-->

حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 10856

ارتجاج الذاكره .. قصة البورصات بالطبعة الكركية!!

ارتجاج الذاكره .. قصة البورصات بالطبعة الكركية!!

ارتجاج الذاكره  ..  قصة البورصات بالطبعة الكركية!!

06-10-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

 

 

ما أعنف فقدان المعلومه !!،هو عنيف وقاس، نعم؛ خصوصا ان كانت مهمة لبناء معارف ذاتية،لكن الأشد عنفا وقسوة هو عودتها!! مثل لغم،يتفجر وشاية بدلالات فضائحية.. وليس سرا القول بأنني عانيت هذا العنف بنوعيه، حيث (أذكر) أنني وبزلة قدم سقطت من سطح منزلي الكائن في طابق ثالث ، وغابت ذاكرتي لمدة 6 ساعات،فكانت تلك الساعات هي أطول الرحلات وأشدها إيلاما،خصوصا عندما يذكرني من كان حاضرا عن (تضييعي) لإسمي !!؛ما أوحش ضياع الإسم!!وما أشد وحشية أن يستغل (مسعفك) غياب ذاكرتك وينبش جيوبك ويستولي على نقودك!!هي قرصنة بكل معاني الوحشية والاستغلال،يقوم بها (مسعف صاحي) ضد (مواطن فاقد الذاكره) ..!

هناك،وهنا؛أناس كثر يعانون من مثل هذه الحالة من ضياع المعلومات،ويكابدون ألم رجوع المعلومة التي (ضاعت)،وألم تلك المعلومة الأخرى التي سقطت من أدراج ذاكرة ارتجت بعنف، فتطايرت محتوياتها الى غير أمكنة التبويب والتصنيف، ومثل هذه الحالة انتابتني أول أيام عيد الفطر،أثناء زيارتي لأحد الجيران القدماء في قريتنا، عندما تبادل الجلساء الحديث عن قصة البورصة،وجرائمها الأشد ترويعا للفقراء وفاقدي الذاكرة من بسطاء الناس وغيرهم..

ارتجاج الذاكرة ظهر بوضوح في قصة البورصة في طبعتها (الكركية)،حيث استمعت لمعزوفة تقليدية،غنية (بتقاسيم) حزينة عن حياة البؤساء والبسطاء، الذين انخرطوا في سباق على مضمار فكرة (امبريالية) معولمة بسحر (الثراء السريع) الأخاذ، وهو سحر يزداد إبهارا عندما يروج له (شيوخ دين ) لكنهم دراويش.. (ويا خيِّ داراويش).. أصبحوا في ظرف زلة قدم مسعفون ماليون للفقراء من خلال ترويجهم   لبركات البورصة.. اللهم زد وبارك.

مجرد دراويش ،هم أولئك الذين عاثوا في ذاكرة القوم تضييعا وهدرا للمعلومات والمعارف ودلالاتها، فهب البسطاء والطامعون بثراء سريع هبة رجل واحد،تسابقا لبيع ما ملكوا من أجل (30%) في الشهر، وهي نسبة من (البركات التامّات الآتية من نعيم مقيم لكن في جنات مسحورة عرفناها يوما في كتاب ألف ليله.. وليله) ، وما أعجب أن يقوم حارس (درويش) بتسليم مفاتيح جنة النعيم للدهماء، مقابل مصادرة ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم..

استطاع بعض مجرمي المال والنصب والاحتيال أن يقدموا طعما رخيصا لفاقدي الوعي، بتقديمهم (لدراويش) كعملاء بكامل وثائقهم الثبوتية المؤكده لشرعية عمل البورصة، والمؤكدة للكسب السريع،حيث أصبح (الدرويش) المعروف بتطليقه للدنيا وما فيها،أصبح يركب (همرا) يقودها موظف سائق !! فقال المذهولون (اللي أطعمك ..يطعمنا) وباع الأرض والدار، والتحق سريعا في ركب الراكبين للقضاء على آخر معاقل البؤس والفقر..

وقبل (الشيوخ الدراويش) عانت مجتمعاتنا،وما زالت تعاني، من شيوخ (ليسوا بالدراويش) عملوا يوما بل دوما كعملاء لترويج (بورصة الدم) المملوكة لقوى ظلامية، أخذت على عاتقها تضييع تاريخ وحاضر ومستقبل أمة، وتعاقد   هؤلاء الشيوخ بتسليم مفاتيح الجنة وبأقصى سرعة لمجاهدين ومشاريع شهداء،وعانينا كما البشرية من فظائع جرائمهم الارهابية ، ورحم الله ضيوف عرس (الراديسون ) وضيوف فنادق عمان الأخرى..

أثناء حديث جلسائي عن قصة البورصة اهتزت ذاكرتي، وارتجت، وتذكرت معلومة عن شاب كان هنا، في البيت ذاته،فتى بعمر الورد، بريئا،بالكاد يعرف كتابة اسمه،كان يعمل في (مشحمه)،وفجأة اختفى، مع شاب آخر،وذلك قبل أكثر من 15 عاما، وبعد مرور 3 أشهر على اختفائه،جاء هاتف من (فاعل خير) لأهله يهنئهم باستشهادهما لكن في (البوسنة)،معلومة عنيفة عن مفقود أصبح (بفعل الخير) فقيدا وشهيدا!! ولا دليل ملموسا، وحديث صاخب انطلق بغضب يتقصى (كيف ومتى وأين.. ثم لماذا؟؟؟)، وبعد عدة أشهر من ذلك الحديث،كنت في بلد عربي شقيق،وعلمت أن بعض المصابين والجرحى البوسنيين يتعالجون في ذلك البلد الشقيق، فذهبت لمكان اقامتهم، وقابلت أحدهم، الذي أمسى (بوسنيا وجريحا يتعالج هناك!!)،وسألته الأسئلة الاستقصائية وبأكثر من صيغة، وعلى امتداد أيام،فتمنع كثيرا عن الاجابة ثم اعترف بموت الشابين، فطلبت تأكيدا، فقال أنا من دفنهم، وأطلعني على صورة قبورهم.. وكم اقشعر بدني وأنا أصفعه،فتدخل بوسنيا (أصليا) لتهدئتي.. وعلمت أن المتدخل أصبح نائبا في برلمان البوسنة..

إذن؛ ثمة بسطاء كثر يحلمون بالجنة وبنعيم الثراء السريع،وثمة عملاء شيوخ (دراويش) وغيرهم،تعهدوا بتحقيق الحلمين، وفي خضم ارتجاج ذاكرة، تاهت معارف ومعلومات ودلالات، فإذا بالدمار يجتاح الماضي والحاضر والمستقبل،وتتعالى صيحات ألم الحقائق عندما تدلف عائدة الى مستقرها في ذاكرتنا.. وثمة سؤال خطير يبحث عن معلومة تائهة.. هؤلاء البسطاء والبؤساء والطامعون بمفاتيح الجنة أو بالثراء السريع، تراهم، من أي طابق سقطوا ؟!!.

يا إلهي.. متى تستقر ذاكرتي من هذا الارتجاج،وكم من معلومة أشد قسوة ستعود ؟!.








طباعة
  • المشاهدات: 10856
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
06-10-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل اقتربت "إسرائيل" ولبنان من التوصل لاتفاق إنهاء الحرب؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم