11-08-2016 11:07 AM
سرايا - سرايا - غالبًا عندما نذكر رومانيا، تخطر في بالنا عاصمتها بوخارست ولقبها «باريس الصغيرة». ولكن هذه البلاد القابعة في وسط أوروبا، والتي تحوم حول جبال كاربات ونهر الدانوب والبحر الأسود، تحضن مدنًا وبلدات تعيش في كواليس العصر، وتلعب دور البطولة على مسرحي التاريخ والطبيعة الخلاّبة.
صحيح أن كل الدروب في رومانيا تمر عبر بوخارست، لكن فليكن مرورك في العاصمة سريعًا، إذ تنطلقين منها نحو مدن مقاطعة ترانسلفانيا وبلداتها لتمضي إجازة في مدن أقل ما يقال فيها إنها تشبه مدن الافتراض التي نقرأ عنها في قصص الخيال.
مقاطعة ترانسلفانيا
إنها أرض الجبال الشاهقة، والقصور القوطية والكنائس المحصّنة، وبساط من القرى تستريح تحت نور قمر يحمل في ضيائه الكثير من الغموض الساكن في المخيال الاجتماعي الروماني، أبدعت مخيلة كتّاب هوليوود ومخرجيها في ترجمته أفلامًا سينمائية تروي حكاية الكونت دراكولا.
ولكن هذه المنطقة التي عادت إلى حضن رومانيا عام 1918 فيها الكثير من الجمال الذي يجعل الإجازة فيها أكثر من رائعة تحفر في الذاكرة مشاهد بانورامية خلابة حيث الأخضر يحضن تحفًا معمارية تقاطعت فيها الأنماط البيزنطية والقوطية والباروكية والعثمانية وعصر النهضة.
تحاصر ترانسلفانيا شرقًا وجنوبًا جبال كاربات المهيبة أو كما يسمونها جبال الألب الترانسلفانية. هي فردوس هواة الطبيعة الذين يمكنهم اكتشاف المعنى الحقيقي لأنهار أبوسيني Apuseni الجوفية، والانغماس في تسلق الصخور في المتنزّه الوطني بياترا غرايولوي Piatra Graiului، ومسابقة النسائم المنعشة على دراجة هوائية على سفح بوسيغي Bucegi واستكشاف ريتزاتRetezat والتجوال في هضاب فاغاراس Fagaras، أو التزلج في إحدى محطات التزلج في براهوفا Prahova.
على خطى دراكولا الافتراضي بين ترانسلفانيا ووالاشيا
كثرت الأفلام الهوليوودية، المأسوية منها والكوميدية، وآخرها كان «فندق ترانسلفانيا»Hotel Transylvania الكرتوني بجزءيه الأول والثاني عن الكونت دراكولا. ومهما يكن من إبداع في الخيال الهوليوودي، فإن «قلعة دراكولا» موجودة بالفعل مع اختلاف الاسم والوقائع والتفاصيل.
فاسم هذه القلعة «قلعة بران»، وتقع على الحدود بين ترانسلفانيا ووالاشيا Wallachia عند طريق 73 في منطقة بران التي تبعد من مدينة براشوف 30 كيلومترًا، وقد بُنيت في الأساس لأسباب اقتصادية واستراتيجية في منطقة كانت قديمًا على حدود رومانيا مع الإمبراطورية العثمانية.
وكانت تعتبر من أهم الحصون الدفاعية في وجه العثمانيين. أما اسم «قلعة دركولا» فقد جاء تيمنًا بـ «فلاد تيبشيه» الذي يعتبر بطلاً قوميًا في رومانيا لمواجهته الاحتلال العثماني وقد حكم بين عامي 1456 و1462، واشتهر بتعامله الوحشي مع المسؤولين الفاسدين واللصوص، وخصوصًا المحتلين.
ويُثار الجدل حول العلاقة غير الأكيدة بين شخصية دراكولا التي ابتكرها الكاتب الإرلندي برام ستوكر عام 1897 وفلاد تيبشيه ابن الأمير الروماني فلاد دراكولا، وهو اللقب الذي ورثه عنه، رغم أنه لا يوجد دليل على أن ستوكر كان يعرف بوجود القلعة الواقعي.
ويقال إنه في ما بعد، ساد الاعتقاد بأن فلاد تيبشيه سكن في هذه القلعة بعدما صور فيها فيلم «مقابلة مع مصاص الدماء» Interview with the Vampire The Vampire Chronicles من بطولة براد بيت، توم كروز، أنطونيو بانديراس وكريستين دانست.
تحوّلت «قلعة بران» إلى متحف مفتوح للسياح، يضم منحوتات رائعة وقطع أثاث جمعتها الملكة ماري حفيدة الملكة فيكتوريا وزوجة فرديناند الأوّل ملك رومانيا، إذ عاشت في هذه القلعة في أوائل القرن العشرين.
إذًا، لا داعي للخوف الذي تحملينه في لا وعيك، أثناء تجوالك في عالم أطلال الكونت دراكولا الافتراضي. لا تستسلمي للخوف الفطري من الغموض الذي تحويه ميثولوجيا «دراكولا»، ولا تحثّي خطاك كي ترحلي عن المتحف قبل غروب الشمس.
إنه مجرّد إبداع هوليوودي في فن الرعب. فهنا يمكنك الولوج الى المتحف بشكل فردي أو بمساعدة مرشد سياحي، من دون أن يلاحقك ظل دراكولا.
عندما تجولين في الجزء السفلي للقلعة وفي الهواء الطلق في حديقة صغيرة تعرف بـ «الحديقة الساحرة» حيث كانت الملكة ماري تتنزه وتتناول الشاي عند الغروب، ستتعرفين إلى حياة الفلاحين عبر مجسمات البيوت، الحظائر التي جمعت من مختلف أنحاء رومانيا.
تصطف على الطريق المؤدي إلى قلعة بران أكشاك الباعة الجوالين الذين يعرضون كل ما يتعلّق بالكونت دراكولا الافتراضي.
هنا تشترين قمصانًا وأكوابًا وولاعات وُسمت عليها صور دراكولا وحتى أنيابه الوهمية. إذًا كل شيء يدور حول دراكولا، وما عليك سوى الدخول في متاهته وإن افتراضًا.