حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,15 يناير, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 13182

امتحانات الثانوية .. مدرسة المشاغبين في اليمن

امتحانات الثانوية .. مدرسة المشاغبين في اليمن

امتحانات الثانوية  ..  مدرسة المشاغبين في اليمن

17-09-2016 12:07 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - على شاكلة المسرحية المصرية الكوميدية الشهيرة "مدرسة المشاغبين" التي جَسد أبطالها في السبعينيات دور الطلاب الذين لا يكترثون بنهل ما يُسكت جوعهم العلمي للحصول على أعلى الدرجات في امتحانات آخر العام، فيلجأون للغش بكافة أنواعه وطرقه، تعج مدارس في اليمن بمثل هذه الظاهرة في مشهد واقعي هذه المرة بعيد عن أي خيال سينمائي قريب لساحة حرب قتلت وشردت طلاب علم، وحرقت كتباً، وأذابت حبراً.

أطفال يتسلقون الجدران، وأولياء أمور ينتظرون عند بوابات ونوافذ اللجان يتحينون الفرصة لمساعدة أبنائهم في امتحانات الثانوية عن طريق إدخال الإجابات لهم، وطلاب يتشاركون الإجابات في القاعة.. مشاهد تجسد ظاهرة "الغش" وتطور أساليبها في المدارس اليمنية كنتيجة طبيعية لغياب الدولة جراء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام.

ظاهرةٌ تضرب بعرض الحائط تلك الرؤية الاستراتيجية التي تتصدر الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني لوزارة التربية والتعليم اليمنية وتنص على "امتلاك تعليم ثانوي عام يتسم بالعدالة والمساواة في توفير الفرص التعليمية، والجودة في النوعية والتنوع في التخصصات، وبما يمكن الخريجين من مواصلة تعليمهم العالي بكفاءة أو الانخراط في الحياة العملية".

ورغم مرور أيام على انتهاء امتحانات الشهادة العامة (الثانوية) بقسميها العلمي والأدبي في اليمن، والتي ستُعلن نتائجها بعد نحو شهرين، إلا أن مجالس اليمنيين سواء في المنازل أو المقاهي أو الشوارع لا تخلو من الحديث عن تلك المشاهد التي يصفونها بالغريبة على بلدهم قبل وقوعه في شرك الحرب.

وبلغ عدد المتقدمين للامتحانات التي انتهت الإثنين الماضي، في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، نحو 53 ألف طالب وطالبة موزعين على 556 مركز امتحاني، منهم 42 ألفاً و800 للقسم العلمي، و10 آلاف و270 للأدبي، بحسب أرقام رسمية.

فيما بلغ عدد المتقدمين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، 253 ألفا و157 طالباً وطالبة للقسمين العلمي والأدبي، وفق وزارة التربية والتعليم التابعة لهم.

"أيمن سعيد" الذي تقدم لامتحانات الثانوية العامة، في مدينة الحديدة (غرب)، لا يبدو راضياً عما يفعله، لكنه يؤكد أن مجبر على ذلك أمام الكثير من الطلاب الذين لا يبذلون أي عناء في الدراسة طيلة أيام العام ويحصلون على نتائج عالية.

ويقول "أيمن" : "يسمح لنا المراقبون بأن نجيب على الأسئلة بالمشاركة، ويجوز لك الاستعانة بزميلك، بينما يُدخل لنا الحراس إجابات الامتحانات من خارج القاعة، ويكون قد أجاب عليها أحد الأساتذة، مقابل مبلغ يصل في بعض الأحيان إلى خمسمائة ريال (نحو دولارين)".

ويضيف "لا نعتمد على الغش القادم من خارج القاعة، إذ تكون الإجابات في بعض الأحيان خاطئة".

