03-08-2016 01:07 PM
بقلم : د. إبراهيم بدر شهاب الخالدي
اعتذرت نقابة المعلمين لوزارة التربية والتعليم عن هجومها غير المبرر على الأخيرة ، لإشاعة سمعتها النقابة مفادها أن وزارة التربية والتعليم قد قررت إجراء امتحان لكافة المعلمين في اللغة العربية .
والهجوم على الوزارة للسبب المشار إليه يحمل دلالة خطيرة جوهرها أن النقابة تدعو إلى محاربة اللغة العربية ، التي هي لغة القرآن الكريم ، وهو ما يعني بالتالي محاربة الإسلام نفسه بنقض عروة من عراه وهي اللغة العربية .
لقد انخلعت قلوب أعضاء النقابة الموقرة وارتعدت فرائصهم لمجرد إشاعة ، فكيف لو كانت حقيقة ، إذن لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها . ومبرر الهجوم لا يخرج عن واحد من ثلاثة : إما أنهم أميون يخشون الإخفاق في الامتحان ، وإما أنهم أعاجم لا يجيدون اللغة العربية ، وإما أنهم لا يريدون تطوير أداء المعلمين وبالتالي النهوض بالوطن والأمة ، وكأنهم حريصون على إيجاد معلمين يجهلون اللغة العربية ، مقطوعي الصلة بلغتهم الأصلية وبتراث أمتهم ؛ ولهذا يندر أن تجد معلماً يجيد التحدث باللغة العربية حتى المتخصصين منهم ، وهو ما سعى ويسعى إليه دعاة التغريب والحداثة من العلمانيين وسواهم .
كان المأمول من النقابة التي يفترض فيها الحرص على الوطن والأمة والثقافة العربية الأصيلة أن تبادر إلى طرح مثل هذه الفكرة الرائدة ، أو أن تكون نصيرة لها على الأقل ، من أجل تطوير مهنة التعليم ورفع سوية المعلمين ورفع مستوى التعليم في الأردن بوجه عام ، وبالتالي رفع شأن الوطن والأمة ، لا أن تجهضها وترفع عقيرتها بالتهديد والوعيد !! أو تقف ضد مصلحة الوطن والأمة .
إن المطلب الحضاري الذي تحرص الأمم الحية عليه هو الحفاظ على لغاتها الوطنية ، وأن يجيد المعلمون التحدث بها . لقد رفع قديماً شعار (( كل معلم هو معلم للغة العربية )) ولكن هذا الشعار قد طواه النسيان أو وئد بسبب خبث دعاة التغريب في إطار الحرب المسعورة التي ما ينفكون يشنونها علينا ، التي تستهدف قيمنا وثوابتنا الحضارية ابتداء بمحاربة اللغة .
إننا ندعو وزارة التربية والتعليم إلى اتخاذ خطوات جادة لتطبيق هذه الفكرة ( فكرة امتحان اللغة العربية لكافة منتسبيها ) كما هو الحال في تركيا ( التي يعقد فيها امتحان عام كل خمس سنوات لكافة موظفي الدولة ) فالموظف الذي يجتاز الامتحان بنجاح يرقى إلى وظيفة أعلى من وظيفته الحالية ، والذي يخفق في الامتحان يحول إلى وظيفة أدنى أو يجمد وضعه الوظيفي حتى تقاعده ، كما ندعو إلى تعميم هذه الفكرة لتطال الجامعات والمعاهد وكافة المؤسسات التعليمية ، فهي مليئة بالأعاجم والأميين وأشباه المتعلمين ، ولا سيما أولئك الذين تم دفعهم إليها أو حشرهم فيها بالواسطة .