حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,25 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22755

المناطق الآمنة .. خلاف في الرؤيا وصعوبة في التطبيق!!

المناطق الآمنة .. خلاف في الرؤيا وصعوبة في التطبيق!!

المناطق الآمنة ..  خلاف في الرؤيا وصعوبة في التطبيق!!

04-02-2017 08:56 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. زيد محمد النوايسة
لم يكن مفاجئاً أن تكون تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هي الاحتكاك الأول للرئيس الجديد مع الأزمة السورية؛ فمعظم الإشارات أثناء الحملة الانتخابية كانت تقدم هذا الخيار كوصفة أساسية لوقف تداعيات موجات اللجوء السوري التي داهمت أوروبا ودول الجوار اللصيقة بسوريا وتحديداً تركيا والأردن ولبنان؛ إذ يبدو أنه الحل الوحيد من وجهة نظر الإدارة الجديدة وضمن توصيف محدد "المناطق الآمنة" وهي تختلف تماما عن تلك المناطق الذي ظلت الدول الإقليمية المنخرطة في الصراع السوري والمعارضات السورية على اختلافها وتناقض مشاريعها تطالب بها كمدخل لعزل النظام السوري وإعادة إنتاج مشهد المنطقة الآمنة والعازلة عسكرياً التي فرضها مجلس الأمن في مدينة بنغازي الليبية والتي كانت مدخلاً لإسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لأحقاً.
روسيا الطرف الدولي الرئيسي في المشهد السوري لم يرفض هذه المنطقة بشكل قاطع هذه المره ولكنه اشترط موافقة الحكومة السورية عليها وعلى ألا تتجاوز الدور الأنساني المحض للاجئين وأن تناط المهمة بالأمم المتحدة ويبدو ان روسيا تعتقد أن هناك صعوبة في الفصل بين المناطق الآمنة لأغراض إنسانية والمناطق الآمنة لأغراض عسكرية لأن ذلك يعني عملياً تحييد مساحات جغرافية عن الأعمال العسكرية ( وهو ما لا تريده قبل اكتمال المشهد العسكري على كل الجغرافيا السورية) قد يلتزم بها النظام السوري بضمانة روسيا ولكن المعارضة المسلحة التي تعيش اليوم حالة انقسام وتقاتل وتعدد مرجعيات دولية وإقليمية فمن يضمن التزامها؟! وهذا بالمناسبة مرد قلق مشترك للجارين الحدوديين الرئيسيين تركيا والأردن!!
التطورات اللاحقة في المشهد السوري سياسياً وعسكرياً نتيجة التقارب الكبير حد التطابق بين روسيا وتركيا والاستدارة التركية شبه الكاملة في الملف السوري والتقدم الكبير للقوات الحكومية السورية في حلب وريفها؛ تجاوزت عملياً فكرة المناطق العازلة التي تحمست لها كل الأطراف المنخرطة في مشروع أسقاط نظام الرئيس الأسد فالقوات النظامية تسيطر على مدينة حلب وجزءاً كبيراً من ريفها وهي تتجه على ما يبدو نحو مدينة الباب التي تشكل معقلاً لتنظيم "داعش". ويبدو أن القوات التركية التي تسعى للوصول الى مدينة الباب تلقت وعودا روسية قاطعة بأن تقدم القوات السورية نحو المدينة وتحريرها من "داعش" لن يكون بالتنسيق مع القوات الكردية مطلقاً. تركيا عسكريا اليوم تتواجد في المنطقة الواقعة بين مدينة حلب ومدينة منبج التي حررتها القوات الكردية التي تتلقى الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية. وبين عفرين المدينة الكردية شرقاً وعين العرب غرباً. ويبدو أن الحسابات التركية لذلك التدخل العسكري إنطلقت في الأصل لمنع تشكل كيان كردي فاعل جغرافياً على الأرض ولكن كان التسويق السياسي لها هو محاربة تنظيم وعصابة داعش الإرهابي الذي ظلت العلاقة التركية معه محط التباس كبير منذ ظهوره!!
بالعودة لفكرة المناطق الآمنة فمن الواضح أن المهم هو ردة فعل الطرفين الرئيسيين وموقفهم من الفكرة وهم الأتراك والأردنيين وليس بقية الأطراف المنخرطة في الصراع الذين حددت مهمتهم بالتمويل المالي فقط كما جاء في إعلان الرئيس الأمريكي، فالأتراك رحبوا بالفكرة بتحفظ والاستفادة بالنسبة لهم مالية فقط لدعم عودة اللاجئين الى المناطق الشمالية وأن كانت تركيا معنيه بتعزيز التواجد السني بشكل أكبر لتوظيفه في معركتها مع الأكراد.
لكن الأتراك اليوم ماضون في تحالفهم مع روسيا دون أدنى شك وهناك قلق كبير لديهم من الخطوة الأمريكية المنتظرة بإعلان جماعة الأخوان المسلمين تنظيماً أرهابياً والذي سينعكس عملياً على الأرض في سوريا من ناحية الفصائل ذات المرجعية الأخوانية والتي لا تخرج عن بيت الطاعة التركي والقطري بالمطلق؛ بالإضافة لتنامي العلاقات الأمريكية الكردية وتعاظم التنسيق بينهما ولعل إشارة الرئيس التركي الواضحة قبل أيام حول الأخبار التي تصل أليه من واشنطن من أن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها مخططات جديدة للمنطقة وهو ما ترفضه تركيا وأنه سيتحدث مع الرئيس ترامب بوضوح حال حدوث اللقاء القريب مع الرئيس في وأشنطن؛ ولا يمكن هنا أن نقفز على تداعيات المعارك والانشقاقات الدائرة الآن في ريف حلب وأدلب بين الفصائل المسلحة والتي تتعدد اسماءها ومرجعياتها الفكرية والسياسية والاستخبارية والتمويلية في مشهد يوحي بإعادة انتاج حروب الأخوة الأعداء "الأفغاني" وسيكون سبباً أخر لتركيا لاستكمال الاستدارة بما فيها عدم الحماس لفكرة المناطق الآمنة!!
أردنياً وهو المعني بالجبهة الجنوبية التي اتسمت بالهدوء وخضعت للتفاهمات الروسية الأردنية وبمباركة أمريكية التي جمدت الجبهة الجنوبية فترة طويلة وبتوافق مع النظام السوري بشكل غير مباشر الذي أستطاع في مرحلة زمنية اعتبار درعا بصيغة أو أخرى مشكلة أردنية بعمق خمسين كم. ولعل المشكلة هنا التداخل القريب جداً بين القوات الحكومية والمعارضة حتى ضمن المدينة نفسها كما هو حاصل في مدينة درعا وبقية القرى. ويبدو ان الأردن مرتاح لهذا التوافق ويراهن على قدرة روسيا في تجنيب المنطقة الجنوبية سيناريو حلب حتى لا تداهم موجات اللجوء والهروب الأردن الذي بات اليوم معنى بوجود القوات السورية على حدوده وهو ما تشي به الإشارات والرسائل الأردنية منذ أكثر من شهر. لكن الأردن سيتردد على ما يبدو في إدارة المنطقة الآمنة فيما لو أقيمت على حدوده فذلك يعني انخراطه عسكرياً وهو الأمر الذي ظل بعيداً عنه بشكل مباشر بالرغم من الحديث السوري الرسمي عن غرفة العمليات العسكرية “موك" والتي يبدو أنها أصبحت من الماضي بالإضافة لوجوده ضمن دائرة الاستهداف المباشر من عصابة داعش التي تبعد كم واحد عن حدوده ودخوله يعني تشتيت الجهد العسكري، ويبدو أت هناك رأي سياسي داخل دوائر صنع القرار السياسي في عمان يدعو بوضوح لعودة اللاجئين السوريين لمناطقهم التي أصبحت تحت سيطرة النظام وهو أفضل من أقامة مخيمات بشرية تحت أي أشراف بما فيه الأمم المتحدة فالصورة المأساوية لمخيم الركبان مآثلة للعيان وتختصر نتائج تلك التجارب!!
المشهد في سورياً يتغير، هناك وقف أطلاق للنار تم تعزيزه والتوافق عليه في أستانا في العشرين من كانون الثاني الماضي وجاء قرار مجلس الأمن الذي بارك مخرجاته والتي تضمن وقف اطلاق نار دائم واستثناء التنظيمات المقررة أممياً بأنها إرهابية "داعش" و"النصرة"، واستكمال المصالحات في وادي بردى ودرعا وتقدم الجيش السوري في مناطق عديده فرصة مؤاتية لتأجيل فكرة المناطق الآمنة أو الغائها كلياً لأن العسكريين يؤكدون أن إعلانها يعني بالضرورة أمريكيا الاشتباك العسكري وهو ما توفره الإدارة الأمريكية لضرب وانهاء تنظيم داعش. لكن الاستدراك هنا في غاية الأهمية فنحن في المشهد السوري ورماله المتحركة لا نملك ألا الانتظار والأمل بالوصول لتسوية تخرج سوريا والمنطقة من أزمة طالت واستطالت تداعياتها!!








طباعة
  • المشاهدات: 22755
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم