04-10-2016 12:33 PM
بقلم : المحامي معتصم احمد بن طريف
لقد اشار جلالة الملك اطال الله عمره في كتاب التكليف السامي لحكومة الملقي الثانية لعدة نقاط هامة على الحكومة ان تقوم بالانتباه لها وأخذها بعين الاعتبار عند القيام بتنفيذ مهامها الموكولة لها وهنا اتطرق الى جزأً منها وهو ما يتعلق بالدور الخارجي للمملكة والممثل من خلال هذه الحكومة وضرورة استغلال العلاقات الخارجية للمملكة في البحث عن حلول لتحديات التي تواجه المملكة ومنها مشكلة اللجوء السوري والتصدي للإرهابيين خوارج العصر .
وبما ان الحكومة عملت على انشاء وزارة دولة لشؤون الخارجية بالإضافة لوزارة الخارجية فان على الحكومة ان تقوم بالعمل في المجال الخارجي على عدة جبهات للحصول على حلول لهذه المشاكل على ان تبدأ بمشكلة اللجوء السوري وأثرها على المملكة وهنا اقتبس قول جلالته في خطاب التكليف في هذا الصدد حيث قال (إن التحديات الوطنية التي يعانيها الأردن وأجياله اليوم قد تضاعفت بسبب انعكاسات أزمة اللجوء السوري على الأردن. فما قدمه الأردن يفوق كل معيار ولا بد من بذل كل الجهود لتأمين الدعم المطلوب للأردن ، والذي من شأنه تمكيننا من التعامل مع أعباء وتبعات اللجوء السوري اقتصاديا وتنمويا وأمنيا وتوفير الدعم الضروري لمجتمعاتنا المحلية وقطاعاتنا الحيوية ( فقد اشار جلالته وبشكل واضح الى هذا التحدي الذي تواجهه المملكة من ضمن التحديات الداخلية ومن هنا فان حل هذا التحدي يعتمد - كما اشار جلالته - على استغلال العلاقات الخارجية للمملكة والعمل الجاد على عدة جبهات لتصدي لهذه المشكلة التي تؤرق الداخل الاردني ، وان حلها يأتي من الخارج وذلك بمضاعفة الجهود ويكون من خلال تقسيم المشكلة ووضع الحلول المناسبة ومن هذه الحلول : اولا : العمل مع المنظمات الدولية العاملة في مجال اللاجئين مثل ( الامم المتحدة / الاتحاد الاوربي / منظمة الاغاثة الدولية للاجئين / الخ.. ) ويكون ذلك ليس فقط من خلال انشاء مخيمات للجوء لا نعرف مدة استمرار هذه المخيمات وتأمينها بالبنية التحتية فقط ، بل ايضا بتامين الدولة المضيفة بأعباء وجود هذه المخيمات و تأثيرات وجودها على ارض المملكة ومن هذه التأثيرات والتي في كثير من الاحيان لا يتم حسابها من خلال هذه المنظمات العاملة مع اللاجئين ، او التي لا يتم المطالبة بتعويضاتها من الدول المستضيفة ومنها على سبيل المثال ( تبعات التلوث البيئي / تبعات الصرف الصحي / تبعات الحمل الزائد على الكهرباء / تبعات استغلال الوقود /تبعات الواقعة على استغلال الارض المقام عليها المخيم / تبعات العبء الامني في حماية المخيم / تبعات العبء الصحي / تبعات العبء التربوي / تبعات العبء الاجتماعي وغيرها من الاعباء التي يمكن ان تواجه الدولة المضيفة ثانيا : العمل مع الدول الاوربية المتأثرة من الهجرة الغير شرعية للاجئين لدولهم فان موجهة هذا التحدي يكون من خلال التعاون مع هذه الدول التي يمكن لها ان تساهم في اعداد هذه المخيمات المؤقتة اعدادا جيدة لاستيعاب المهاجرين وتأمينهم بمستلزمات البقاء في المخيم وعدم هجرتهم ويكون من خلال اقامة المشاريع الانتاجية يكون مرددوها على اللاجئين والدولة المضيفة ، وهذا الاجراء سيؤدي الى التخفيف من هجرة الايادي العاملة من المخيم للبحث عن مصدر رزق خارج المخيم ومما يشكل عبء على الدولة المضيفة لمزاحمتها للأيدي العاملة الوطنية فيها او القيام بالهجرة الى الدول الاوربية حيث اصبحت تواجه هذه الدول ضغوطات شعبية من قبل شعوبها لوقف الهجرة اليها ثالثا : العمل مع الدول العربية وخاصة دول الخليج العربي وتبيان مدى الدور والعبء الذي تحملته المملكة من هذا اللجوء ويكون ذلك من خلال دعوة الاخوة العرب في تحمل جزء من هذا العبء والعمل على دعم المملكة للاستمرار في القيام بهذا الدور في استضافة اللاجئين لحين عودتهم الى دولهم رابعا : العمل مع المنظمات الدولية والدول الاوربية والعربية المتأثرة والدول العاملة في مكافحة الارهاب في تحمل العبء الامني ومساعدة الاردن في التصدي لهذه الظاهرة بالدعم المادي والمعنوي والعملياتي . وبناءا على ما تقدم وبما ان حكومتنا تعتبر حكومة اقتصادية وتبحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية فانه يمكن بحسبة بسيطة لجهابذة الاقتصاد في الحكومة ان يقوموا بحساب هذه الاعباء ماليا ومطالبة هذه المنظمات والدول بقيمة هذه الاعباء من خلال فاتورة سنويا .
اما فيما يخص الجانب الاخر من كتاب التكليف السامي في المجال الخارجي لعمل هذه الحكومة فهو ما اشار اليه جلالته في كتابه حيث قال (إن الأردن مستمر بعزيمة وهمة في مواقفه الثابتة بدعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحماية القدس الشريف وتحقيق السلام العادل والشامل. وإنني أتطلع لأن تقوم الحكومة بالمرحلة القادمة بالاستثمار والبناء على حضور الأردن الدولي والاحترام الذي يحظى به والاتفاقيات العديدة التي أنجزها ، لكي نعظم من مكاسبنا الدولية بما ينعكس على قدراتنا في مواجهة التحديات الوطنية.
فاهنا اشار جلالته بضرورة ان تقوم الحكومة باستثمار حضور الاردن دوليا وما يحضى به من احترام دولي ويكون ذلك من خلال اظهار الدور الاردني الصلب في الوقوف في واجه العاصفة التي تهب عليه من كل الاتجاهات والتي استطاع ان يصمد امامها وبساسته الحكيمة التي لم يقحم الاردن نفسه في اي وقت بهذه الصراعات وحافظ على التوازن الدولي في تعامله مع هذه المشاكل ، وكذلك استمراره في القيام بدوره القومي والإسلامي في الحافظ على المقدسات الاسلامية في القدس الشريف ، واستمراره في دعم الاشقاء الفلسطينيين في قضيتهم العادلة في تحقيق السلام ولم يتوانى يوما في هذا الدور ، بالرغم من توقف بعض الدول العربية الاخرى من القيام بهذا الواجب لانشغالها بمشاكلها الداخلية ، وقد اشار جلالته ايضا الى العديد من الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الاردن ويجب استغلالها دوليا في مواجهة التحديات الداخلية ومنها ( الاتفاقيات الاقتصادية / والاتفاقيات في مجال التطوير السياسي والاجتماعي / والاتفاقيات في مجال حقوق الانسان / والاتفاقيات بخصوص المرأة والطفل / والاتفاقيات في تطوير التعليم / والاتفاقيات في مجال الاستثمار / وغيرها من الاتفاقيات المهمة)
هذه الاتفاقيات التي لم تترجم لغاية الان على ارض الواقع وخاصة المتعلق منها في المجال الاقتصادي وإنشاء المشاريع ليشعر المواطنون بأثرها ومرددوها الاقتصادي على الوطن والمواطن فعلى الحكومة ضرورة الاسراع في اظهار هذه المشاريع التي في بعض الاحيان تعثرها يكون لأسباب عقيمة مثل القوانين القديمة والغير موائمة للاستثمار او نتيجة وجود موظفين غير فاهمين لواجباتهم مما يجعلهم عقبة في وجه تطبيق هذه الاتفاقيات وتأخر ظهور هذه المشاريع فعلى الحكومة ان تعيد النظر في هذا الجانب والعمل على تفعيل هذه الاتفاقيات .
