06-08-2016 04:33 PM
بقلم :
المتساقطون والمتسلقون صنفان من الناس كثرا وتكاثرا في مجتمعاتنا في هذا الزمن بصورة ملفتة للنظر ، وتدعو إلى الاستغراب ودراسة الأسباب والدوافع بطريقة علمية ومنطقية باعتبارهما من الظواهر الغربية عن مجتمع من المفترض أن تحكمه مجموعة من الثوابت والقيم والمبادئ التي تعد مرجعيات للحكم على السلوك والمواقف والأشخاص .
أما المتساقطون فهم الذين سقطوا في الاختبارات التي تعرضوا فيما يتعلق بمبادئهم ومثلهم العليا التي ينادون بها ، ومن الأمثلة على ذلك بعض علماء الدين والدعوة الذين لم يثبتوا على مواقفهم التي تعارضت مع مصالحهم كتنازل بعضهم عن دعوته لحساب مصلحة دنيوية ،أو مركز، أو مال ، مما جعل الناس يقولون فيهم " خذ من أقوالهم ولا تنظر إلى أفعالهم "، وتجد هذا الصنف من منظري الأحزاب التي ترفع شعارات براقة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، لكنها تسقط عند أول اختبار عملي ، فمن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، ومن المعارضة المطلقة للسلطة إلى الدفاع المطلق عن السياسات التي بالأمس ينتقدونها ، وتجد صنفا من هؤلاء من منظري الوطنية ، وهم يمارسون السلوكات التي تتناقض تماما مع الوطنية الحقة من السلوك الجهوي ، أو المناطقي ، أو الفئوي ، أو الحزبي المتعصب ، مع أن الوطنية الحقة هوية جامعة لا تنظر إلى المواطنة بغض النظر عن الانتماءات الفرعية .
أما المتسلقون فهم الذين يتحينون الفرص في الوصول إلى اهدافهم بأساليب النفاق الاجتماعي ، يتقنونه فنونه في كل المواقف، يملكون أساليب التقرب من الفئات المؤثرة في المجتمع طمعا في الحصول على مكاسب شخصية تمكنهم من تحقيق مأربهم ، ومن الملفت للنظر أن هذه الفئة من الناس لا يخلو منها موقع من مواقع المسؤولية ، ولا يخلو منها مجلس من المجالس ، يحسنون المدح والثناء ، يتقربون بوسائل متعددة ، يتلونون بألوان شتى ، لا يثبتون على خط واحد ، يجارون رغبات أصحاب المواقع والمصالح .
ولعل وجود هذين الصنفين يفسر تغير المواقف وتبدلها من النقيض إلى النقيض ، ويعكس سلوك العديد من الناس في مجتمعاتنا العربية المعاصرة بحثا عن مصالحها على رأي القائل : "أنا ومن ورائي الطوفان " وبعضهم يقول : " إذا سلمت ناقتي ما علي برفقتي " والمتسلقون والمتساقطون يشكلون خطرا على المصالح الوطنية والمجتمعية إذ لا يؤمن جانبهم ، ومن جهتهم يكون الحذر والخوف على المجتمع والوطن ، حمى الله مجتمعنا من خطر المتسلقين والمتساقطين ، حمى الله وطننا من شرهم ، اللهم ارزقنا الثبات على المبدأ والحق ، وجنبنا الزلل والفتن ، والله من وراء القصد .