05-02-2008 04:00 PM
منذ أن وصلتني الأخبار من أهلي بالعريش ورفح عن أن هناك محاولات لتحطيم جدار الفصل اللإنسانى بين قطاع غزة ومصر، قررت على الفور التوجة إلى هناك على وجه العجل ، كي لا يفوتنى هذا الحدث الجليل ، وما أن بدأت الإعداد لهذا السفر المفاجئ إلا وجأتنى الأخبار عن الهاتف تزف ليي بشرى تحطيم ذاك الجدار الذي إقامتة إسرائيل للفصل بين الشعبين الشقيقين في كلا من مصر وفلسطين ، في هذه تحدثت مع إخواني في قطاع غزة عبر الهاتف كي أقف على حقيقة الوضع على الحدود وفى نفس الوقت كي أتعرف على ما يحتجونه من أغذية وأدوية ومستلزمات أخرى شحت عندهم واختفت بفعل ذاك الحصار الجائر الذي فرض عليهم تحت سمع ومرأى من العالم اجمع ، الذي وقف متفرجا على شعب يموت تحت وطأة الحصار شعب منذ عشرات السنين وهو ينكب النكبة تلو الأخرى شعب تأمرات عليه كافة الدول بضغط من أمريكا وورائها إسرائيل ، وفى مساء ذاك اليوم وصلنا إلى العريش ومنها إلى مدينة رفح الحدودية وبرفقتي الشاحنات محملة بالأغذية والأدوية وكافة المستلزمات التي طلبها إخواننا في القطاع ، في ذاك اليوم استطعنا بمعجزة لا استطع وصفها العبور إلى داخل قطاع غزة والتي استقبلنا فيها من قبل أهلنا وإخواننا المرابطين في ارض الرباط بمشاعر لا تصف الأقلام ولا تسع الصفحات كيف أصفها أو اعبر عنها ، كانت الدموع تملأ أعيوننا جميعا ونحن نحتضن بعضنا البعض لا تصدق أنفسنا إننا في ارض الرباط في قطاع غزة لم اصدق نفسي وإنا أقود سيارتي التي تحمل لوحات معدنية مصرية أنها تسير داخل قطاع غزة الذي لم تسير على طرقاته سيارة مصرية منذ قرابة 40 سنة مضت ، لا أستطيع أن اصف كيف كان أخوننا في القطاع يتزاحمون وهم يلتفوا حول هذه السيارة وتلك الشاحنات التي تحمل الأرقام المصرية ، لقد نسوا الجوع والمرض وأصبح كل همهم أن يصافحونا ويلتقطوا الصور التذكارية معنا وهم غير مصدقين أننا بينهم ووسطهم في شوارع رفح فلسطين أو دير البلح أو في خاننونس أو في ساحة الشهداء داخل مدينة غزة ، الجميع غير مدرك أن ما يراه هو حقيقة وواقع وليس حلم سراب صيف ، منذ أن دخلنا غزة وقد باشرتا مهامنا في توزيع تلك المعونات التي جلبنها من مصر لأشقائنا في العروبة و الدين في الدم والتاريخ و وحدة المصير ، وما أن انتهينا من ما أتنينا لأجله وقد حل بنا الظلام في غزة هاشم حتى رأينا بأعيننا كيف تعيش غزة وشعبها المقاوم في ظلمات ظالمة وكيف تستخدم لمبات والكلوبات الكيروسين في إنارة المستشفيات والمنازل والمحال التجارية ، إنها المأساة التي بدأنا ندركها ونحن في غزة، الجميع حولنا يصافحوننا ويقبلوننا وهم في حالة فرح لا تصفها كما قلت سابقا ابلغ العبارات وأجمل الكلمات ، ولكم أن تتخيلوا جميعا شيء لا يصدقة عقل إننا ما أن ندخل احد المطاعم وعلموا رواد هذا المطعم إننا من مصر وتجدهم جميعا وقد علا صوتهم فيما بينهم على من يستضيفنا عنده في تلك الليلة أنها ملحمة حب ووفاء وجدناها في أعماق شعب آبى أن يموت وأبى أن سيتسلم شعب حقا هو شعب جبار لا يكلأ ولا يخاف وهو يقاوم الاحتلال ، انه شعب أبيات الشعراء لا تصف صلابة هذا الشعب