وقد اشار جلالته في هذا المقام في توجيهه للحكومة للسياسية الخارجية بقوله )وعلى الحكومة أن تستمر بنهج الدبلوماسية المسؤولة والبناءة وباحترام المواثيق والمعاهدات والالتزامات الدولية ، وبتوجيه إمكاناتها وعلاقاتها الدولية والتحرك سياسياً بما يخدم القضايا العربية والإسلامية العادلة ) فعلى الحكومة ان تعمل على استمرار السياسية الاردنية بعدم التدخل بشؤون الاخرين واحترام هذه الدول ما دامت ملتزمة في احترام علاقاتها مع المملكة ولا تقوم بالتدخل في شؤون المملكة وقد اشار جلالته الى ذلك في اكثر من لقاء بان الاردن لا يتدخل في شؤون الدول الاخرى وانه بنفس الوقت - الاردن - قادر على الدفاع عن نفسه وشعبه في كل المواقع وانه قادر على الرد في الزمان والمكان المناسبين وهذا ما اشر اليه جلالته بقوله بأننا سنلاحق من قتل الطيار الاردني الكساسبة ولو بعد خمسون عاما . اما ما يخص الجانب الاخر من هذا التوجيه السامي والذي على الحكومة العمل عليه هو توجيه إمكاناتها وعلاقات الاردن الدولية بما يخدم القضايا العربية والإسلامية ويكون ذلك من الانفتاح على دول العام وتوضيح وجهة نظر الاسلام السمحة وان الاسلام بعيد عن كل ما الصق به من صورة مشوهة وقاتمة وان الاسلام بعيد عن الغلو والتطرف والعمل على نشر رسالة عمان في جميع دول العام وعقد المؤتمرات الدولية بين الدول الاسلامية وغير الاسلامية والعمل على توضيح الصورة الاسلامية السمحة .
وهنا اود الاشارة بان على الحكومة ان تتوجه بعلاقاتها الخارجية نحو الانفتاح على الدول الافريقية واقصد دول افريقيا الوسطى ودول غرب افريقيا وضرورة الانفتاح على هذه الدول من النواحي الاقتصادية والسياسية فهذه الدول دول فتية وهي بحاجة الى الخبرات والأيادي العاملة والأردن لديه من الخبرات والأيادي العاملة والشركات الوطنية والحكومية التي يمكن ان تعمل في هذه الدول مشاريع نستطيع من خلالها المساهمة في مساعدة هذه الدول وحل جزء من البطالة لدينا ، فهذه الدول ثقتها كبيرة في قدرات الاردنيون في جميع المجالات وما نحتاجه لتعامل مع هذه الدول هو ارادة سياسية وإستراتجية سياسة خارجية مدروسة في التعاون مع هذه الدول وجلالته اطال الله عمره - قد وضع حجر الاساس وما على الحكومة ألا البناء عليه ولا ادل على ذلك من الزيارة الاخيرة لجلالته لدولة كينيا واجتماعه مع الرئيس الكيني وأعضاء حكومته على هامش حضوره لتمرين عسكري اجرته قواتنا المسلحة مع القوات الكينية .
وأخيرا انا اجتهدت وأبديت وجهة نظري في جزء من كتاب التكليف السامي للحكومة التي نتمنى لها التوفيق في عملها والتي نرجو من اعضائها اذا اردوا ان يتعبوا حالهم في التفكير للبحث عن حلول لمشاكلنا فما عليهم الا ان يقرؤوا ما كتبنا لهم فنحن اي - ابناء الشعب الاردني البسطاء - نجتهد ونفكر عنهم ونرجو لهم بان يعتبرونا خبراء اجانب ويقرؤوا لنا بدل الاستعانة بالخبراء الأجانب مقابل اموال تستنزف الموازنة المستنزفة اصلا فان اعجبهم اخذوه وان لم يعجبهم عليهم بعمل ما يرونه مناسبا المهم ان يعملوا وينفذوا رؤية جلالة الملك اطال الله عمره .