06-10-2008 04:00 PM
عزَمَ الرحيل مبكراً دون أن يخبر أحداً .. فقرر أن تبيت روحه آمنة مطمئنة في قيلة الفؤاد ومهجة الروح (ام قيس) .. حيث المساء الحالم يمسّد ماء (طبريا) .. ويمشط جدائل الغور الانسيابية .. ويكحل عيون صبايا المخيبة الغزلانية .. والفتية يرددون الميجانا والعتباب الشمالية .. طلوع الشمس لم يكن كالمعتاد .. والصمت شفاف إلا من لهجة (الاربديين) .. الذين ودعوه كما استقبلوه أول مرة .. ما كنّا نعلم ولا نعرف .. ولكنها مشيئة قابض الأرواح .. فراق مهيب ودمع يعجز عن التعبير .. ثلة من الرفاق حملت (النعش) .. لتسلّم الامانة الى مالكها الواحد القهار .. لتحتضن (ام قيس) الجثمان تحت حبات ترابها برفق ولين الأم الحنون .. (ابا وداد) .. زوار الشمال يسألون عن سنابل القمح: لماذا بعضها سوداء اللون .. فيأتي جوابنا: لأن الصَبية التي بذرت القمح كانت مكحلة ونشمية .. وهاهي (وداد) تكبر (مكحلة ونشمية) لتبذر القمح في سهول (ام قيس) الوردية.. مأمون الروسان .. ايها الفتى الراقد تحت عباءة الرحمن الرحيم .. والله لا شيء يُفجع الروح ويُفطر الفؤاد مثل الفقد .. فهو اكثر الاحزان والآلام ايغالاً في الروح والبدن .. ذلك ان طعم مرارته يغصّ به المفؤود .. والدمعة في عينيّ الكبير هي كسقطة الصقر بسهم صياد فاشل .. لذا فاننا نحاور الفراق ونجاوره .. فهل تأذن لنا _رحمك الله_ أن نزور قبرك لنقبّل ترابه الذي اختلط بحروف حكاية الفتى الراقد ها هنا .. (مأمون) .. ان صدري يضيق .. وقلمي لا ينطلق .. فمن ظاهر الارض اكتب لى روحك في باطنها .. لا نناقش حكمة الله في سير الاحداث .. ونسلّم أمرنا اليه ونحمده على ما أصاب ونحمده على ما أخذ .. لنسأله عز وجل ان بدثرك بالرحمة والمغفرة ويسكنك الفردوس الأعلى .. نحتسبك عند الله وندعوه أن تكون في عليين مع الأنبياء والصديقين وحسن أولئك رفيقا .. اللهم عطّر ثراه يا الهي بحمدك .. وأسقه من نبع الجنان الطاهر .. اللهم آمين .. اللهم آمين
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-10-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |