10-11-2016 11:59 AM
بقلم :
العرب والغرب كلمتان متقاربتان في المبنى مختلفتان في المعنى ،فالفرق بينهما في المبني نقطة يترتب عليها فروق جوهرية يضيق المقام عن بيانها ، وتبدأ هذه الفروق بالفرق من حيث الشكل الخارجي والسحنة لكل منهما ، فالغربي لها سحنته التي تميزه عن غيره من الشعوب ، وللعربي سحنته التي يُعرف بها بين سائر الشعوب .
وهناك فروق تتعلق بالعقلية الغربية والعقلية العربية ، فالعرب ينطلقون من منطلقات ضيقة على مبدأ العربي القائل : أنا واخوي على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب من بني جلدتنا ، أو أسد عليَ وفي الهيجاء نعامة ، بينما الغرب يختلفون في الوسائل ولكنهم يتفقون في الغايات التي تحقق مصالحهم العامة بعيدا عن الحسابات الشخصية .
ولو أخذنا الانتخابات والديمقراطية بين الغرب والعرب لوجدنا أن الانتخابات الغربية تعبر عن إرادة الشعوب الحقيقية ، وعن رغبتهم في اختيار من يمثلهم في الحكم بطريقة تعبر عن تطلعات شعوبهم ، بينما الانتخابات العربية لا تعبر عن إرادة حقيقية بقدر ما هي مظاهر شكلية لتزين المشهد بدليل نتائجها لدى غالبية الشعوب العربية ، ويمكن ملاحظة هذه الفروق عبر نظرة عابرة عن ما يجري في البلدان العربية ، وما يجري في البلدان الغربية .
ومن الفروق التي لا تنكر بين الغرب والعرب في هذا الزمن ، فصورة العربي لدى الغربي تمثل التخلف والرجعية ، وحب المظاهر والشكليات على حساب الجوهر والمضمون ، والعربي يحسن الصراخ ، ولا يحسن الفعل والعمل والانتاج ، بينما الغربي يرسم ويخطط بنظرة تمثل السيطرة والاستعلاء ، فهو المُستعمِرُ الذي فرض شروطه وما زال يفرضها ، والعربي المُستَعْمرُ الذي يتنظر رحمة وشفقة من مستعمِره لحل قضاياه ومشكلاته صغيرها وكبيرها .
إن نقطة واحدة بين كلمتين متشابهتين قد احدثت فروقا جوهرية لا يمكن اختصارها بمسافات زمنية ، أو مساحات جغرافية ، أو مفاوضات ماراثونية ، أو محاولات ثقافية لتقريب وجهات النظر لغايات التعاون والتعايش ، لكن الحقيقة المرة أن المسافات تبتعد بين الغرب والعرب ، ومساحات اللقاء تضيق في زمن العولمة بحكم ما يحدث في الأرض العربية ، فإعلام القرية العالمية قد احدث شرخا عميقا يصعب تجاوزه ، فها هو الغرب الامريكي يكشف عن وجهه في اختيار ترامب ليعبر عن ثقافة غربية تمثل الصورة الحقيقة للغرب مهما حاول بعضهم وبعضنا تجميلها ، فنحن العرب من يخسر الرهان دائما ، فهل نصحو أو نعرف من نحن ؟ أتمنى ذلك .