04-09-2016 04:21 PM
بقلم : عبدالحميد الهمشري
التناقضات الفلسطينية
الحلقة الثالثةعشرة
{ قضايا شائكة }
" 3 "
عبدالحميد الهمشري
في هذه الحلقة سأتناول الجزء الثالث من أثر الممارسات الصهيونية على تأجيج الصراع في الساحة الإقليمية وضغوطها على الفلسطينيين التي تمثلت في مثلث متعامد يتعلق بـ :
1 – الاعتداء على الأرض الفلسطينية والبنى التحتية.
2 - ظلم الإنسان الفلسطيني ومحاولات مستميتة لمنعه من حق تقرير مصيره وحقه في العودة وممارسات العدو الغاصب المحتل ضد هذا الإنسان بتصفيات جسدية بإعدامات في الميدان وبتفجيرات وأسلحة فتاكة تزوده بها القوى المهيمنة على مركز القرار الدولي واعتقالات عشوائية مستمرة وتعذيب الأسرى وسياسة التجويع الممنهجة ضد التجمعات السكانية الفلسطينية.
3 - القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية خاصة المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض منذ العام 1929 ولغاية الآن لحملة شرسة خفت وتيرتها بعد توحيد ضفتي الأردن الشرقية والغربية في إطار المملكة الأردنية الهاشمية عادت الهجمة من جديد بعد احتلال الضفة الغربية وعاصمتها القدس منذ نكسة 1967 وزادت بعد فك الارتباط بين الضفتين .. حيث باتت الاعتداءات الصهيونية تشكل خطراً محدقاً على هذا المسجد في ظل تقاعس عربي إسلامي عن الذود عنه عملياً سوى بعبارات التنديد لدرجة أن هذا التقاعس مكن هذا العدو من تقسيم المسجد زمانياً بشكل غير معلن بل ممارس عملياً دون ترويج إعلامي حيث يمنع المسلمون من التوجه إليه في ساعات محددة لتصبح لاحقاً واقعاً مفروضاً على حال هذا المسجد لتأتي بعد ذلك الخطوة الأخرى وهو تقسيمه مكانياً حيث تصبح أجزاء منه ملكاً للصهاينة وفي حال تم ذلك يكون أمر هدمه والاستيلاء عليه سهل المنال لأن استمرار التهاون بشأنه سيقود إلى ذلك حتماً وبكل تأكيد خاصة وأننا نسمع بين فينة وأخرى عمن يحاول ممن يدعي التفقه بأمور الدين إبعاد القدسية عن هذا المسجد سواء بالإيحاء أوبالهمز واللمز أنه ليس المقصود فيما جاء بسورة الإسراء.
فما تتعرض له الأرض الفلسطينية سواء تلك التي يملكها فلسطينيو العام 1948 أو الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد نكسة حزيران من استيلاء ممنهج على مساحات شاسعة منها خاصة تلك التي أسمتها "ج " في اتفاق أوسلو لإنشاء مغتصبات عليها تتخلل التجمعات السكانية الفلسطينية من مدن وبلدات وقرى تحيط بها من كل جانب مما حول تلك التجمعات السكانية إلى ما أشبه بالسجون المغلقة بفعل هذه المغتصبات التي تحيط بها من كل جانب ، ناهيك عن الشوارع الالتفافية التي أقامتها على حساب الأراضي الفلسطينية لتكون هذه الشوارع الالتفافية حزام مراقبة على التجمعات السكانية الفلسطينية في تلك الأراضي ولتوفير الأمن والأمان لسكان المغتصبات من الصهاينة التي تقام وفق ترتيب زمني تسلسلي يتفق مع أعداد ما تستقدمهم أو مع من هو متوقع استقدامهم من صهاينة من شتى بقاع الأرض لسكنى الأرض الفلسطينية على حساب أبناء فلسطين.
إلى جانب ما تتعرض له البنى التحتية الفلسطينية من تخريب مدروس بعناية فائقة من قبل سلطات الاحتلال وتدمير منازل الفلسطينيين تحت ذرائع تختلقها سلطات الاحتلال منها على سبيل المثال لا الحصر ، مقاومة أبناء أصحاب المنازل المدمرة للاحتلال أو تحت بند بناء بلا ترخيص ، ولمن لا يعلم فإن سلطات الاحتلال حين تمنح أي فلسطيني إذناً بالبناء يكون مدون بإذن البناء " ساكن وليس مالك " ، بمعنى أن لها الحق حين استقدام صهيوني لا يتوفر له المسكن أن تستولي على أي مسكن فلسطيني لإسكان الصهيوني القادم مكانه ، وقد قامت سلطات الاحتلال بهدم الكثير من المنازل الفلسطينية تحت حجة البناء بلا ترخيص أو بناء عشوائي أو وجود تلك المنازل في مناطق عسكرية تعرقل تحركات جيش الاحتلال ..
