07-12-2016 09:55 AM
بقلم : علاء فيصل القصراوي
بعد التعديل الوزاري الذي ساعد في تحصين إدارة ديوان المحاسبة بفرض ولاية مجلس النواب على رئاسته بإعتباره ذراعاً رقابياً للمجلس على أعمال الحكومة في المحافظة على المال العام ومكافحة الفساد سيما المالي والإداري، جرت العادة أن يقدم ديوان المحاسبة سنوياً تقريراً إلى مجلسي الأعيان والنواب سنداً للدستور، وذلك في بداية كل دورة عادية.
جاء التقرير بمجلد مكون من 542 صفحة تزخر بمئات الملاحظات والتجاوزات والمخالفات (تخالف القانون - حاميها حراميها - والدستور) وأشار إلى العديد من القضايا التي تتطلب إيداع من يثبت إيدانتهم قضائياً في غياهب السجون !
سُرّبت إلى وسائل الإعلام غيض من فيض، مما يحتويه التقرير، وكالعادة ما يتسرب يتعلق بالموظفين وبسوء الإدارة لديهم وبعض المخالفات التي تصدر عنهم، ولم نسمع عن مخالفات الحيتان وأصحاب السعادة والمعالي (بشكل مباشر) الذين يستغلون المال العام، الذين تضخمت تجاوزاتهم بحجم الأموال التي سلبوها بإستغلال نفوذهم، والتي تسللت خارج الوطن لتحفل بإحتضانها بنوك سويسرا ومثيلاتها من مصارف الأثرياء، الذين بنوا ثرواتهم على إستغلال مناصبهم ونفوذهم بدون وجه حق !
ينادي رئيس الوزراء (كما نادى في السابق من قبله) وفي كل محفل بضبط الإنفاق وترشيد الإستهلاك، وديوان المحاسبة للإنصاف يعمل بإستقلالية ونزاهة وشفافية وحيادية (قدر الإمكان)، ولا يألو جهداً من خلال مخرجاته الرقابية من وضع اليد على الجرح، وتقديم توصيات إجرائية، من خلال الوحدات الرقابية الداخلية، واتخاذ إجراءات وقائية للحفاظ على المال العام.
يتطلع الشارع الأردني من حكومته الجديدة النهوض بالاقتصاد الوطني وتحسين المستوى المعيشي للمواطن، ومن خلال تقرير ديوان المحاسبة 64 لعام 2015 يقع على الحكومة حِملٌ كبير في وقف هذا الإستهتار بالمال العام والوطن، وخاصة أن الأردن يَمُر بمرحلة صعبة للغاية يعاني فيها الإقتصاد الأردني الكثير من المتاعب.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لم يتم تصويب كثير من المخالفات التي لا زالت قائمة والتي تُرحّل من تقرير لتقرير كل عام ؟ لماذا لم يتم مقاضاة ومحاسبة الموظفين والمنتفعين بالتلاعب والتحايل على القانون والتعليمات الصادرة عن رئاسة الوزراء ؟ لماذا لا زالت الواسطة والمحسوبية والمنفعية متغلغلة وبائنة بينونة كبرى في أردننا ؟
تقرير ديوان المحاسبة لعام 2015 وضع مجلس النواب الثامن عشر في مواجهة حقيقية مع رئاسة الحكومة ليثبت مقدرته على تحقيق تلك الشعارات الرنّانة التي نادى بها النواب لتحقيق العدالة للمواطن وإستئصال ذلك السرطان الذي يتغلغل في القطاع الحكومي !