ويٌقر الطالب بأن عمليات الغش دمرت مستقبله العلمي، وجعلته يعتمد مع زملائه الآخرين في هذا الأمر مهملين مذاكرتهم، مستطرداً في هذا الصدد: "ما الفائدة أن أتعب وأذاكر وأجتهد، وفي خلاصة الأمر أجد الحل أمامي، وأُصبح أنا والفاشل في القاعة بنفس المستوى".

صورة أخرى لانتشار ظاهرة الغش، رصدها مراسل الأناضول، تتجسد هذه المرة في إدخال بعض الطلاب المنتمين لمجموعات مسلحة، هواتفهم وأسلحتهم إلى قاعة الامتحان، على مرأى أفراد الأمن، ضاربين بعرض الحائط الإجراءات والقوانين التي تُنظم سير العملية التعليمية.

وغير بعيد عن هذا، رصد مراسلنا، العشرات من الأطفال وهم يتسلقون جدران المدارس العالية في سبيل إيصال أوراق الإجابات للطلاب عبر النوافذ، فيما تغض قوات الأمن المكلفة بحراسة محيط المدارس الطرف، وفق طلاب وأولياء أمور يقولون إن هذه القوات تأخذ نصيبها من مبالغ تدفع مقابل سماحها بالغش، وهو ما لم يتسن للأناضول التحقق من صحته من الجهات المعنية.

ورغم المطالبات المتكررة التي يرفعها أولياء الطلاب والطلاب أنفسهم، لوزارة التربية والتعليم، بضرورة الحزم ومنع عمليات الغش، إلا أن تلك المطالَب "لا تلق أية استجابة".

وقال مدير إحدى المدارس للأناضول مُفضلاً عدم الكشف عن هويته، إن الوضع العام في البلاد "لا يسمح بالتشديد على الطلاب في أداء امتحاناتهم".

وعزا المدير الأمر لجملة من الأسباب، بينها أن "الكثير من الطلاب لم يحصلوا على الحد الأدنى من الدراسة والتحصيل العلمي بسبب الحرب الدائرة، ونزوح آخرين، فيما يفتعل البعض منهم - وخصوصاً المسلحين - الفوضى إذا لم يُسمح لهم بالغش، بالإضافة إلى أن وزارة التربية والتعليم متواطئة في الجريمة".

وأضاف "وزارة التربية والتعليم سواء الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية أو الحوثيين، لم تفِ بالأجور المستحقة لأعضاء لجان المراقبة، مما يدفع بهؤلاء إلى تحصيلها من الطلاب، في مقابل السماح لهم بالغش، وهذا هو السبب الأهم".

وانعكس هذا الوضع السائد في بعض المدارس، على التعليم الجامعي، حيث يحصد الطلاب معدلات عالية في امتحانات آخر العام، وتتفاوت ما بين الـ٨٠٪‏ والـ٩٨٪‏، بينما كانت التقديرات الطلاب قبل ١٠ سنوات تتفاوت بين الـ٦٠٪‏ والـ٨٥٪‏، وفق تقديرات مراسل الأناضول.

ويُبدي أولياء أمور الطلاب عدم رضاهم عما يحصل، وفي هذا السياق يقول "عبدالقوي إسماعيل" وهو والد إحدى الفتيات التي قدمت امتحاناتها في مدرسة "عائشة" وسط العاصمة صنعاء: "هذا منكر وشي معيب بحق المجتمع والعلم".

وأردف "ذهبت بابني للتسجيل في كلية الطب بجامعة صنعاء، ووجدت الآلاف يتسابقون من أجل الدخول في كليات الطب، ومعدلاتهم تفوق الـ90%"، متسائلاً "هل يُعقل أن هؤلاء الطلاب على هذا القدر من الذكاء؟!".

ويشهد اليمن حربًا، منذ 2015، بين القوات الموالية للحكومة مدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية من جهة، ومسلحي "الحوثي" وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة أخرى، مخلّفة آلاف القتلى والجرحى بينهم طلاب مدارس وجامعات، فضلًا عن أوضاع إنسانية صعبة.








طباعة
  • المشاهدات: 13182

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم