01-12-2016 10:32 AM
بقلم : المحامي معتصم احمد بن طريف
ان صناع القرار السياسي في وطني مما يتوجب عليهم عمله ، ان يضعون مصلحة الوطن والمواطن في اولوية مهامهم ، والعمل على البحث عن الحلول للمشاكل التي تواجه الوطن في جميع مفاصله ، وهذا ما يمليه عليه ضمائرهم وواجباهم امام الله وأمام شعوبهم وهذا ما هو مأمول منهم ، ومن المشاكل التي تواجه وطننا مؤخرا مشكلة اللاجئين في المملكة الاردنية الهاشمية ، هذا اللجوء المتزايد اصبح مقلقا للمملكة وأصبح يستنزف جزء ليس بالسهل من الموازنة العامة للمملكة والتي هي في الاصل المنهكة والمستنزفة .
اصبح الاردن ثاني اكبر دولة في العالم من حيث استضافة اللاجئين مقارنة بعدد السكان وما يشكله ذلك من ضغط على الخدمات العامة وزيادة المنافسة على المساكن وفرص العمل .
ان الأردن ليس من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، وإنما هناك مذكرة لتفاهم موقعة عام 1998 بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR)والحكومة الأردنية وتركز على الخطوط العريضة للمبادئ الرئيسية للحماية الدولية ، بما في ذلك تعريف اللاجئ ، ومبدأ عدم الإعادة القسرية . وهي تحدد أن طلبات اللجوء تبقى معلقة في الأردن لتحديد وضع اللاجئين ، ويسمح للاجئين ولاية إقامة أقصاها ستة أشهر بعد الاعتراف ، وخلال هذه الفترة يجب البحث عن حل ، مما يترتب على المفوضية أن تبحث لطالبي اللجوء على دول تقبل استضافتهم .
وتتنوع الأسباب التي تدفع الدول للامتناع عن الانضمام إلى الاتفاقية أو إلى بروتوكولها ، لكنَّ عدم انضمام الدولة للاتفاقية تؤثر في المحصلة الأخيرة على عدة أشياء منها على سبيل المثال قدرة مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين على العمل مع الدولة المعنية وفيها بل يؤثر ذلك على مسؤولية الدولة بشأن التزامها بالمعايير الإنسانية الدولية .
وفي تقرير صحفي نشرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، أن الأردن أصبح يحتضن حوالي (44) جنسية جميعهم من اللاجئين من أبرزهم(600) ألف لاجئ من الجنسية السورية و(400) ألف لاجئ من الجنسية العراقية اضافة الى (3000) لاجئ من الجنسية السودانية و(500) من الجنسية الصومالية . وكشف التقرير النقاب عن وجود عدد من طالبي اللجوء من الصومال وإثيوبيا واليمن جميعهم يقيمون حاليا في المملكة. وبعضهم يقيم بشكل مخالف للقانون.
وبالاستناد الى احصائيات وكالة الغوث الأونروا (UNRWA ) تحتل المملكة المرتبة الاولى في ترتيب الدول المستضيفة للجوء الفلسطيني والمسجلين في سجلات الوكالة ، وهم حوالي (272.473) موزعين على المخيمات التي تعترف فيها وكالة الغوث الدولية في الاردن والبالغ عددها 10 مخيمات رسمية. وأشارت الى ان الاردن يستضيف على اراضيه نحو 22 الف لاجئة متزوجة من غير لاجئ ، وحوالي 140 الف لاجئ أصلهم من قطاع غزة ، وهم يحملون جوازات سفر أردنية مؤقتة ويتمتع كافة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بالمواطنة الأردنية الكاملة .
اردت ان أوضح هذه الارقام لأعداد اللاجئين وهي ارقام قابلة لزيادة او النقصان وذلك حسب الظروف المحيطة بالمملكة هؤلاء اللاجئون يحتجون الى خدمة وإدارة لشؤونهم في الدول المستضيفة و اصبح هذا اللجوء يفرض على الدول المستضيفة اعباء اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية وتعليمية وصحية تتولها حكومات الدول المستضيفة من خلال وزارتها المعنية بالشؤون الخدمية السابقة ، هذه الخدمات المقدمة تؤدي الى تداخل عمل هذه الوزارات وتشتيت الجهود بين هذه الوزارات وضعف التنسيق بينها وبين المنظمات الدولية المعنية في امر اللاجئين مثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ووكالة الغوث الأونروا (UNRWA ) والمنظمات الدولية المتخصصة مثل :الشؤون الصحية والغذائية والاجتماعية والبيئية والتعليمية وغيرها من الامور الحياة.
ونظرا لوجود هذه الاعداد الكبيرة من اللاجئين على ارض المملكة وما تمر به المملكة من ظرف استثنائي ارى ومن - وجهة نظري المتواضعة - وجود وزارة استثنائية ( مؤقتة ) تسمى( وزارة شؤون اللاجئين في المملكة الاردنية الهاشمية) لإدارة ملف اللاجئين ويكون من واجبات هذه الوزارة العمل على ادارة ملف شؤون اللاجئين ،القيام بالتنسيق مع المنظمات الدولية - سالفة الذكر -للقيام بواجباتها تجاه المملكة ، وتقديم سجلات مالية عن تكلفة استضافة هذه الاعداد من اللاجئون الى الدول المانحة والأمم المتحدة والمنظمات المختصة بهذا الواجب ، تنسيق عمل الوزارات العاملة على خدمة اللاجئين في الدولة المستضيفة ، او بالاستعاضة عن هذه الوزارات بالمنظمات المختصة للقيام بهذا الواجب مثل منظمة الصحة العالمية القيام بواجب الخدمة الصحية بدلا من وزارة الصحة في الدولة المستضيفة وقس عليها التعليم والبيئة والخدمات الاجتماعية والزراعية وغيرها من الخدمات الاخرى المقدمة للاجئون ، القيام بالعمل على تطبيق التعليمات الدولية الخاصة باللاجئين ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية المبرمة مع المملكة في هذا الجانب ومع هذه المنظمات الدولية ووضعها امام التزاماتها الدولية ، تمثيل المملكة امام الدول الخارجية والمنظمات الدولية العاملة في مجال الاغاثة واللاجئين ، التنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية على دخول اللاجئون وتوزيعهم على المخيمات وحسب استيعابها ،وآي واجبات يمكن ان يتم توكيلها لهذه الوزارة من قبل الحكومة في حال تشكيلها .
ان المملكة الاردنية مليئة بالكفأت القادرة على القيام بهذا الواجبات الموكلة للوزارة في حال انشائها معتمدة على ما يملكه العديد من الشباب الاردني المبدع الذين اثبتوا موجودية دولية مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية في معظم دول العالم وساهموا في تضميد الجراح في كل الدول التي تعرضت الى هزات دولية مثل ( البوسنة /افغانستان / هايتي / ساحل العاج / غزة /كرواتيا / سيراليون / اريتريا / العراق / لبنان / وغيرها الكثير من الدول ) ولا زالوا يقدمون المساعدات والخبرات في هذه المجالات .
اخيرا ان ملف اللاجئين اذا ما تم ادارته واستغلاله بشكل جيد ومن خلال وزارة مختصة بهذا الشأن تضع دول العالم امام استحقاقاتها بخصوص اللاجئين فانه سيكون له اثر فعال في تخفيف وطأة هذا الملف المقلق على الموازنة العامة للدولة .