بكافة جموعة واطيافة ، لا تصف حب الشهادة وحب الأرض والوطن لدى هذا الشعب ، شعب تجرى في عروقة روح التضحية والفداء لأجل فلسطين ، تلك المشاعر أحسسناها ونحن نستمع لهم ونحدثهم ويحدثوننا سمعنا الكثير عن ما يعانونه وعن ما حل بهم من ظلم جائر بسبب هذا الحصار الذي فرض عليهم و قتل مرضاهم شيوخ وأطفال بسبب ندرة الأدوية والأمصال ، رمل نسائهم ويتم أطفالهم بفعل رصاصات الغدر من قبل عدوهم الغدار ، رأينا المرضى في المستشفيات لا يستطع احد أن يفعل لهم شيئا أو يقدم لهم عونا فلا دواء موجود ولا كهرباء تعمل الكل ينتظر الموت في تلك المستشفيات أطفال ونساء شيوخ ورجال فتيان وفتيات الكل قد اسلم نفسة لرحمة العلى القدير ، خرجنا من تلك المستشفيات لنرى كافة المحلات وقد خلت من السلع والبضائع حلت من اى شيى تستطيع شراءه إنها حقا مأساة وظلم جائر في حق إخوان لنا في العروبة والدين و وحدة المصير ، الجميع في غزة لا يعلم من أين سوف يأتي له الموت أبفعل صاروخ تطلقه طائرة إسرائيلية أو لغما في طريق أو سماً دسته في أبار الماء كي يشرب منه الجميع ، الموت تستطيع أن تحسه وتراه في غزه ، الجميع بلا استثناء يعلم أن الموت يتربص به في يومه وليله وأثناء سيره على الطرقات أو في الأزقة والممرات ، لقد رأيت بعيني ولم اسمع من احد كيف هو حال قطاع غزة فبرغم مليارات الدورات التي قدمت لهذا القطاع من قبل المانحين الدوليين فلا بنية تحية أقيمت ولا مدن سكنية شيدت ولا مستشفيات حديثة أنشأت ، حتى أن شبكة الكهرباء التي تغذى شوارع غزة ومنازلها هي تلك الشبكة التي كانت قبل حرب 1967تضيئ شوارع ومنازل القطاع ، برك الصرف الصحي والوحل تجدها في أماكن عدة واشهرها تلك البركة التي تقع خلف ضريح الإمام الشافعي في قلب مدينة غزة ، كنت أرى تلك الأشياء البشعة وأسأل من يرافقوني أين تلك المليارات التي قدمت من قبل المجتمع الدولي لكم منذ توقيع اتفاق اوسلوا 1994 لأعمار قطاع غزة ؟؟؟ فتأتيني الإجابة لك أن تسأل في ذلك السلطة الوطنية الفلسطينية وليس نحن !!!! ولكم جميعا أن تعرفوا شيئا هاما ألا وهو أن مجموع ما شيد من وحدات سكنية في القطاع منذ 1994 وحتى الأن يبلغ 600 ستمائة وحدة سكنية وزعت على أصحاب السلطة والنفوذ .. مستشفى الشفاء بحي الرمال في غزة والتي أنشأتها الإدارة المصرية قبل 1967 لم يصبها التطوير والتحديث برغم أنها المستشفى الرئيس في القطاع بأكملة ,,,, إن ما شهدناه فى الثلاث زيارات التقى قمنا بها إلى غزة خلال الأيام الماضية ليضعنا جميعا أمام حقائق هامة استطعنا أن نستخلصها في زيارتنا الثلاث ... أولى تلك الحقائق إن هذا القطاع قد جرى إهمالة بشكل جذري من قبل القائمين على أدارته منذ 1994 وحتى الأن ويشمل هذا الإهمال كافة أوجه البنية التحتية ، و عدم إقامة مشاريع تنموية تستوعب الأعداد الهائلة من الشباب الذين قتلت البطالة أمالهم وأحلامهم الأمر الذي جعلهم يلتحقون بالفصائل والتنظيمات المختلفة أملاً في الحصول على رواتب شهرية تعينهم على مواجهة ظروفهم المعيشية القاسية ..... أما ثاني هذه الحقائق أن الكثير من من تقابلنا معهم قد أكدوا لنا أنهم حينما أعطوا أصواتهم الانتخابية لحركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة كان ذلك كرد فعل من جانبهم على الفساد الهائل التي كانت تسبح فوقة السلطة الوطنية في قطاع غزة ذلك الفساد الذي ازكم أنوف السواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولكم أن تعلموا جميعا أن عدد أعضاء الجهاز الإداري في القطاع يبلغ 125000 موظف ثلثي هذا العدد وظائف وهمية وغير حقيقية ، أما ثالث تلك الحقائق أن الصراع بين فتح وحماس كان صراعا أيدلوجيا بصفة أساسية كانت تقف خلفه العديد من العواصم العربية والغربية وإسرائيل وان المشروع الوطني الفلسطيني لم يكن هو المحرك الأساسي لذلك الصراع الذي انتهى بسيطرة حركة حماس على قطاع غزة الشيئي اللافت للنظر والذي شاهدناه هناك أن الجميع شغلهم الشاغل هو الحديث في الأمور التي تمس الوطن بل والشيلى الذي يثير الغرابة والاندهاش أننا حينما كنا بضيافة بعض الأسر الفلسطينية وجدنا أن جزء من شباب تلك الأسرة ينتمون لحركة فتح والجزء الأخر لحركة حماس وجزء أخر للجبهة الشعبية هذا المشهد رأيناه في الكثير من العائلات والأسر التي قمنا بزيراتها بل والشيئي الأشد غرابة أننا عندما كنا نجلس في الليل حول نار التدفئة المشتعلة كنا نشاهد كافة هؤلاء الشباب وبرغم اختلاف انتمائتهم ما بين فتح وحماس والجبهة كنا نراهم وقد تناسوا تلك الانتماءات وتلك الاختلافات الايدولوجية حينما يكون الحديث منصبا على مواجهة الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وحينها تجد هؤلاء جميعا وقد اصهروا كرجل واحد في بوتقة الدفاع عن الأرض والعرض والوطن ,,,, انه حقا ملحمة شعب محاصر أجبره الحصار على فرم أوراق الشجر الجافة وشربها بدلا من السجائر التي لا توجد داخل القطاع وكذلك نشارة الخشب التي أضافوا لها الألون ورائحة الفواكة وشربت على الشيشة بدلا من كافة أنواع المعسل الذي لا اثر لها بالقطاع ، ولكم جمعا أن تتصوروا أن مادة الصواد التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية والتي تحظر إسرائيل دخولها القطاع لكم أن تتخيلوا أن إخواننا في القطاع قد استعاضوا عنها بدلا ماء النار المخفف في صناعة المشروبات الغازية بدلا من مادة الصواد ,,, إن إخواننا في غزة في معركة بين الحياة والموت هم يقاومون أملاً وطمعا في الذود عن وطنهم في وجه ذاك الاحتلال الغاشم الذي يتربص بهم في كل حين وفى كل مكان ، انه شعب جعله الحصار يصاب بكافة أمراض سوء التغذية التي ليس لها أدوية في مستشفيات أو صيدليات القطاع ,,,, أن إخوننا في غزة هم في حاجة ماسة لنا ، هم في حاجة كي نصرخ جميعا فتيان وفتيات رجلا ونساء ونقول لا لحصار إخواننا وأخواتنا في غزة ، لا لتجويع أهلتا في غزة، لا لقتل شعبنا العربي الأبي في غزة ، سوف يحاسبنا الله جميعا شعوب وحكام على صمتنا وتخذلنا بحق إخواننا في غزة ، سوف نسأل جميعا عنهم ماذا فعلنا كي نرفع عنهم الحصار ماذا فعلنا من اجلهم ..... حسام لطفى العكاوى- القاهرة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-02-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |