06-10-2016 02:32 PM
بقلم : د. منتصر بركات الزعبي
جاءَ التعديلُ وليس التغيير على حكومةِ "هاني الملقي" صادمًا ،ومتعارضًا مع المطالبِ الواسعةِ لإنهاءِ حالةِ التوترِ والترقّبِ التِي أدخلتْ البلادَ والعبادَ في حالةِ احتقانٍ شديدٍ ؛وأعادَ هذا التعديلُ تمكينَ الأطرافِ المُمَكَّنَةِ أصلاً مِن مفاصلِ الدولةِ والحكومةِ.
ربّما بدا الأمرُ للبعضِ في جانبٍ مِنه أنّه تغيير ،ولكنه ليس كذلك ،لأنَّ التغييراتِ لم تَمسُّ جوهرَ المُشكلةِ ،ولا تُعالج القضايا المطروحةِ، سواءٌ في أزمةِ تغيير المناهج ،أو 240 ألف طالب ممن لم يحالفهم الحظ في الثانوية العامة ،والذي ألقى بهم معاليه في الشارع ،بحيث أصبحوا يشكلون "قنبلة اجتماعية موقوتة" كما وصفها الخبراء.
أو الفشل الذريع لوزير الأوقاف في إدارته الضعيفة والهزيلة لملف الحج ،وإغلاق المساجد أمام المصلين بحجج متهالكة لا ترقى إلى درجة أن يتخذ وزير الأوقاف قرارا بإغلاقها ،وجعل المصلين يقطعون مسافات طويلة لأداء صلاتهم ،مما أثار حفيظة الكثير من المواطنين .
أو فشل وزير الداخلية في إدارة الكثير من الملفات الداخلية ،وعلى رأسها ملف الانتخابات وما حصل من سرقة عشرة صناديق من دائرة بدو الوسط ،وما شاب العملية الانتخابية من اختلالات ،وخاصة انتشار المال السياسي الأسود دون اتخاذ إجراءات حازمة بحق المخالفين، وغيره من الملفات .
أو ارتفاع المديونية ،في ظل اقتصاد متعثر ،يصاحبه ارتفاعِ الأسعارِ ومزيدا من الفقرِ ،بفعلِ الفشلِ الذريعِ لنهجِ الإقصاءِ وفرضِ السياساتِ العرفيّةِ التي أَدْمَتْ جراحُها قلبَ الأردنِّ شعباً وأرضاً ،لأنَّ التغييراتِ لم تَمسُّ جوهرَ المُشكلةِ ،ولا تُعالج القضايا المطروحةِ.
فقائمةُ الأسماءِ التي دخلتْ التشكيلَةَ الوزاريَّةَ ،والتي تّم تدويرُ مواقعِها ،لا تعكسُ أيّ تغييرٍ على نهجِ الحكومةِ في معالجتِها للقضايا المصيريَّةِ التي تعاني مِنها البلادُ ،فهي لا ترقى إلى مستوى توقعاتِ الشارعِ الأردنِيِّ ،ولمْ تكنْ شاملةً ولا مُعبِّرةً عنْ نبضِ الشارعِ ،فجاءَتْ بعيدةً كلَّ البعدِ عنْ تلبيةِ رغباتِ المواطنين التي كانتْ تطمحُ إلى تغييراتٍ حقيقيّةٍ ،فسياسَةُ الترقيعِ لنْ تُجدِي نفعًا ،ولمْ تَعُدْ حلًّا ،حيثُ اتّسعَ الخرْقُ على الراقِعِ ،ولمْ يَعُدْ ينفعُ الترقيعُ فيها.
سؤالٌ أتوجّهُ بهِ إلى رئيسِ الحكومةِ ،ما هي الظروفُ التي استدعتْ مِثلَ هذا التعديلِ ؟وهلْ القادمون أحسنُ حالاً مِن الذين مَضَوا ،أمْ هو تغييرُ وجوهٍ ،وشمَّاعاتٌ يُعلِّق عليْها الرئيسُ إخفاقاتِه وأغلاطَه؟أمْ هو الضَحِكُ على الذقونِ؟ !
إنّ التعديلَ لمْ يكنْ لضرورةٍ مِنْ أجْلِ المحاسبةِ ومراجعةِ الأداءِ ،بُغْيَةَ تطويرِ الأداءِ وضخِّ دماءٍ جديدةٍ.
وإنّما جاءَت التعديلاتُ لأغراضٍ سياسيَةٍ بحتةٍ ،لا علاقةَ لها بنشاطِ الحُكمِ ،والشاهدُ على ذلك ،أنَّ هناك وزراءَ في حالةِ استبدالٍ مستمرٍ لمواقعِهم الوزاريّةِ ،حتّى أنَّ الوزيرَ الواحدَ قدْ يكونُ مرَّ على أكثرِ مِن وزارةٍ دونَ أنْ يُغادِرَ التشكيلةَ الوزاريّةَ أياً كانتْ ،وأياً كانت الأسبابُ ولو لمرة واحدة ،لا بلْ أنّ بعضَ الوزاراتِ أصبحتْ مملوكةً لأشخاصٍ معيّنِين وكأنَّهم(قدر من السماء) وَرِثوها عنْ آبائِهم ،ليسوا لأنهم أكفاء ولكن لأنه مرضي عنهم.
وفي كل تغيير ينضم إلى منظمة ونادي الوزراء عابري الحكومات ،وزراء جدد ،لينضووا تحت راية رئيس الفريق ناصر جودة - قدَّس الله سره – .
وما يجب أن يسمعه رئيس الوزراء ،أن البلد مليئة بالطاقات ،والكفاءات القيادية المبدعة والكفاءة ليست محصورة في الوزراء عابري الحكومات .
فإذا ما كانَ التعديلُ مِنْ أجلِ التعديلِ فهو بذلك يكونُ بلا قيمةٍ ،ولا تنعكسُ فوائدهُ على المواطنِ ،ويبقى الحالُ كما هو ،يسيرُ في الاتجاهِ الخاطِئِ ،بخطواتٍ حثيثةٍ ،لأن كل الحكومات السابقة التي قامت بمعالجة المشاكل ،وعلى رأسها المشكلة الاقتصادية ،قامت بتوظيف نفس الأدوات التي خلقت الأزمة ،ولذلك سيطويها النسيان ،بعد أن تتحول إلى فشل.
وليسمح لي محمود درويش وبشيء من التصرف أن أقول:
أيها المارون في الوزارات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا
أيها المارون بين الوزارات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا