09-12-2010 04:39 AM
كنت قبل أيام في ورشة عمل في الجمعية الثقافية للشباب والطفولة ،شارك فيها نخبة من طلبة الجامعات الأردنية ومن بين هؤلاء طالبة تركية تدعى هانم؛ هانم جاءت إلى الأردن لدارسة وتعلم اللغة العربية وذلك لفهم القران الكريم والإسلام بطريقة صحيحة، وكانت تتوقع قبل قدومها إلى الأردن أن ترى مظاهر الهوية العربية الإسلامية حاضرة بقوة في المشهد المحلي والعربي ولكنها تفاجأت بعكس ذلك، وبعد خمس سنوات من الإقامة في الأردن تقول ان الهوية العربية والإسلامية لم يبقى منها إلا ترداد ذكرها في الندوات والمؤتمرات والمحاضرات فتغير الشكل وغاب المضمون.
يشكل كلام هانم حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لما وصلت له موجة التغريب والتبعية الأخذة بالازدياد، فتغريب اللغة العربية والهوية العربية وتغريب المرأة العربية والمسلمة وصل الذروة، حتى اخذ الأمر ينسحب على جميع مجالات الحياة وبين جملة هذا التغريب تأكل التراث العربي وأصبح المحافظة عليه تخلفا ودعوة لذلك فلسفة، حتى أصبحنا اليوم نسير في الشوارع لا نشاهد إلا إعلانات المتاجر والمحلات باللغات الأجنبية وأصبحت اللغة العربية "قطيعة رزق" إذا كتبت على هذه الإعلانات، والملابس مكتوب عليها باللغات الأجنبية لا يفهم مرتديها إذا كانت ذما لهم أم مدحا المهم أجنبيتها، حتى غدا أكله وملبسه ومظهره العام على الطريقة الغربية والفتيات كذلك.
وما يُضاف إلى ذلك إقحام اللغة الانجليزية خصوصا أثناء الحديث ،فإذا قابلك أحدهم يقول لك :"hi" بدلا من رد السلام أو صباح الخير أو مرحبا وإذا غادر يقول لك:"bye" وكأنه شُطب من قاموسنا العربي مفردات التحية وما بقي إلأ إن نستوردها من هنا أو هناك، ولم تقتصر موجة التغريب على الحديث بل الكتابة أخذت نصيبها من التغريب باختراع لغة الشات : وهي كتابة الكلم العربية بأحرف انجليزية وأرقام وإدخال كلامات انجليزية أيضا وأصبحت الإملاء المعتمدة لدى الشباب ومن لا يتقنها ينعت بالتخلف، حتى أن احدهم أجاب على امتحان في احد الجامعات بهذه اللغة، ناهيك عن التقليد الأعمى في أفكار الغرب التي اثبت فشلها عند أهلها وتبناها أبنائنا بكل فخر واعتزاز، فلا يشاهد أبنائنا إلا الأفلام الأجنبية ولا يسمع إلا الأغاني الأجنبية.
هل سمعتم أو شاهدتم أن الغرب حاول جاهدا لتغير ثقافته وهويته بأخرى كما يحدث في الشرق العربي؟ إن جميع شعوب الغرب التي تحترم أنفسها لا تنطق إلا بلغتها فلا تستورد لغة أو ثقافة أو نمط حياة لتعتاش او تُجاري أو تتبع غيرها.
نحن امة كرمنا الله بان انزل علينا أخر كتبه " قرأنا عربيا ً" قائلا فيه :" كنتم خير امة أخرجت لناس" والمقصود في قول عز وجل العرب، فلماذا نجتهد في طمس هويتنا وثقافتنا ولغتنا العربية؟ انني أعي تماما حجم الغزو الثقافي للمشرق العربي الذي اخذ أشكالا من التبعية والتقمص والتقليد الأعمى وخصوصا عند شباب هذا الأمة فالمغلوب يطبق ثقافة الغالب، ولكن آلا من صحوة تردنا الطريق القويم؟ ألا يوجد من تيار مضاد يؤدي إلى نهاية تفسخ وتأكل ما تبقى من هويتنا العربية الجامعة؟ آلا يوجد من خطة ثقافية شاملة تضيق الفجوة الكبيرة بيننا وبين ثقافتنا وتاريخنا حتى غدونا بلا ماضي ولا حاضر؟! لذا فنحن مسؤولون جميعا شيباً وشباباً، رجالاً ونساء، أفرادا وجماعات، ومدارس وجامعات، وإعلام ومؤسسات، وحكومات وبرلمانات في المحافظة على ثقافتنا وتاريخنا وحضارتنا ولغتنا العربية من لعنة التغريب ونقمة التبعية، فهذه القضية قضية كل العرب اليوم. هانم ساءتها غربيتا... نحن العرب، وأمها تركيا ساءها ضعفنا وهزلنا...فهل ساءنا نحن العرب تردي أحوالنا ؟
M_2008shawabka@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-12-2010 04:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |