بقلم :

 لطالما سمعت الكثير من الخطباء يدعون سامعيهم بعبارات (نخبة النخبة) او (صفوة الصفوة) وكنت ابتسم حين أنظر في وجوه المخاطبين فلا اجد فيهم غالبا الا اناسا لا يتمتعون بأدنى مواصفات النخبة سوى انهم النخبة التي ساقتها الصدفة او المناسبة ليكونوا جمهورا مصفقا لذلك الخطيب الذي بخلعة عليهم تلك الصفة انما يعلي شأن نفسه اكثر مما يعلي شأنهم.

وقادني تكرار ذلك الى تصفح متمهل للمجتمع الأردني بحثا عن النخب الحقيقية فيه ومقارنتها بنخب المجتمعات المتمدنة على اعتبار ان المجتمع الأردني مجتمع متمدن فلم أجد صعوبة بالغة في تصنيف الكثيرين على انهم اعضاء معتبرين في النخب السياسية او الثقافية او الإقتصادية أوالعشائرية أو الأرستقراطية حتى, وهم يتمتعون وحتى النخاع بميزات هذا الإعتبار سواء على المستوى الرسمي او الشعبي.

 ولما بدأت مقارنة شخوص تلك النخب بقرنائهم من نخب مجتمعات لا يمكن انكار انها تضم نخبا حقيقية وجدت انني ولكي اكون موضوعيا ومتجردا لا بد لي من اعتماد مدخل او معيار محدد لمقارنتي ووجدت ان افضل معيار هو الإنجاز وقياس ما حققتة تلك النخب لمجتمعاتها بشكل خاص وللإنسانية بشكل عام.

 وهنا بدأت قوائم نخب مجتمعنا الأردني الحبيب من شتى الأصول والمنابت بالتقلص لا بل انها بدات بالإضمحلال حتى وصلت تقريبا الى الزوال كون ماحققته من إنجازات لا يرقى غالبا الى مستوى الإنجاز الذي يمكن تعميمه حتى ان الكثير منهم لم يتعدى إنجازه المستوى الوظيفي او العائلي.

 ولم استطع الأعتراف بما وصلت اليه لأن الأعتراف بذلك يعني وبمفهوم المخالفة اضمحلال حجم الإنجاز في مجتمعنا مع اضمحلال تلك النخب وهو امر يجافي المنطق والحقيقة فالإنجاز موجود وإن لم يكن بمستوى الطموح ولكنه إنجاز يفتخر به كل الأردنيين وخصوصا تلك النخب التي لا تترك مناسبة إلا ذكرت بذلك الإنجاز لكي تذكر بوجودها وبامتيازاتها النخبوية التي لا يبررها عدلا سوى الإنجاز.

 وعدت من جديد ابحث عن نخب جديدة وحاولت ان اربطها بما يبرر حجم الإنجاز في هذا الوطن فلم اجد والله سوى نخب الكادحين من عمال وموظفين ومزارعين واطباء ومهندسين ومعلمين ورجال دين وعسكريين وتجار ومقاولين لم ترقى اموالهم الى الملايين وخلصت ان نخبة النخبة في مجتمعنا هو مفهوم مخالف عدديا للأقلية بل هم الأكترية الكادحة في مجتمعنا فليسامح الله من اخذ لنفسه او منح لغيرة ما ليس له بحجة انه وإياهم يمثلون دون غيرهم نخب المجتمع الأردني وطوبى لنخب الكادحين بما انجزوا للوطن قبل انفسهم.