08-10-2016 10:07 AM
بقلم :
صنفان من الناس شوها صورة الدين النقية الصافية وهما : بعض رجال السياسة الذين حاولوا جعل الدين مطية لمأربهم السياسية ، وتجد هذا عبر الفتاوى التي تصدر هنا وهناك لتبرير سلوكهم ومصالحهم السياسية المرتبطة باجتهاد معين ، والصنف الثاني بعض علماء الدين ورجاله الذين سلكوا مسلك تنزيل النصوص الشرعية على الواقع بما يناسب فهمهم الذي يرون ، وتجد ذلك عبر تبريرهم للكثير من المواقف التي تصدر هنا وهناك مما يعزز مواقفهم سواء الدينيه ،أو السياسية، أو افكارهم الاجتماعية ، وكلا الفريقين وقعا في الخطأ بجعل الدين مطية لأهوائهم ومواقفهم الاجتهادية البشرية .
وبالنظر والتحليل المعمق لواقع هذه الفئات من الناس الذين اتخذوا الدين سلما لتبرير مواقفهم وتسويق آرائهم للرأي العام ، فيمكن القول أن السياسة جهد بشري قابل للخطأ والصواب ، والمواقف السياسية سواء من رجال السياسة أو من علماء الدين هي ذات طبيعية بشرية قابلة للخطأ والصواب ، وتنزيه الدين عن الخوض في المسائل الخلافية يصب في المحافظة على صورة الدين ونقائه ، وثوابت الدين اسمى من أن توضع محل نقاش وجدال حتى لا يقال أن الدين هو السبب في الخلافات البشرية .
وبالنظر إلى المشاهد في حياة الناس اليومية يجد أن مسائل الدين قد جعلت مطية لكلا الفريقين في كثير من الاحيان والمواقف ، فرجال السياسة يستدلون بنصوص شرعية لتقوية مواقفهم وتبرير سياساتهم ، وبعض علماء الدين يستدلون بنصوص شرعية على اجتهادهم في مواقفهم الحياتية ، والنص كما هو معلوم عند أهل الاختصاص حمال أوجه يحتمل أكثر من معنى بحسب السياق الذي يرد فيه ، وأصبحت القضية مثار جدل كبير بين الناس صنف العلماء بسببه إلى أصناف ثلاثة : عالم دين يريد بيان الحق ، وعالم سلطة يريد الانتصار لولي أمره ، وعالم فتنة يقحم الدين في كل أمر بحسب هواه .
ويؤيد ما ذهبت إليه من الرأي ما نراه من خلافات وصدامات فكرية وسياسية وفقهية أربكت المشهد الإسلامي ووصلت حد العبث ، وكأن الأمة تعيش حالة الترف الفكري مع حاجتها الماسة إلى لملمة جراحها ، وجمع كلمتها ، ورص صفوفها في وجه التحديات التي تستهدف وجودها وكيانها ودينها ، وكل هذا يتطلب أن نحافظ على نقاء الدين وعظمته بعيدا عن جعله مطية لمصلحة ،أو هوى، أو انتصار لرأي بشري يحتمل الصواب والخطأ .