11-01-2017 09:31 AM
بقلم : فرح ابراهيم العبدالات
من هي المرأة الحديديّة ؟ و ما هي الفكرة التي تبنّاها مجتمعنا العربي عن هذه المرأة التي لا تهاب شيئا ولا يهزّها شيء؟؟وهل هذه القوّة بالفطرة أم مكتسبة؟ وما دورها فى محيط أسرتها؟ وماذا عن الشكل السلبى للمرأة القوية؟وهل هذا النوع من النساء محبّبٌ عند الجنس الآخر أم لا ؟
إن المرأة القوية هى تلك المرأة التي تملك شخصية صلبة، وإرادة قوية جعلت الحديد يلين أمام صلابتها، فالمرأة صاحبة الشخصية الحديدية هي تلك المرأة القادرة على تعدي المحن بقوة، والوقوف أمام صعوبات الحياة بشجاعة يندر وجودها في بعض الرجال,هي التي لديها القدرة على أن تصل إلى ما تريد دون خلق المشاكل, أما شروط هذه المرأة فهى أن تعرف أولا ماذا تريد؟ وكيف تحقق ذلك؟ وان تكون لها إرادة متوافقة مع قيم المجتمع وآدابه،هي المرأة القادرة على الحبّ وإدارة غضبها وتقلبات مزاجها الدورية، كما أنها هي المرأة التى لا تغفل أنوثتها وتحافظ على حيويتها وبناء وحدة أسرتها ,هي نموذج رائع للمرأة المحبّة للحياة,المرأة القويّة و الذكيّة التي لا تنكسر أمام تيارٍ عاصفٍ من الخيانة و الوقاحة و الكذب و النفاق,ولا تسير مع تيّار النواقص و أنصاف الأشياء,فلا تسمح بأنصاف القلوب ولا بأنصاف الحياة أو حتى لأنصاف النجاحات و الطموحات و تحقيق الذات بالتواجد,المرأة القويّة هي التي تُؤمن بمقولة "تجري الرياح بما أرادت سُفُننا",هي الرّوح المتصالحة مع نفسها و مع واقعها,فلا تَجرَحَها توافه الأمور ولا يَهُزّها ريح معاكس لما أرادت, هي الجذابة والجميلة بالنسبة لجميع من حولها من الذكور والإناث على السواء، وتكون محل تقديرهم في المواقف المختلفة التي تظهر فيها شخصية تلك المرأة بشكل طاغي، كما أنّ حضورها يكون مميزاً دائماً،وملحوظاً من الجميع.
إن صفات المرأة القوية ليست بالفطرة ولكنها مكتسبة من خلال مراحل الطفولة والأجواء الثقافية المحيطة بها التى تشكل بدورها هذه الشخصية,أو حتى من الظروف القاسية التي من الوارد بأن تكون قد عاشتها في كثير من الأحيان,ظروف مادية اجتماعية أُسَرية نفسية و غيرها الكثير.. فهنالك أسر تصنع شخصية المرأة وتُغَذّي قوّتها واستقلاليتها و ثقتها, وهناك من الأسر للأسف من يحبطها ويقضي على مشاعر القوة لديها فتصبح ضعيفة تابعة..وعندما أقول "امرأة قوية "لا أقصد فيها العدوانية المتمردة المسترجلة من النساء, فالمرأة المُسترجِلة هي عادة ما تكون إمرأة مُهمِلَة لنفسها باردة المشاعر والأحاسيس، ولا تنتمي لعالم الأنوثة، فهي امرأة أقرب إلى عالم الرجال,أما المرأة القوية فلها تبعات و صفات تلتصق بها مثل الثقة العالية بالنفس,الأنوثة والجمال,الحَزم في المواقف,الدبلوماسية و اللباقة ,بالاضافة الى الارادة الفولاذية التي تتملّكها.
أما اذا تطرقتُ لرأي الجنس الآخر في الموضوع و في عالمنا العربي بالتحديد, فهنالك تضارب في الآراء وتناقض في الاهتمامات خاصة في ظل الانفتاح الذي يعيش فيه شبابنا في هذا الوقت بالتحديد,فمنهم من يُعجَب بالمرأة القوية المستقلة الناجحة,ومنهم من يخشَونَها و يحوّلون اتجاهاتهم الى الضعيفات منهن,برأيهم بأنهن من الممكن السيطرة عليهن بسهوله و تحقيق مرادهم بمجرد ان يرفعون من نبرة أصواتهم قليلا,فتخضع هذه المسكينة على الفور,أما من رأيي الشخصي إن سألتموني فإنني أرى بأنّ الرجل القوي يُغرَم بالمرأة القوية و يتزوّجها..يقدّر وجودها في حياته ويفخر بها,ويعلم في مكنون نفسه بأن تفوقها و استقلاليتها ما هو الا انعكاس لحسن اختياره وارتباطه بها أمام العالم أجمع,أما الرجل الضعيف,فيُعجَب بالمرأة القوية من بعيد ولكنه يختار الضعيفة’ يعلم بأن قُدُراتِه محدودة ولا تمنحه الجرأة للإرتباط بالقوية,خوفا من أن يتواجد "ديكَينِ" تحت سقف واحد,لو درى بأن الارتباط الصحيح لا تواجد للديوك فيه من الأصل,بل تكامل في الشخصيات و الآراء والأرواح..ولكن هل تدرون ما الجميل في الأمر؟ بأن جميع من حول هذه المرأة الواثقة مُعجبٌ بها في كل الأحوال,لكنها لا يُعجبها الجميع...فقط الرجال منهم.
بداخل كل إمرأة شخصية قوية، ولكنها لا تعرف كيفية اظهارها، ولكن المرأة التي عرفت جيدا مواطن قوتها واستطاعت الحفاظ على أنوثتها ورقتها رغم قناع الحديد الذي تغلف به شخصيتها، هي المرأة الجديرة بأخذ لقب "المرأة الحديدية" ,فتَملّكِي من الإرادة و الثقة و القوّة و النّضج الفكري بما يكفي حتى يتفتّت الصخر ما بين يدَيكِ ,فنحن ما خُلقنا لنكون نصف مجتمع,بل نحن هو المجتمع بذاته,إن أردنا ذلك.