا وجود و تأثير على الساحة المحليّة .
نعم نحنُ حالة نادرة لا مثيل لهـا من حيث الإنتماء و الولاء و الوطنيّة و لله الحمد ، لكن من يحسِبُ يسلَم ، و كمـا قال الإمـام الجوزي " مَن قارَبَ الفِتنة ، بعُدت عنهُ السّلامة " .
و لعلّ حالة التشكيك بضرورة تلك التعديلات و توقيتاتها و دق نواقيس الخطر التي تحتكرها بعض الصالونات السياسية التي إنتقدهـا الملك في عدّة مناسبات ، قد أعاد لذهني ما رافق مشروع قانون اللامركزية من غمزٍ و فزّاعاتٍ تقليديّة و مطبات إصطناعية أكل عليها الدَّهرُ و شرِب ، إذ أُثير عندهـا ما أُثير من إشاعات هدّامة حول فكرة المشروع التي أطلقها صاحب الجلالة قبل إثني عشر عام تقريبا أي منذ العام ( 2004 ) ، ممّا أسفر عن تعطيل هذا المشروع الإصلاحيّ الكبير و الّذي كـان يرجى منه بالدّرجة الأولى تنمية المحافظات و توجيه مقدّرات الدولة نحو البيئة الخدمية حتى تمتدّ التنمية إلى ما هو أبعد من العاصمة ، و يخلق فرص عملٍ جديدة للمتعطلين عن العمل و يوزّع المكتسبات الوطنيّة على الجميع كلّ حسب حاجته ، و يحَدّ بشكل غير مباشر من الفساد عبر توزيع الصلاحيّات و السُلطات لأيدي عِدّة بدلا من تركيزهـا بيد جهةٍ مركزية واحِدة تنفرد وحدها دون غيرهـا في إتخاذ القرار .
و في هذا السيّاق أودّ الإشارة إلى ضرورة حماية و صيانة الإطــار الوطني الجـامع المتمثل بالوحدة الوطنية ، فهذا هو مصدر قوّتنــا و درعنـا الحصين ، و هـو ذاتـه مصدر إمتعاض البعض مِنـا و نقمته علينـا ، فوحدتنا حقيقة على الأرض راسِخة متجذرة و لها من الأشكال مـا نراه في كلّ مناحي حياتنا ، كالجيرة و المصاهرة و الشراكة و الزّمالة و في أيّ حدثٍ وطنيّ كبيراً كان أو صغيراً .
و في الختام ، لا أظنّ أن الأحداث التي آلمتنا منذ شهر و نيّف باتت تسمحُ لأحد بأن يشُكّ أننا مستهدفون ، لذا فاليقظة مطلوبة ، و الحذر واجب علينا جميعا .
و عليه تكون الرّسالة بأن نستأصل تلك المناعة الموجودة تجاه كل ما هو جديد على الرغم من منطقيته و ممّا له من حاجة ماسّة ندركها جميعاً ، و أن نحارب الفِكر الظّلامي و أصحابه الذين يتربصون بنـا ، فالشّعب مصدر السلطات و لا صوت يعلو فوق صوت الشّعب .
حمى الله الأردن العظيم بقيادته و شعبه .
.
Alaa.Elkayed@gmail.com