19-11-2016 09:48 AM
بقلم : ديما الرجبي
هل نجحت الصحف الرسمية في التعاطي مع ملف قضايا المخدرات؟
على الرغم من المتابعة الكثيفة من قِبل الصحف الرسمية والإلكترونية الأردنية بقضايا المخدرات وحرص الجميع على نقل " الخبر، المقال ، الحدث ، السبق الصحفي " الخاص بما يترتب على هذه الآفة السامة من جرائم قتل أو سرقة أو اغتصاب أو سفاح قربى الخ ...
إلا أن دورها لم يبتعد عن كونه " مصدر " معلومة من خلال نشر كل ما يتم الإعلان عنه من قِبل مديرية الأمن العام ومكافحة المخدرات والذين يحرصون كل الحرص على دوام التوعية والتحذير لشبابنا من تعاطي هذه المواد السامة .
وهذا ما يجعل دورها يقتصر على عرض المشكلة وليس حلها ؟!
لماذا لا يكون دور الصحافة فعالاً وشمولياً أكثر من خلال وضع صور حية وتجارب حقيقية بين أيدي القارىء وتوضيح آلية طرق العلاج السرية وسُبل التوجه للمراكز العلاجية وتوضيح بنود القانون التي تفيد بأن المتعاطي الذي يطلب العلاج لا تترتب عليه أي مسائلة قانونية لأن المدمن يشعر دائماً بالخوف والتردد ومجتمعنا تحكمه ثقافة "العيب" التي من شأنها إغراق الشباب في تيههم أكثر .
ولماذا لا يتم تبنيد الحلول وتوجيه المواطنين/ الحكومات للأخذ بها وذلك بعرض تجارب بعض الدول التي إستطاعت القضاء على آفة تصنيع المخدرات وزراعتها والتجارة بها إلى حدٍ ما ومنها نماذج ما زالت الدراسات تعتمدها لبرهان نجاح البرامج العلاجية المحلية ومن السهل جداً الإطلاع عليها ومشاركتها للبحث في سبل تحقيقها، ومثالها ...
جمهورية لاوس نجحت جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية وهي ثالث أكبر منتج للأفيون في العالم بمساعدة من المجتمع الدولي في خفض مساحة الأراضي المزروعة بالأفيون بنسبة 30% وذلك في الفترة من 1998 – 2000 . كما نجحت في تقليص زراعة خشخاش الأفيون في التسعينات بنسبة تقارب 90%.
و لبنان تمكنت لبنان من القضاء بالكامل على زراعة خشاش الأفيون في وادي البقاع.
و الهند ، بفضل الجهود المحلية والمساعدات الدولية استطاعت الهند من تخفيض إنتاجها للأفيون وفي التسعينيات لم تعد الهند المصدر الرئيسي للأفيون بالرغم من أنها ظلت المصدر الأكبر للأفيون للسوق العالمي خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر
وتركيا ،نجحت تركيا في القضاء على إنتاج الأفيون خلال عقد التسعينات، وحل محله إنتاج قش الخشخاش لاستخدامه في صناعة الأدوية.
وقد استمرت الجهود الدولية والمحلية تثمر في محاولات القضاء على إنتاج المواد المخدرة فقد تلاشى تقريباً إنتاج الأفيون في غواتيمالا، وأوقف إنتاج الحشيش في مصر وإيران منذ فترة بعيدة.
فالمعضلة اليوم ليست مقتصرة على التعاطي فقط بل الأخطر هو صناعة هذه السموم الصناعية ، فقد يكون جارك/صديقك/أخاك ...الخ
يصنعه في مطبخه دون علمك بهدف الربح المادي الذي يبحث عنه شبابنا المتعطلين والعاطلين عن العمل ؟!
كما أن دور الصحافة لا يقتصر على التوعية فقط بل يجب أن يحمل رأي الصحيفة ، فلماذا لا يجتهد رؤساء التحرير بعمل برنامج أسبوعي يجتمع على محاربة هذه الآفة ويختلف في وسائل محاربتها ، فمن الممكن أن يقترح أحدهم مثلاً أن يتم تكوين فريق من الشباب الذين استيقظوا من غفلتهم وتعافوا من سموم أجسادهم وعقولهم ليكونوا مدفعاً بوجه صناع المخدرات ومنقذاً يأخذ بأيدي الشباب المنغمس في السموم ، وهم الأقدر على خلق لغة حوار ومعرفة مواطن الخوف والجرأة عند المتعاطين والأقرب لنفسياتهم منا جميعاً ، وبهذا نحقق ربحاً مشتركاً للجميع فالدعم المعنوي للمتعالجين من الإدمان وإعطائهم فرصة القيادة سيضمن عدم عودتهم إلى ميادين الضياع من جديد ، ولأننا نعلم بأن معظم المتعاطين يلقون اللوم على تربية الأسرة والعنف الأسري لماذا لا يتم فتح نافذة صحفية للمواطنين للإستماع إلى آلامهم ؟ من خلال الحديث عن مشاكلهم وكتابتها ؟!!
للتخفيف من حدة الإحتقان النفسي " المُسبب" للتعاطي مثلاً ؟
وبما أن الأردن اليوم يواجه تحدي احتواء " انتشار المخدرات" فأعتقد بأن التوعية لا تقتصر على شرح أن المخدرات عبارة عن مواد مسكنة أو كيميائيّة أو منوّمة تسبب الإدمان للفرد وغياب وعيه خارج نطاق الاستخدامات الطبيّة، وتؤدي إلى تسميم الجهاز العصبي الخاص به وتضره من الناحية الجسمانية والاجتماعية والنفسية ، فجميعنا نعلم ذلك، بل يجب أن يتم بناء خطةً لمحاربة هذه الآفة التي قد تصل إلى عقر دار أي منا سلمنا واياكم الله ، فأنا على يقين بأن شبابنا يقرأ ويفهم ويُدرك إذا وضعتم يدكم على الجرح .. وأعتقد بأن الصحافة الأردنية لم تتعاطى إلى هذه اللحظة مع هذه القضية بنجاح .
والله المُستعان