07-12-2016 09:57 AM
بقلم : أحمد محمود سعيد
اسبوع مضى لم يكن هناك لا غالب ولا مغلوب في معركة حلب التي كانت اجمل جميلات الشمال السوري منذ سنين خلت ولكن اليوم وبعد ان شنّت قوات النظام يدعمها الطيران الحربي الروسي ضدّ قوات المعارضة واهمها قوات النصرة التي غيّرت اسمها الى فتح الشام فقد مالت كفّة الميزان لجهة سوريا وروسيا بعد ان استعادت اكثر من نصف اراضي شرق حلب وجالت باصات النظام وقوّاته مستعرضة اتصاراتها بحيث لم يتبقّى مقابر كفاية لدفن الجثث فيها وكانت المناظر اكثر ايلاما حيث ان مناطق من حلب الشرقيّة سوِّيت بالأرض ولم يعد لها قائمة .
وعلى المستوى السياسي استخدمت كل من روسيا والصين حقّ النقض الفيتو في مجلس الأمن لإسقاط قرار دولي لتطبيق هدنة في شرق حلب لمدّة اسبوع قابلة للتمديد .
وبات مئات القتلى معلّقة في رقاب النظام السوري والروسي والصيني ولا ننسى مسؤوليّة كل من الأمريكان وقوات المعارضة والأكراد ودول ومنظّمات اخرى فالكلُّ شركاء في الجريمة ولعلّ النقمة حلّت على حلب بسبب ان قلوبا من مختلف الديانات قد عاشت اجمل ايّامهم متآخين متحابّين متعاونين لا يفرِّقهم دين ولا تباعد بينهم عادات وانما يجمعهم السوق الزراعي التجاري بالمحافظة ويلمُّهم نهر قويق العظيم على سواحله في محطة بغداد وشارع التلل والحديقة العامة وغيرها من المناطق المعروفة مثل القلعة والمسلميّة والنيرب وهنانو وساحة سعدالله الجابري وفندق البارون والفندق السياحي والأنصاري والجابريِّه والمسرح الوطني في السليمانيّة وغيرها الكثير من اماكن لا يمكن نسيانها واهلها الطيِّبين من مختلف الديانات والمذاهب والطوائف والقوميّات فمنهم الأرمن والسريان والسنّة والشيعة واللبنانيّين والأتراك والأكراد والعلويِّين والدروز والآشوريّون والمارونيّين والفلسطينيّين .
والأبواب فيها كثيرة ومنها باب الله وباب الحديد وباب الفرج وباب النيرب وطريق الباب وغيرها من ابواب وهناك الكثير من البساتين و الحدائق ومنها بستان كل آب وبستان الباشا والسبيل والحديقة العامّة وغيرها من اماكن كانت تسرُّ الناظر اليها وتشرح فؤاد الذي يسكنها وتريح نفس الزائر لها ولكن جرحها الآن يدمي قلب كل سامع لأخبارها ويجمِّد الدمع في مآقي كل من يرى مناظر اهلها الموجوعين والمفجوعين بفقدان أحبّة لهم أو من هدمت بيوتهم وتقطّعت ارزاقهم ولمن يشكون هؤلاء هل لنظام دمّرهم ام لغازي جاء من ابرد بلاد الله ليقتلهم بدم بارد ام لدول عُظمى متغطرسة بعنادهم وغيِّهم لتآمرهم على سوريا واهلها ام لمن وعدوهم بالحريّة ولم ينجحوا بإدارة المعركة ولم يكونوا اهلا لها ام لغيرهم ممّن لا تُغني ولا تسمن الشكوى لهم من جوع , ولكن عليهم فقط الشكوى لله الواحد الأحد وهو الحيُّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم .
قال تعالى ﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ صدق الله العظيم
لذلك من يعتقد انه ينتصر على شعبه فسيلقى الخزي امام الله ومن يستنجد بالأجنبي على شعبه ومن يمدُّ يده للأجنبي وبئس العذاب لذلك فإن من شارك في معركة حلب شرقيُّها وغربيُّها تسليحا وتمويلا وتغريرا وقتالا وإعلاما وتهويلا وغيرهم هم من المجرمينّ واغلبهم في نار جهنّم والله اعلم ,والمتضرِّر الوحيد هو الشعب السوري الذي صمد خائفا في بلده او شرد مفزوعا عن وطنه او بات مذلولا في خيمة لجوء في دولة خارج حدود وطنه والذي دُمِّر هو الوطن السوري بكل مقدّراته .
وكلّ ما حصل في سوريا وقبله وما زال يحصل في العراق وليبيا و اليمن وغيره دَيْن في اعناقنا ليوم الدين إن كنّا سكتنا ايام ما كان يلزم الكلام وإن كنّا نمنا في الليالي التي كان يجب ان نصحوا جيّدا وايام تجمّدنا خوفا وكان حريّا بنا ان نتحرك بكل قوّة وايام ما خفنا على انفسنا واطفالنا ايام كان يجب ان تملأ الشجاعة قلوبنا كل ذلك يجب ان يكون عندنا جواب عندما نُسأل عنه امام رحمن رحيم لكي نستطيع ان نعتق رقابنا من ذلك الدين وإلاّ سيكون حسابنا عسيرا والله اعلم وارحم.
لك الله ياحلب بلد الجمال والرخاء ونسأله حسن الختام ورحمة الرحمن .
ambanr@hotmail.com