وهذا يحصل في عالم يتغنى زوراً وبهتاناً بالديمقراطية وحق كل إنسان بعيش آمن في وطنه ، بطبيعة الحال فلسطين وشعبها مشتثى من هكذا حق لأن الولايات المتحدة الأمريكية المنصبة نفسها كما تدعي راعية لحقوق الإنسان والدول التي تتدثر بعباءتها من أوروبية وغيرها ، تنكر هذا الحق على شعب فلسطين وتمنحه للمستقدمين اليهود من شتى أصقاع الأرض فقط دون سواهم لتعوضهم عن الظلم الذي لحق بهم من ممالك أوروبا وفق ما يدعون بظلم شعب فلسطين ، مؤامرة دولية ظاهرها إنساني وباطنها شر مستطير ، فيه إلحاق ظلم بشعب كان أمناً في أرض آبائه وأجداده لحساب أقوام من معتنقي اليهودية ، أقول أقوام لأنهم من جنسيات وجماعات ومواقع متفرقة في هذا العالم الفسيح جرى إعادة إحياء لغة قديمة " عبرية " باسمهم بحروف كنعانية ليوحى بأنه كان لهم تاريخ على أرض فلسطين بمعنى آخر تزوير حقائق تاريخية خدمة لأهداف ميكافيلية تقول بأن الغاية تبرر الوسيلة.
هذا من ناحية اغتصاب الأرض أما من ناحية ظلم الإنسان الفلسطيني فحدث ولا حرج ، فتتم كلها بقرارات ظاهرها دولي لكن باطنها سطوة وجبروت تفرضها دولة متمكنة تسيطر عليها جماعات تسعى لحكم العالم ، كثيراً ما تعقد اجتماعاتها للنظر فيما وصلت إليه الأمور بالنسبة للحكومة العالمية التي ستحكم هذا العالم وفق توجهات خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة بل تحكمها أوهام وأساطير ودهاقنة سياسة من أمثال هنري كيسينجر واليمين الأمريكي والصهيوني المتطرف ومن يسير في فلكهم من جماعات في البلاد العربية والإسلامية يعبئون الأمم الأخرى ضد الإسلام والمسلمين ويلحقون ببلدانهم أذى جراء ممارساتهم القتل وسفك دماء الأبرياء وتدمير البنية التحتية لدول الشرق الأوسط من خلال تلك الجماعات المتطرفة وتترك الدول التي جرى فيها الخراب تلهث وراء إعادة بناء نفسها لكن أمام فوضى الحكومة العالمية الخلاقة تتشعب الدروب ولا منقذ من هذا الوضع إلا بتكاتف أهل المنطقة لوقف هذا المد المجنون لساديي العالم الذين لا يمكنهم العيش خارج مستنقعات النار والدمار وبأوهام ما أنزل بها من سلطان وبغفلة من حكماء العالم وعقلانييه وأهل المنطقة بالذات.
فما يمارسه جيش الاحتلال الصهيوني والحكومة الصهيونية ضد الإنسان الفلسطيني مقونن يجري تبريره أمريكياً وأوروبيا تحت بند حق الدفاع عن النفس ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين هي مبادئ حقوق الإنسان التي يتغنون بها من حق هذا الإنسان في العيش الأمن في وطنه وحق تقرير مصيره؟ فالتصفيات الجسدية في الميدان واغتيال الأمنين في بيوتهم بأي شريعة وعرف تتم ؟ والاعتقالات العشوائية التي تجري في عتمة الليل تؤرق النائمين من أطفال وشيوخ ونساء تحت أي مسمى يمكن وضعها ؟ واعتقال الناس واحتجازهم بلا محاكمات من يقره في هذا العالم وأي شريعة تعتمده ؟
فالاعتقالات والتعذيب سياسة ممنهجة ، واستراتيجية قمعية صهيونية للانتقام ومحاولة بث الرعب والخوف في نفوس االناس كافة، ووسيلة لمحاولة إخماد المقاومة المشروعة للاحتلال فالفلسطينيون الذين مروا بتجربة الاعتقال، تعرضوا بالحد الادنى إلى أحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة القاسية، مما يلحق الضرر بهم ويعيق من مواكبة حر النمو الاقتصادي والاجتماعي التي يحلون بها كأي شعب من شعوب الأرض , الامر الذي يتطلب توفير الحماية الدولية للأسرى في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ووضع حد لما يتعرضون له من انتهاكات وجرائم لا حصر لها تتنافى وبشكل فاضح مع أبسط قواعد القانون الدولي وهم ينتظرون المدد والعون من بعد الله سبحانه وتعالى من بني جلدتهم العرب ومن الشعوب الإسلامية والشعوب المحبة للسلام والعدل والمساواة.