حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 33519

تسعة وثلاثون قرشا

تسعة وثلاثون قرشا

تسعة وثلاثون قرشا

01-02-2017 09:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د عودة ابو درويش
ارتفعت أسعار النفط عالميّا ، فتنادى أصحاب القرار لرفعها محليّا . ثم تنادت كلّ اللجان في الحكومة ، والتي يتأثّر عملها بهذا الرفع إلى عقد اجتماعات ولقاءات ثمّ مؤتمرات صحفيّة لتبرير هذا الرفع . ومن هذه اللجان لجنة تسعير أجور النقل بالمواصلات العامّة . وقد طلب رئيسها تجهيز القاعة المريحة وإرسال السيّارات الخاصّة للسادة أعضاء اللجنة كي يحضروا بالسرعة الممكنة من أجل إعادة تسعير الأجرة في وسائل النقل ، أي رفعها بنسبة معيّنة ، حيث أصبحت أجرة بعضها واحد وعشرين قرشا وبعضها تسعة وثلاثين قرشا وهكذا .
ما أن جلست على الكرسي في الحافلة التي كان عليّ أن أركبها من أمام الجامعة الأردنية إلى مجمّع الشمال ، حتّى صرخ معاون السائق بصوت عال مخاطبا الركاب الجدد بأنّ عليهم دفع أجرتهم . سألته عن المبلغ المطلوب منّي فأجاب أربعين قرشا . أعطيته و انطلق السائق بالحافلة وأخذ معاونه يتنّقل بين الركّاب حتّى إذا وصل إلى رجل يبدو أنّه موّظف حكومي ، تساءل بعد أن أعطى النقود للمعاون ، أليست الأجرة تسعة وثلاثين قرشا فأين اللوحة التي يجب أن ترشد الركّاب إلى المبلغ المطلوب منهم ، وأنّه ، أي الموظف الحكومي ، قد دفع أربعين قرشا ، فأين الباقي . عندها استشاط معاون السائق غضبا وقال وهل تعتبرني سارقا ، وهل يساوي القرش شيئا هذه الأيّام . عليك أن تتريّث قليلا يا أخي حتّى نجد قرشا فنعيده إليك . لكنّ الراكب لم يقتنع بالإجابة وكأنّه كان يريد أن يشكو أي شيء لأيّ أحد ، فانفجر غاضبا يسبّ ويلعن ويضع اللوم كلّه على أصحاب وسائقي الحافلات العامّة ومعاونيهم , وأنهم لا يراعون الناس البسطاء الذين يوّفرون من قوت يومهم ، كي يدفعوا أجرة المواصلات .
لكنّ سائق الحافلة ومعاونه لم يصمتوا إزاء الاتهامات الباطلة التي كان يوجهها الراكب إلى الفئة التي يمثّلونها وقالوا له أنّه إن أراد فيستطيع أن يشتكي لأي رجل من رجال السير عند دوّار الداخلية ، وهكذا كان . توّقف السائق بجانب شرطي السير ، وبسرعة أخذ الراكب الموّظف برفع صوته ويقول ، أريد أن أعرف هل نحن في دولة مؤسسات ، أم أنّها طاسه وضائعة ، أجرة النقل على هذا الخط تسعة وثلاثين قرشا ، وأنا دفعت أربعين ، فأين قرشي ، أنا أريد قرشي ، فهو حقّي ، وتساءل بغضب هل نعيش في دولة مؤسسات وقانون ، وأجاب من دون أن يسمع ردّ أحد ، سأعيد حقّي بالقانون .
كاد أن يشتبك بالأيدي مع السائق لولا تدخّل الشرطي الذي أمر سائق الحافلة بأن يركن حافلته على يمين الطريق ويعطيه الرخص والوثائق . نزل السائق ومعاونه والموّظف المشتكي وبدءوا يتحاورون مع الشرطي وكلّ واحد منهم يجزم بسداد رأيه ،غير آبهين بنا نحن الركّاب الذين يريدون أن يصلوا إلى أماكن سكناهم أو أعمالهم ولا يستطيعون أن يدفعوا أجرة حافلة أخرى إن هم غادروا هذه ، والتي كما كان يبدو ، فأن شرطي السير قد بدأ بإجراءات مخالفتها وربّما حجزها .
يا سادتي المحترمين ، أعضاء لجنة تسعير أجور النقل بالمواصلات العامّة . هل تم حلّ جميع المشاكل في وسائل النقل العام ولم يتبقّى إلا أن تضعوا هذا القرش الذي لا يساوي هذه الأيّام شيئا . أنا باسمي وأسم جميع المواطنين الأردنيين الكادحين الذين يستخدمون وسائل النقل العام ، أرجوكم مستقبلا ، وعندما تعيدوا النظر بالأجور ، أن لا تلتفتوا إلى القروش أبدا ، وأن تكون تسعيرتكم من فئة الخمسة قروش ، أي الشلن ، حتّى لا يحرج السائق مع الراكب الذي يطالب بحقّه بإعادة القرش المنهوب من قبل معاون السائق .








طباعة
  • المشاهدات: 33519
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم