15-12-2016 09:12 AM
بقلم : د . عيد ابورمان
اعتقد أن من ذهب إلى الأمام كثيراً سوف يكون صعباً عليه العودة إلى الوراء ولو قليلاً .. وبصدق "الكثيرون لن يعودوا إلا زائرين وسوف يتمسكون بالاردن ..
لكن ما الذي يجعل المرء يستغني عن بلده وذكرياته وأهله مقابل مجموعة من الامتيازات والإغراءات..؟!، ألهذا الحد الوطن رخيص..؟!، أم أن حجم الأهوال التي عايشها السوري، تركت عنده حالة من ضعف الانتماء وعدم الثقة بمستقبل بلده..؟!
ونحن الشعب الاردني الى متى سنتحمل العبء المالي دون مساعدات دولية , واغلب المساعدات التي تأتي لا نعرف اين تصرف ومن يستفيد منها وكل سنة تزيد الاعباء علينا وتزيد المديونية ووصلت الان الى اكثر من 36 مليار دولار .. ولا نستطيع ان ندفع الفائد المترتبه عليها . وصدقا الشعب السوري في الاردن يعيش افضل من الاردني نفسه والى متى .. وهل اصبحنا اقليه اردنية في الاردن ومن يدفع الثمن سوى المواطن الاردني , والدولة توفر 50 الف وظيفة للسوريين ولا تستطيع ان توفر 8 الاف وظيفة لأبنائها الاردنيين ..
سيبقى ابنائنا يتسكعون بالشوارع , ومنهم سيلجأ الى السرقة وترويج المخدرات من اجل كسب بعض النقود لتسيير وضعه الاقتصادي , وبدون مبالغة وضعنا الاقتصادي خطير جدا , والوضع الاجتماعي خطير جدا , حيت اصبح هناك خلل واضح في المجتمع الاردني , حيث العنوسة تشكل رقما كبيرا لا استطيع ان أقوله , وبطالة متفشية وزاد العدد عن 400 الف , وما زالت الحكومة الاردنية تتلاعب بنا عن طريق الإعلام وبالواقع لا جديد طرأ على حالتنا الاقتصادية , والشعب الاردني يعرف طريقه المختصر للبنوك ,.
لا ولن تستوعب حكومتنا بأننا نحب بلدنا ونفديه بدمائنا , وقارن رواتب العسكريين والأجهزة الأمنية والذين يحمون من ينامون على السجاد العجمي ويتغذون الكافيار وينامون ليلهم طويلا ويغرفون بأن هناك رجال يحموهم وهم في بيوتهم , وهؤلاء رواتبهم عشرات الأضعاف ,, فأين العدالة الاجتماعية واكثرهم فاسدين ولن القانون يحميهم ..
وماذا عن عودة السوريون الى بلدهم والاحوال في اكثرية المحافظات السورية بخير ما عدا الشمال ,, فما المانع من عودتهم ونحن لم نقصر بحقهم وكانت ضيافتهم خمس5 نجوم بالنسبة للاجئين ,
وماذا عن المحلات التجارية والتي اصبحت ملك لهم وهل هذه اشارة بأنهم باقون دون مغادرة ويجب علينا ان نفكر ملياص بشعبنا الاردني والذي فيه 43 جنسية من اللاجئين والشمس لا تغطى بغربال
وبنفس الاتجاه، أرى أن العودة إلى البلد إذا ما استقرت الأمور فيها، سوف تكون صعبة على الكثيرين، بالمقارنة مع نضج الحياة في الاردن وسهولتها ورقيها ودخولهم اعلى مما كانو عليه ، لكن أعتقد أن من يقولون بعدم عودتهم إلا زائرين ، إنما هو ردة فعل على الأوضاع الصعبة التي لا تزال تعيشها البلد وأخبار الموت والدمار اليومي الذي يتابعونه، وانا أرى أنه عندما تهدأ الأوضاع هناك وتعود المياه لمجاريها، سوف تجد الكثيرين، يحزمون أمتعتهم ويعودون وحتى دون تفكير أو مقارنة ولكن للأسف بأعداد قليلة جداً.
المقيم في الاردن منذ نحو خمسة اعوام ، فإن الكثيرين سوف يحاولون الحصول على الجنسية الاردنية هذا اذا ما حصلوا للان من تحت الطاولة ، وهو أمر جيد سوف يتيح عودتهم بسهولة، ولكن من لم يستطع الحصول عليها أبداً.. فهل هذا يعني أنه سيقيم هنا باقي حياته ويموت هنا.. ؟!،
"أعتقد أن امتيازات الحياة هنا كافية لكي يستغني المرء عن بلده ووطنه والأمر كله متوقف على شكل سوريا في المستقبل وما ستكون عليه إذا ما توقفت الحرب هناك".
المقيم في الاردن أن هناك عدة اعتبارات عند الحديث عن عودة السوريين إلى بلدهم، إذا ما انتهت الحرب.. أولها، هو طول فترة الأزمة، فكلما زادت سنوات الإقامة في الاردن فهذا يعني أن جيلاً من الأبناء قد ترعرع هنا وتعود على ثقافته ولغته وحضارته، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يجبر ابنه عندما يكبر في الاردن أن يعود إلى سوريا ، الأمر سوف يكون رهن قناعة هذا الابن وتجربته.. "كثيراً ما أحاور جيراني من العمر 14 عاماً في هذا الأمر وهي جارتي .. وهي تقول لي ، لن أعود لأن الحياة في سوريا كئيبة وفيها الكثير من الحرمان والقسوة بالنسبة للطفل".. لكن من جهة ثانية، يرى أن هذا الكلام لا يمكن البناء عليه كثيراً، لأن اللبنانيين الذين هاجروا إلى الغرب واستقروا به لأكثر من 20 عاماً، أغلبهم عاد إلى بلده عندما هدأت الأوضاع، بما في ذلك جيل الأبناء.. والأمر كله متوقف حسب قولها، بتحسن أوضاع السوريين المقيمين في أالاردن، مادياً.. وبتحسن وضع البلد.. وتضيف: "عندما يكون لدى الإنسان قوة مالية، فهو لا يفكر كثيراً، بطبيعة البلد الذي يعيش فيه، لأنه يستطيع أن يعيش حياته في بلده وكأنه في أرقى دول العالم".
إن الإنسان في سوريا كان يضيع ثلاثة أرباع عمره وطاقته وكرامته، في تفاصيل الحياة اليومية التافهة.. فهو دائم اللهاث وراء جرة الغاز وربطة الخبز وفاتورة الكهرباء والمياه وتنكة الزيت وبرميل المازوت .. الخ، وأهم إنجاز يمكن أن يحققه هو بناء منزل أو شرائه ، والذي قد يستغرق منه أكثر من نصف عمره وقد لا يستطيع الحصول عليه.. والمضحك المبكي ، أن السوري عندما كان يريد بناء منزل، فإنه كان يدفع في أساساته التي تحت الأرض ما يعادل تكلفة منزل جديد، وكأن المنزل سوف يطير أو يهرب ، بينما عندنا في الاردن ، اكتشفو أن جميع هذه الأشياء هي من أساسيات الحياة اليومية التي يحق لأي إنسان الحصول عليها مباشرة، ولا تشغل باله على الإطلاق، وبالتالي، الإنسان هنا، يمكن أن يتفرغ لما هو أهم في حياته، كتطوير عمله ومتابعة مستقبل أولاده..