26-12-2016 04:34 PM
بقلم : د. عادل محمد القطاونة
تفجير انتحاري وآخر تدميري، مسدسات واصابات، اعتقالات ومواجهات، تدخلات سريعة وأخرى ركيكة، انفعالات واجتهادات، تساؤلات وانتقادات، تصريحات ومؤتمرات، وفي خضم كل هذا وذاك يدنو الفكر الارهابي من تحقيق أهدافه كاملة تارة ويدنو منها تارة أخرى ويحيد عنها بين الحين والآخر !!
بين مفكر ومدبر، مستقرئ ومستبصر لما يجري هنا وهناك بات الارهاب موضوعاً مرعباً على حكومات الدول، حملاً ثقيلاً على موازناتها فالدول باتت تخصــص أكثر من ربــع موازنتها للأمن والدفاع على حساب التطوير والتنــمية، وبات التسلح العســكري حقيقة لا طواعية، وبات جــهاز المخابــرات مرهقاً أكثر من اي وقت سبق فالإرهاب طور من عقــله الباطني ومضمونه الفكري في الســنوات العشــر الاخيرة واضحى أكثر جرأة في التنفيذ، أكثر اتزاناً في التعامـــل مع الحكومات واجهزتها الامنية، أكثر تقنياً ومعرفياً واستخباراتياً.
في دراسة غير منشورة لحقيقة الارهاب العالمي بينت الدراسة ان ما نسبته 60% من المواطنين لا يدركون حقيقة الارهاب، ومن يقف وراء العمليات الارهابية !! كما اشارت هذه الدراسة الى أن نسب ثقة المواطنين في التصدي للعمليات الارهابية من قبل الجهات الأمنية في تدني مستمر، وفي مقابل ذلك أصر اغلب المواطنين على ثقتهم في الاجهزة الامنية في التصدي للعمليات الارهابية. وفي ما هو منطقي وواقعي، وهوائي وعشوائي يتساءل الكثيرون عن حقيقة الارهاب؟ وما هي اهدافه؟ ومن يقف على تمويله؟ وما هي ماهية تنظيمه؟ والى اين تقف طموحاته وحدوده؟ وما هي اشكاله؟ وما هي وادواته؟ ومن هم عناصره؟ ما هي تقنياته التكنولوجية؟ ومن يدير عملياته الاستخباراتية والمعلوماتية؟
في خضم معمعة من الافكار وتناقضات في الاخبار، بات الارهاب حقيقة وبات التصدي له ضرورة عبر تفكير استراتيجي لا ينتظر الازمات ليديرها كما هو الحال في بعض الازمات الاقتصادية او السياسية التي اطاحت في بعض الاسواق او الدول نتيجة انتظار الحدث لإدارة الحدث!
ان نظاماً استخباراتياً وأمنياً محنكاً، نظاماً يحكم السيطرة على المعلومات الواردة والصادرة عبر اجهزة الدولة المختلفة، نظاماً يحاكي التطرف ويدرك ادواته وافكاره، نظاماً يفهم الماضي ويقرأ الواقع ويســتقرئ المســتقبل، نظاماً يعمل على اسـتشــعار الوطن سياسياً، اقتصادياً، معيشياَ، ثقافياً، علمياً وأمنياً.
ان تحقيق التكامل الشامل في ادارة ملفات الدولة بات مطلباً حيوياً عبر حكومات قادرة وقيادات واعدة قادرة على احداث الفرق اقتصادياً، سياسياً، ثقافياً وأمنياً، فالفقر والبطالة، التعليم والعدالة، كانت ولا زالت احد اهم الاسباب المؤدية لانضمام البعض للفكر الارهابي، فالإرهابيون ليسوا من كوكب آخر فهم ابناء وطن قادهم الشعور بالظلم تارة، وقادهم العلم الديني تارة أخرى وبين ظلم وظلام يصبح العقل مسيراً لا مخيراً !!
أخيراً وليس آخراً فان ادارة الازمات السياسي منها والاقتصادي لا يكون بالفعل وردة الفعل، فالنخوة والفزعة وغيرها من قيم الاخلاق الحميدة ليست كفيلة في تحقيق النمو الاقتصادي فكيف لها أن تحقق المطلوب في الملف الأمني ! فشتان ما بين تشخيص المرض وعلاجه بالدواء المناسب أو انتظار المرض وعلاجه عبر المسكنات !
ان مقاومة الارهاب والقضاء عليه تكون من خلال معالجة الخلل في الملفات الاقتصادية، واعادة النظر في الملفات التعليمية، واعادة الاتزان الى المنظومة الاجتماعية، عبر تعزيز الفكر الثقافي والديني الهادف، عبر اعادة هيكلة الوظائف ومسمياتها، والمناصب واشخاصها استناداً الى الكفاءة والعلم والدراية، عبر قواعد بيانات عملاقة تحاكي المؤسسات والحكومات وعناصرها، انتقالاً الى الشوارع والطرقات والمساكن وتفصيلاتها وصولاً الى القرى والمحافظات وابعادها، عبر سياسة الترغيب في العمل العام وتعزيز المواطنة، عبر مكافحة وتجفيف بؤر الفساد ومعالجة نقاط الخلل العام والخاص. عبر تحقيق العلامة الفارقة في الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات وتحقيق الكفاءة والفعالية في ادارة ملفات الدولة بعيداً عن المزايدات والادعاءات، الاتهامات والاقصاءات.