حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 21481

الحكمة في حمى الايمان

الحكمة في حمى الايمان

الحكمة في حمى الايمان

26-12-2016 03:25 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. زيد سعد ابو جسار
(رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ )............

الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان للعبادة (بكل معانيها من توحيد وإخلاص وأركان إسلامها والإيمان إلى الإحسان فيها) والحكمة منها إصلاح البشرية من تزكية نفوسها وعقولها لتتزكا القلوب , للتمكن من العيش بسلام وأمان فالإنسان وأعماله وماله وصحته ونجاحه وسعادته ورضاه مرتبطة بحكمة الله تعالى في الدين كما هو الكون المستسلم لإرادة الخالق,مما يعني شمولية الدين لكل أمور الحياة على منهج الحكمة من العبادة ,حيث تطوع كل الأعمال والأقوال وتضبطها على نية القلوب لمقاصد الخير للبشرية ,ولست على حديث النفس في رغبات هواها, وهذا يعني ضرورة الإيمان في حياة البشر, لهذا فقد قرن العمل الصالح مع الإيمان ,من هنا يأتي تقديس علم الدين عن كل علم موضعي لشمولية الدين , فقد علم الإنسان معرفة تركيبة كيانه وذكر كل جزء منها عند الإنسان لمعرفة دور كلا منها لتصبح جميعها ضمن ضوابط العلوم الإيمانية لحياة الإنسان المؤمن ........

الله سبحانه وتعالى بكتابه الكريم يخاطب العقل البشري بالتعقل ونهي النفس عن الهوى وتطهير القلوب مكان الإيمان ونظر الرحمن وفهم الحكمة والعمل بها من دافع قوة الشعور لعظمة أهميتها ,وذلك من خلال كتابه المنظور في الكون وفي الأنفس, وبالنظر والاتعاظ من أثار الأقوام السالفة ,وزوالها لسفاهتها في ظل الكفر والنفاق لغياب العقول وحب النفس وموت القلوب, (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)فالعلم لمخاطبة العقل والشعور لمخاطبة القلوب ..............

إن حياتنا مليئة بالإعمال والعلاقات والمعاملات ,وصلاح جميعها لا يكون إلى من خلال تزكي الإنسان بالإيمان ليتمكن من بلوغ حكمة العبادات ,وذلك من خلال إحياء الشعور الإنساني ومنبعه من القلوب المبصرة بالإيمان ,فالإيمان يحارب حب أنانية النفس, ويشترط على تقاسم الحب بالإخاء مع الآخرين ويشترط بمشاركة الشعور مع الآخرين في السراء والضراء, لحفظ عزة وكرامة الإنسان وصون الإعراض ,وان شعور الرحمة لا يدركها إلى القلب المؤمن التي تقوم عليها الحياة الزوجية وعلاقة الآباء والأبناء مع بعضها البعض ,كما انه يحفظ الحقوق بالأمانة والصدق ويمنع الغش والنميمة ,ويأمر بتعليم العقل وتربية النفس ومحاسبتها بالنهي وبالقصاص منها (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179), وما كل ذلك إلى( غيض من فيض )فالحياة كلها مبنية على الحكمة من العبادة ولا يفقهها إلى من دخل حمى الإيمان بالإيمان الصادق......
لهذا فان المعرفة لا قيمة لها وتضيع عند غياب الحكمة منها والحكمة لا تكون إلى حق,وكذلك معرفة وتلقين الحكمة لا يكون لها أي قيمة ((رغم انبهار العقول والقلوب منها لأنها متأصلة في الفطرة الكامنة عند كل إنسان ,كما هي الفطرة الظاهرة في الكون))عند غياب حياة القلوب من قلة الإيمان,لهذا فان جميع فلاسفة الغرب عندما تكلموا عن الحكمة من المعرفة توصلوا لمحيط دائرة الإيمان ونطقوا بالحكمة (مما ابهر العقول والقلوب لفطرتها ) إلا أنهم حرموا فضائل العمل بها وضللوا عنها ليصبح مفهوم الفلسفة العظيم أي الحكمة هي مجرد التلاعب بالكلمات ( التفلسف بها)(وفسر الماء بالماء) لان للحكمة شيفرة إيمانية من الحب والتواضع والقناعة والاستسلام ,تدركها القلوب الحية بالإيمان وعلاماتها وجود الشعور ........
إن معانات الإنسان والبشرية في هذا الزمن, ناتجة عن أمراض السفاهة وما ينتج عنها من انحلال وفساد ,وغياب الشعور بهذه المعانات ,هي من حكمة الله تعالى لمن كفر بنعمة الدين واستغنى عنه, ولمن يدًعون الدين (المنافقون )يعانون من سفاهة الكفار عليهم فالمستهتر وخائن العهد والأمانة لا يؤمن جانبه يفضحه مرض القلوب بخوفها, ومرض الأنفس بازدواجية الشخصية , شخصية هزلية هلوسية مائعة منبوذة ومن كل أمراض غياب العقل....
بشرية مريضة من نهج حياتها لا يعالجها كل العلاجات والقوانين الوضعية, إنما يعالجها ويحكمها حكمة الإيمان الصادق الذي تدركه القلوب التي تزكي الإنسان بشعور قوة عزة الله تعالى وبكرامة دينه, فكتاب الله تعالى يشرح الصدور ويمنح القوة والشفاء والاطمئنانية للمؤمنين ,كما يمنح الضلالة وما ينتج عن هوى النفس لعناد الكفر والإصرار عليه, من معاداة وكره الكتاب والرسول(حكمة ربط الإيمان بحب الرسول على حب المال و النفس وكل مولود وولد ), ليزيدهم بعدا عن فهمه وفضائله.......
إن حكمة الله تعالى من الإيمان ودوره في امن وأمان حياة البشر على الأرض ,تفسر الحكمة من الواقع الرديء الذي تعيشه البشرية ,و يثبت أن دين الله هو الحق ولا غنى عنه ,وان النفس البشرية عندما تحارب الله ودينه إنما تحارب ذاتها وتدمر حياتها بسفاهة النفس , نتيجة عناد تعمد جهل العقل وضلال القلوب بنية المكر, لتتحقق حكمة المكر عليهم من خير الماكرين ,ما داموا في دائرة السوء من معتقداتهم الخاطئة وأفعالهم الجاهلة إذ يحققون حكمة الجزاء من جنس العمل ففي الاعتقاد جزاء الذل إذ يعبد الإنسان قردا أو صنما يأتيه زحفا من مكان بعيد, ونفس الحال مع الأعمال التي تجرح الشعور وتضر البدن جزائها الاهانة رغم وجود العقل لكن العقل لا يعقل إلا بالإيمان, إن سلامة العقل والنفس والقلب هي من نعم الإسلام علينا ,وان فهم الحكمة من نعم الإيمان ,والنعم تتحقق بالإيمان وتدوم بالشكر والدعاء(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على رسول الهدى ومعلم الكتاب والحكمة .......
د.زيد سعد أبو جسار








طباعة
  • المشاهدات: 21481
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم